8/10/2009

حازم سعيد :

بداية لا يظنن أحد أنى أقصد العودة من النقاب للخمار ، فالنقاب في رأي فريق من العلماء فريضة وفى رأى الفريق الآخر مستحب ، وما كان لأحد من الإخوان أن يدعو إلى النزول عنه بحال من الأحوال ..
وإنما الدعوة هي لفريق من أخواتنا المسلمات نزلن عن الخمار إلى أشكال أخرى من الحجاب تتفاوت فيما بينها تفاوتاً ملحوظاً في درجة قربها من مواصفات الزى الشرعي المطلوب للمرأة المسلمة ، ويجمعها في الأغلب الأعم وصف الزينة ..

وحين تحاور إحدى فضلياتنا اللاتي اتخذن هذا الزى ملبساً لهن تحدثك عن مواصفات الزى الشرعي وأنه ينبغى أن يستر الجسد ولا يصفه ولا يشف ما تحته .. وتكتفي من شروط الزى الشرعي للمرأة المسلمة بهذه  .. وتنسى – أو تتناسى – بقية المواصفات التى سأوضحها إن شاء الله فى هذا المقال .

وأما دعوتي هذه فلما رأيته وأراه وسمعته وأسمعه من أشياء ما كنت أحب أن أخوض فيها هكذا على العموم ، ولكنه مما عمت به البلوى من مخالفات مثل أن تقول أخت مسلمة وداعية من الداعيات لفريق من أخواتها أنها لا تلبس الخمار لكونه " لبس الفلاحات " ، وأصبحت هذه الهيئة المباركة التي أفنت كثير من أخواتنا الأوائل-  مثل زينب الغزالى و أمينة و حميدة قطب - وغيرهن أعمارهن فى الدفاع عنه كقيمة ورمز للدعوة قبل أن يكون هيئة شرعية لزى المرأة  .. أقول : أصبحت هذه الهيئة المباركة فى عرف هذه الداعية وغيرها زياً للفلاحات والبدائيات والمتخلفات ؟!!!!

وأزعم أن ما أتحدث عنه تحول فى كثير من مدن مصر إلى ظاهرة تستطيع أن تطلق عليها " عزوف الأخوات المسلمات عن الخمار إلى أشكال من حجاب الموضة ما أنزل الله بها من سلطان  "  بمبررات عدة كلها تتفق في أنها اتباع للهوى وتزيين النفس الأمارة بالسوء .

أما مواصفات الزى الشرعي الذي عزفت عنه أخواتنا فهي سبعة :

أولها :  فعلاً أن يستر جميع الجسد – على خلاف معتبر بين العلماء على الوجه والكفين -
وثانياً :  أن يكون صفيقاً لا يشف ..
وثالثاً :  ألا يشبه ملابس الرجال لأن الله حرم تشبه أحد النوعين بالآخر .
ورابعاً : ألا يكون مبخراً أو مطيباً أو يشم ريحها أو تتعطر لنهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك .
وخامساً : أن يكون واسعاً فضفاضاً لا يصف ما تحته من جسم المرأة .

وهذه الشروط الخمسة هي في الأغلب متحققة في زى الأخوات الفضليات اللائي عزفن عن الخمار.

أما الشروط التى أري أنها لا تتحقق فيه فهى :

سادساً : ألا يكون ثوب شهرة .. ويكفى نص الشرط لتعرف كم الخطأ الذي تقع فيه من تحجم عن الخمار لكونه " زياً للفلاحات " .. فهل تلبسين حجابك يا أختي لتعرفين بين الناس أنك على الموضة وأنك " مودرن " و " متحضرة " .. أم لأنك تطيعين الله ورسوله ؟!
سابعاً : ألا يكون زينة  في نفسه  ، حيث شرع الحجاب ليستر جسد المرأة وزينتها ..

وحول هذا الشرط بالذات فحدث ولا حرج حول ما ابتدعته بعض المذيعات اللاتي تحجبن في بعض الفضائيات - وهن جاهلات  غير أن الله تاب عليهن من التبرج – ليقمن بسن سنن سيئة ومبتدعات حول تشكيلات عجيبة لحجاب المرأة  المسلمة على الموضة مع فتح الإيشارب من الجنب أو من الأمام مع لون الدبابيس مع الرسومات عليه مع " التونيك " مع بالطو من تحته بنطلون بهيئات وأشكال لا أرى معبراً عنها سوى جملة " أنها تحرق دم المؤمن حسرة على ما يراه من افتتان المحجبات بهذه الهيئة " ..

