16 / 1 / 2010
خطاب فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه .. وبعد ..
أيها السادة الأعزاء : الأخوة الكرام والأخوات الفضليات ..
أحييكم بتحية الإسلام العظيم فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
شاءت إرادة الله عز وجل أن أتحمل هذه المسئولية الجسيمة، على غير تطلع منى، ولا تميز أو فضل لى، لكنه تقدير الله والتكليف الذى لا أملك معه غير النزول عنده، مستعينا بالله، ومستلهما منه التوفيق، وواثقا من معونتكم ومساندتكم، لتحقيق الأهداف السامية التى نذرنا أنفسنا وجهودنا لأجلها ابتغاء فضل الله ورضوانه .
الأخوة الكرام .. والأخوات الفضليات ..
- فى بداية حديثى أتوجه إلى أستاذنا وأخينا الكبير ومرشدنا الكريم الأستاذ محمد مهدى عاكف المرشد السابع للجماعة الذى قاد السفينة وسط العواصف والأنواء، وتجاوز بها العقبات، ثم قدم هذا النموذج الفريد لكل القادة والمسئولين فى الحكومات والهيئات والأحزاب بالوفاء بعهده، وتسليم القيادة بعد فترة واحدة، فتعجز كل كلمات اللغة عن التعبير عما فى صدورنا من حب وتقدير لهذا المرشد ، ولا نملك إلا أن نقول : جزاك الله خيرا وأثابك بفضله ثواب الصديقين ..
- ونقول لإخواننا الأحبة من الإخوان المسلمين المنتشرين فى أرجاء الدنيا كم كنا نتمنى أن يتم هذا الحدث الكبير وأنتم بيننا ومعنا ، ولكن إن غابت الأجساد فالأرواح تتلاقى، ودعواتكم تحملها الملائكة ونصائحكم واقتراحاتكم ننتظرها ونسعد بها .
- وأما الأحبة الذين غيبتهم يد الظلم والاستبداد خلف الأسوار بغير حق إلا أنهم قالوا ربنا الله، وسعوا فى إعزاز وطنهم وتقدم أمتهم فإننا نقدم لهم خالص التحية على صبرهم وثباتهم وتضحياتهم التى نثق أنها لن تذهب هدرا ولن تضيع سدى ورجاؤنا فى الله كبير أن يفئ الظالمون لرشدهم، ويعودوا لصوابهم ونراكم معنا تكملون المسيرة وتدعمون الدعوة، والله يحفظكم ويرعاكم .
الأخوة الكرام .. والأخوات الفضليات ..
تعلمون جميعا أن هدف الإخوان الأسمى هو الإصلاح الشامل الكامل، الذى يتناول الأوضاع الحالية بالإصلاح والتغيير ( إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ )(هود: من الآية88)، وبالتعاون مع كل قوى الأمة المخلصة، وأصحاب الهمم العالية من المحبين لدينهم ولأمتهم .
ويعتقد الإخوان المسلمون أن الإسلام العظيم قد وضع الله فيه كل الأصول اللازمة لحياة الأمم ونهضتها وإسعادها، ولهذا جعلوا الإسلام مرجعيتهم ومنطلقهم نحو تحقيق الإصلاح، الذى يبدأ من نفوس الأفراد، فيتناولها بالتهذيب والتربية، مرورا بالأسر والمجتمعات بتقويتها ورفع المظالم عنها، وجهادا متواصلا لتحرير الوطن من كل سلطان أجنبى وهيمنة فكرية وروحية وثقافية واستعمار عسكرى واقتصادى وسياسى، ووصولا إلى قيادة الأمة إلى التقدم والازدهار وأخذ موقعها المناسب فى الدنيا وقد كان من نتائج هذا الفهم الشامل للإسلام أن وصف الإخوان بأنهم دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية، والقرآن العظيم ينطق بذلك كله فى قوله تعالى ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ (القصص: من الآية77)
وهم يدركون أن القرآن الكريم والسنة الصحيحة قد تضمنا القواعد الكلية فى سائر الشئون، وبقى على الأمة أن تتلمس الأصلح لها فى ضوء هذه القواعد من البدائل المختلفة والخيارات الفقهية التى تتغير بتغير العرف والعادات والزمان والمكان .
الأخوة الكرام .. والأخوات الفضليات ..
مع وضوح فكرتنا ومقاصدنا وأهدافنا، فإن كثيرين يحاولون تعريفنا بغير ما نحن عليه، وينسبون إلينا ما ليس من أهدافنا ومقاصدنا، مما يفرض علينا أن نكرر بين الحين والآخر تعريف الناس بنا وبمبادئنا وثوابتنا ومواقفنا من القضايا المطروحة، حتى يستبين الحق للجميع .
