قال الكاتب الصحفي وائل قنديل إنه في الوقت الذي يزعم فيه حواريو قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي أنه لا ينام سوى بضع ساعات في اليوم- في إشارة لتصريحات عراف الانقلاب حسنين هيكل- باغتت أديس أبابا الجميع، بتحويل مجرى النيل، ناحية سد النهضة، متسائلاً: "ماذا لو كان الرجل ينام عميقًا؟".
 
وأضاف قنديل خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد" اليوم الاثنين، أن تحويل مجرى النيل إجراء خطير، يعني أن الحكومة الإثيوبية لم تعد تحسب حساباً لردود أفعال من جانب دولة المصب، والأرجح أنها باتت على ثقة بأن النظام المصري مهتم أكثر بمحاولاته الصبيانية لاغتيال شباب الثورة وتصفيتهم، كما جرى مع الصحافي الشاب، أحمد جمال زيادة، والإمعان في التنكيل القضائي بالمنتمين للثورة، كما جرى، أمس، بالتشبث بحبس ماهينور المصري وزملائها، وقتل الفلسطيني المعاق على الحدود، كي تنام إسرائيل قريرة العين، ومواصلة الكفاح ضد ميكروفون قناة الجزيرة، الذي بات يطارد وزير الخارجية المصري، أينما حل.
 
وأوضح أن نظام الانقلاب في مصر مستغرق تماماً في حربه على الإنسان، وعلى الحريات، وكفاحه ضد الديمقراطية، فيبدو الجهد الذي يبذله في مراقبة إسراء الطويل في محبسها المنزلي، أو في تحدّي إرادة الطلاب والعبث بنتائج انتخاباتهم، وإصدار فرمان عسكري يحرمهم من التنقل والسفر، إلا طلباً للعلاج والحج والعمرة وزيارة الوالدين، والحديث عن عبقرية الحكومة وأفضالها في المؤتمرات الدولية.. يبدو هذا الجهد أكبر بكثير من المبذول في متابعة قضية سد النهضة، وما يتولّد عنه من أخطار العطش والجفاف.
 
وأشار إلى أن نخبة عبد الفتاح السيسي مشتبكة وغارقة حتى الأذقان في عدد ساعات نوم جنرال الضرورة. هيكل يقول للميس إنه ينام ساعتين فقط، ومصطفى بكري يقول لنفسه إنه ينام أربع ساعات في اليوم، وباقي اليوم شغل من أجل مصر.. متسائلا: "هل في أي مكان في العالم، من الأول إلى ما بعد الثالث، سمعت عن اشتعال المجتمع السياسي جدلاً بشأن نوم الرئيس، من خلاف حول عدد الساعات، إلى القلق على صحته الجسدية والذهنية؟".
 
وتابع: "الرئيس لا ينام، تلك هي أم القضايا، التي ينبغي أن تكون وحدها موضع الاهتمام والقلق، لا سد النهضة، ولا الخراب الاجتماعي والسياسي، ولا الفساد الذي بلغ حجمه 600 مليار دولار، وفق الجهاز المركزي للمحاسبات، حتى تشعر من فرط انزعاجهم أنهم ربما يدعون إلى مليونية ترفع شعار "الشعب يريد تنويم الرئيس"، وقد يتوافقون على تسيير دوريات لمثقفي السلطة، تتولى مهمة نوم الرئيس، يقصون عليه الحواديت ويهدهدونه ويعزفون الموسيقى الهادئة، ويغلون اللبن ويقدمونه إليه دافئاً، كي ينام ملء جفنيه".
 
واستدرك: "نشكر الأستاذ هيكل على هذه المعلومة، ونهدي إلى إنسانيته الوافية معلومة شبيهة، تقول إن أكثر من خمسين ألف سجين ومعتقل سياسي لا ينامون في الزنازين، ليس أرقًا أو قلقًا، وإنما لأنهم محرومون من أبسط أدوات النوم، إذ تمنع عنهم سلطات السجون البطاطين.. هل يعلم الأستاذ هيكل أن السلطات صادرت لوحًا ورقيًّا من الوزير السابق، أستاذ الهندسة، محمد علي بشر، كان ينام عليه فوق بلاط الزنزانة؟".
 
واختتم قنديل مقاله: "حسناً، هناك حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، دشنها مواطنون تحت عنوان "الدفء للمساجين"، تهدف إلى توفير الأغطية لمن لا ينامون من البرد خلف الأسوار، يمكنكم الاستعانة بالفكرة لتدشين حملة قومية كبرى ترفع مطلب "النوم للجنرال"، لأن مصر تحتاج فعلاً أن ينام، ففي نومه نوم للفشل ونوم لقلّة الحيلة ونوم للأوهام.. افعلوا شيئًا كي ينام الليل كلّه وبعض النهار، أيها السادة، إذا كانت يقظته تُحدث كل هذا الخراب.. نومه فعلا مطلب وطني، فضلاً عن أنه عبادة بالطبع!".