وهن يفعلن ذلك لجهل في أنفسهن بقيمة ما يقدمن عليه من التحجب .. وهزيمة نفسية أمام العلمانيين .. وتلبيس من الشيطان بأن المحجبة لابد أن تكون متحضرة وأن علامة التحضر أن يكون زيها " مودرن " و " سبور " و " شيك " .. وكأن الخمار والنقاب والزى الشرعي " الراقي " الذي فرضه الله على نسائنا –  تخلف ورجعية ( أستغفر الله ) ..

وإذا كنت أصلاً لا أجد مبرراً لهؤلاء المبتدعات – اللهم إلا جهلهن – فكيف أعتذر عن أخواتنا اللاتي انسقن وراءهن أو أجد لهن مبرراً ، وهن حاملات الدين والداعيات إلي تحكيم شرع الله في الأرض ، أليس الحجاب بشروطه ومواصفات الشرعية من شرع الله الذي نريد من الناس إقامته ، فكيف ونحن لا نقيمه في أنفسنا ابتداءاً بمبررات وحجج وأهواء !

أوجه الخطاب لأخواتنا الفضليات وأقول لهن أنه إذا جاز – وهو لا يجوز – أن تتخذ المرأة العادية في الشارع  ذلك الزى المبتدع الذي نتحدث عنه لباساً لهن ، وإذا تغاضينا – استغفالاً لأنفسنا – عن مخالفته لبعض شروط الزى الشرعي .. فإنه لا يجوز أبداً للمرأة المسلمة التي اتخذت من الله غايتها والرسول قدوتها والقرآن دستورها والجهاد سبيلها والموت في سبيل الله أسمى أمانيها ، وارتضت بذلك منهجاً ، وقامت بين الناس داعية ومرشدة وموجهة ومصلحة وقدوة ، لا يجوز لها أبداً أن تنحاز عن رمز دعوتها ..

نعم الخمار رمز للدعوة .. كم جاهدنا وجاهد الصالحون في السبعينات والثمانينات والتسعينيات .. وما زال فريق من المخلصين يجاهد لنشره وإعلائه كقيمة  ورمز لهذه الدعوة المباركة وللصحوة الإسلامية كلها .. وكم حارب العلمانيون وما زالوا يحاربون لإزالته وطمسه ..

أرى أن الخمار أحد معالم هويتنا ، وأنه مرضاة للرب وطهارة للمجتمع كله .

أطالب أخواتنا أن يقفن مع أنفسهن وقفة جادة ويساءلن أنفسهن حين اتخذن الحجاب زياً .. هل كان ذلك حياءاً ولمجرد الستر ، أم أنه تقليد لغيرهن أحببنهن فاتخذن هيأتهن وفقط .. أم أنه سمع وطاعة لله وللرسول ..

فإن كان سمع وطاعة فلنسمع ونطيع على إرادة المسموع المطاع وليس على هوانا .. والحكمة هي أننا نعبد الله بما يحب هو سبحانه وبالهيئة والكيفية التي يحب هو سبحانه أنا يرانا بها .. وليس كما نهوى نحن ونزين لأنفسنا ( مثالها أيضاً مبتدعات دعاء القنوت والوتر والتراويح ولى معها وقفة في وقت آخر إن شاء الله رغم أنى لا أحب نقد الصحوة ولا الإسلاميين .. ولكنها النصيحة على أية حال .. ) .

اعبد الله كما يحب أن يراك لا كما تحب أن ترى نفسك ..

وأناشد أخواتنا .. إذا كنتن قد قمتن بالخطوة الراشدة والقرار الشجاع وارتديتن الحجاب مرضاة لله والرسول وأعانكم الله على ذلك ، فأتممن النور الذي هديتن إليه بأن ترتدينه بالشكل الذي يحبه الله ويرضاه ..

وفى النهاية ..

أسأل الله سبحانه أن يجنبنا الزلل والخطأ وأن يردنا إلى الحق والصواب وأن يلهمنا رشدنا وأدعو الله سبحانه بدعاء الصالحين من قبلي : " اللهم من كان من هذه الأمة على غير الحق وهو يظن نفسه على الحق فرده إلى الحق " .. اللهم آمين .. اللهم آمين .