وأقول فى البداية للذين يتحدثون عن وحدة الجماعة وتماسك صفها : إن الذين يعملون لربهم ولدينهم ولأوطانهم بإخلاص لا يمكن إلا أن يكونوا صفا واحدا، وإن تنوعت آراؤهم، وتفاوتت بعض اجتهاداتهم، ولا يعرف الإخوان على حقيقتهم من يتصور أن اختلاف الرأى بينهم يمكن أن يفسد الود، أو يؤثر فى صدق الحب، وقد عاهدنا وبايعنا جميعا ربنا عز وجل أن نعمل فى سبيله صفا كالبنيان المرصوص .
ويعمل الإخوان بالحب والأخوة طبقا لأعراف مستقرة ولوائح وقواعد منظمة لعمل الجماعة، وهذه بالضرورة محل مراجعة وتطوير مستمر لاستدراك الأخطاء البشرية والقصور الإنسانى، فى مرونة لا تناقض الثوابت، ولا تنقض المبادئ، والإخوان فى هذا الصدد يقبلون النصيحة ويستفيدون الحكمة من الجميع وشعارهم "رحم الله امرءا أهدى إلىّ عيوبى" .
الأخوة الكرام .. والأخوات الفضليات ..
أحب أن أؤكد لحضراتكم على ما يلى :
· نحن جماعة من المسلمين ولسنا جماعة المسلمين كما يروج الذين لا يعرفون دعوة الإخوان، فالإسلام أكبر من أن تحتكره جماعة، ، وبفضل الله سبحانه وتعالى تلقى دعوة الإخوان تعاطفا شعبيا واسعا فى كل بلدان العالم العربى والإسلامى لأنها دعوة وسطية تستقى من النبع الصافى القرآن والسنة .
- إن دعوتنا وحركتنا سلسلة متصلة الحلقات، يبنى فيها اللاحق على جهود السابق وشعارنا ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ (الحشر: من الآية10)
- إننا نؤمن بالتدرج فى الإصلاح، وأن ذلك لا يتم إلا بأسلوب سلمى ونضال دستورى قائم على الإقناع والحوار وعدم الإكراه، ولذلك نرفض العنف وندينه بكل أشكاله سواء من جانب الحكومات أو من جانب الأفراد، أو الجماعات أو المؤسسات .
- يرى الإخوان المسلمون أن نظام الحكم يجب أن يحافظ على الحريات الشخصية والشورى (أو الديمقراطية) واستمداد شرعية السلطة من الأمة وتحديد السلطات والفصل بينها وهم لا يعدلون بذلك بديلاً، ومن هذا المنطلق فهم يشاركون فى الانتخابات العامة ويطالبون بإصلاح الحكم من خلال الوسائل السلمية المتاحة، ومنها العمل البرلمانى، والأهلى، ويعتبرون ذلك واجبا يمليه عليهم فهمهم لدينهم وإخلاصهم لوطنهم .
- أما موقفنا من الأنظمة القائمة فى بلادنا، فنحن نؤكد أن الإخوان لم يكونوا فى يوم من الأيام خصوما لها، وإن كان بعضها دائم التضييق عليهم والمصادرة لأموالهم وأرزاقهم والاعتقال المستمر لأفرادهم، لكن الإخوان لا يترددون أبدا فى الكشف عن الفساد فى كل المجالات، ولا يتأخرون فى توجيه النصائح وتقديم المقترحات للخروج من الأزمات المتلاحقة التى تتعرض لها بلادنا، ويربون أبناء وبنات الأمة على الأخلاق والفضائل والنفع للغير ، وهذا كله يصب فى مصلحة الوطن والمواطنين ومؤسسات الدولة .
- ويرى الإخوان أن الأصل فى موقفهم من الأنظمة ، أنهم يؤيدون الحسن ويعارضون السئ ، ومن ثم فإنهم حينما يعارضون لا يعارضون لمجرد المعارضة .
- أما إخواننا المسيحيون فى مصر والعالم العربى والإسلامى فموقفنا منهم واضح تمام الوضوح فهم شركاؤنا فى الوطن وبناء حضارته، وزملاؤنا فى الدفاع عنه، ورفقاؤنا فى تنميته والنهوض به، والبر بهم والتعاون معهم فريضة إسلامية ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾(الممتحنة:8)
- ويرى الإخوان أن المواطنة أساسها المشاركة الكاملة والمساواة فى الحقوق والواجبات، مع بقاء المسائل الخاصة (كالأحوال الشخصية) لكل حسب شرعته ومنهاجه .
- وبهذه المناسبة فالإخوان يرفضون ويدينون بكل قوة كافة أشكال العنف الطائفى الذى يحصل بين الحين والآخر، ولا يترددون فى إعلان موقفهم الرافض لهذه الحوادث المؤلمة فى كل وقت، فالنصارى يمثلون مع المسلمين نسيجا اجتماعيا وثقافيا وحضاريا واحدا تداخلت خيوطه وتآلفت ألوانه وتماسكت عناصره عبر القرون والأجيال ، كما أنهم يدعون إلى بحث أسباب التوتر الكامن بصراحة كاملة ووضع الحلول التى تزيل كل الحساسيات وتعيد إلى الجسد الوطنى صحته وعافيته .
- وفيما يتصل بالمرأة فالإخوان قد بينوا قبل ذلك فى وثيقة المرأة كافة حقوقها فى المجال السياسى والاقتصادى والاجتماعى "إنما النساء شقائق الرجال"، ونحن ندعو المرأة المسلمة لأن تقوم بدورها العام ولا تغيب عن المجتمع ولا عن القضايا العامة لمصلحة شعوبنا العربية والإسلامية .
- إن الشورى (أو الديمقراطية) هى وسليتنا الأساسية التى نجاهد لإقرارها وتدعيمها، وكل مؤسسات الجماعة يتم بناؤها على أساس من هذه الممارسة بدءا من مجالس إدارات الشعب، حتى مكتب الإرشاد العام، وينبه الإخوان أن الشورى فى جوهرها تعنى احترام الرأى الآخر ثم الالتزام برأى الأغلبية .
- أما القوى الإسلامية والقومية والوطنية والأحزاب السياسية والنخب الفكرية والثقافية، فالإخوان يؤمنون تماما أن الجميع لابد أن يكونوا شركاء فى النهضة والإصلاح وهم يمدون أيديهم للجميع، ويرفضون إقصاء أحد أو استثناء أية هيئة أو تهميش أى دور، ويقبلون بتعدد الأحزاب، ووجوب إطلاق تكوينها بلا قيود ما دامت فى إطار الدستور، ويؤمنون بتداول السلطة عن طريق الانتخابات الحرة النزيهة ، فالأمة مصدر السلطة، وإصلاحها مسئوليتنا جميعا بلا إقصاء ولا استثناء.
- يضع الإخوان المسلمون قضية فلسطين فى أولويات اهتمامهم ويرونها قضية الأمة الكبرى، وأن أرض فلسطين بمقدساتها والمسجد الأقصى فى القلب منها هى أرض العروبة والإسلام، ولا يدخرون جهدا فى الدفع بهذه القضية لتكون فى صدارة اهتمام الأنظمة والشعوب حتى تتحرر فلسطين ويتحقق الأمل بإذن الله .
- يقف الإخوان المسلمون دائما إلى جانب أمتهم الإسلامية والعربية داعمين لقضاياها ومساندين لمواقفها العادلة، ولا يترددون فى تقديم النصح لكافة الأنظمة والهيئات الإسلامية والعربية على المستوى الرسمى والشعبى، ولا يمتنعون من التضحية فى سبيل أمتهم متى اقتضى الواجب ذلك، ويحملون دعوة الوحدة والتقارب والتعاون بين الدول الإسلامية والعربية لمقاومة مشروعات الاستعمار والهيمنة الصهيونية والغربية، والدعوة إلى لم الشمل وتوحيد الصف وحل الخلافات العربية والإسلامية داخل الدول وفيما بينها عن طريق الحوار لا عن طريق السلاح، وهنا نذكر إخواننا فى اليمن والسودان والصومال والعراق ولبنان وأفغانستان وباكستان بأن الطريق لسلامة وأمن شعوبهم لا يكون إلا عن طريق الحوار والتوافق لما فيه مصلحة هذه الشعوب العزيزة .
- وموقفنا من النظام العالمى الذى تقوده أمريكا والغرب واضح جلى، فنحن لسنا فى خصومة مع الشعوب الغربية، ولكن خصومتنا مع هذه النظم العالمية التى ارتضت لشعوبها الحرية والديمقراطية، واستكثرت ذلك على شعوبنا، واستغلت قوتها المادية لفرض سيطرتها على بلادنا وعلى قرارنا، وزرعت ورعت الكيان الصهيوني ليكون شوكة فى جسد الأمة العربية والإسلامية، وتتعامل مع قضايانا العادلة بمكيالين، وتسعى لإلغاء قيمنا وثقافتنا وهويتنا الإسلامية لحساب قيمها الغربية وتسعى لتدمير الإيمان والأخلاق فى بلادنا ، ومن هنا فنحن ندعو الأمة للتوحد فى مواجهة المشروع الصهيونى الأمريكى والتعالى على كل الخلافات المذهبية والتسامى عن التمسك بالنعرات العصبية وعدم السماح مطلقا بضرب أو احتلال أية دولة عربية أو إسلامية وتفعيل مواثيق منظمة المؤتمر الإسلامى والجامعة العربية وتفعيل معاهدات الدفاع المشترك فى مواجهة قوى البغى والطغيان العالمى .
- ونحن ندعو هذه النظم العالمية لأن تلتزم بميزان العدل والحق، وبسط قيم الحرية والعدالة فى أرجاء الأرض فذلك هو الكفيل بإحلال السلام العالمى وتحقيق التعاون بين شعوب الأرض «كُلُّكُمْ بَنُو آدَمَ، وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ» (البزار)، «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾[الحجرات آية 13] فَلَيْسَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ فَضْلٌ، وَلا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ فَضْلٌ، وَلا لأَسْوَدَ عَلَى أَبْيَضٍ وَلا لأَبْيَضَ عَلَى أَسْوَدَ فَضْلٌ إِلا بِالتَّقْوَى» (الطبراني) .
الأخوة الكرام .. والأخوات الفضليات ..
إننا ننظر إلى المستقبل بأمل وترقب ..
إن الأمل هو شعار المؤمنين الصادقين، وهو زادنا فى مسيرتنا الطويلة الممتدة فالعمل مع الأمل .. والحب مع الإخاء هما وسيلتا الإخوان لمواجهة الصعاب وأن اليأس ليس من صفات المؤمنين، ولأن القعود ليس من شيم المجاهدين .
وأما الترقب فإنه يجمعنا مع كل المصريين والعرب والمسلمين، بل الإنسانية جمعاء من أجل مستقبل أفضل للعالم الذى تهدده النزاعات والأوبئة والأمراض، ويشفق عليه العلماء من الاحتباس الحرارى والتصحر والجفاف، وتقوده إلى مصير مجهول ممارسات خاطئة للقوى الكبرى التى أرادت الانفراد بمقود البشرية بعد أن ظنت أن الأرض قد دانت لها بغياب أقطاب أخرى فإذا بالنتيجة بحور من الدماء والأشلاء فى أنحاء متفرقة من العالم الإسلامى فى أفغانستان والعراق والسودان والصومال وفلسطين ولبنان، وأزمات اقتصادية كلما أوشكت إحداها على الانتهاء أخذت بخناقها أخرى ليعيش الناس فى قلق بالغ وتوتر شديد على مستقبلهم ومستقبل أولادهم، ويشعرون أن وراء الأكمة ما وراءها وأن هناك من يختلق الأزمات ..
الأخوة الكرام .. والأخوات الفضليات ..
إن مصر والعرب والمسلمين بل والناس أجمعون لينتظرون منكم الكثير والكثير وأنتم – بإذن الله – أهل لتلك المهمة الثقيلة، وقادرون على حمل تلك التبعة الخطيرة، وتاريخكم يشهد لكم بالصبر والاحتمال، والعمل والإنتاج، رغم ما يثار حولكم من شبهات ورغم ما حدث من هنات وأخطاء .
قدموا للعالم الإسلام الحقيقى .. إسلام الاعتدال والتسامح، إسلام احترام التعددية فى العالم أجمع .. إسلام التعارف والتعاون على خير البشرية أجمع .
اسلكوا كل طريق، واستخدموا كل الوسائل والوسائط المشروعة لنشر دعوة الإسلام فى العالمين .. جاهدوا الجهاد الحق (وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً)(الفرقان: من الآية52) جهاد الدعوة والبيان .. بالقلم واللسان .. وبكل أنواع الفن الهادف ووسائله النظيفة .. بكل طريق لتوضيح حقائق الإسلام ورد الشبهات عنه، وشعاركم فى ذلك قول الحق (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )(النحل: من الآية125) وقوله تعالى (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ )(العنكبوت: من الآية46) .
ربوا أنفسكم على الفضائل والكمالات .. والخلق القويم، وكونوا شامة بين الناس، تدلونهم على الله عز وجل بالقدوة الحسنة والسلوك المستقيم وساهموا مع غيركم فى إصلاح النفوس وتهذيب الأخلاق .
وتعانوا مع كل العاملين للإسلام على البر والتقوى، بل تعاونوا مع كل المؤمنين فى العالم أجمع من أجل نصرة الحق ورد الباطل وحماية الإيمان ومحاربة الكفر والإلحاد .
أصلحوا أنفسكم وبيوتكم وسارعوا فى الخيرات لإصلاح المجتمعات وقفوا بجوار المظلومين فى كل مكان لرد الحقوق المغتصبة ورد المظالم عن الناس .
أقبلوا على القرآن العظيم والسنة النبوية المشرفة وسيرة النبى الأمين وسير العظماء والمصلحين، تدارسوها واستفيدوا منها وصححوا مسيرتكم باستمرار واعملوا فإن الله ينظر إلى أعمالكم ولا ينظر إلى صوركم . وترقبوا نصر الله، وما هو ببعيد : ( وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)(الروم:5) (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(التوبة:105) صدق الله العظيم
( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)(يوسف: من الآية21)
بسم الله الرحمن الرحيم