08 / 12 / 2008  
سألت نفسي: تري هل حقاً هذه الحميمية الظاهرة في الصورة صادرة من قلب الإمام الأكبر؟

 وهل هذا القلب العامر بآيات الله وأحاديث رسوله يكن هذه الحميمية لهذا السفاح؟!

 كيف طاوعتك نفسك يا شيخنا الجليل وكيف قبل ضميرك أن تصافح هذا المجرم الذي يفاخر بسفك دماء إخوانك ويفرض عليهم الحصار القاتل ويهتك عرض أخواتك وبناتك؟!

هل من الممكن أن يستقبل شيخ الأزهر حسن نصر الله أو إسماعيل هنية أو خالد مشعل بهذه الحفاوة؟!

 إذا كان للرئيس مبارك حجج في لقاء هذا السفاح وغيره من قادة إسرائيل فإن طنطاوي لا يمتلك هذه الحجج!

 أقدّر صدمة المسلمين في جميع أنحاء العالم عندما يشاهدون شيخهم وقدوتهم يضع يده الطاهرة في يد سفاح ملوث بدماء الأبرياء!



 

صُدِمْتُ صدمة شديدة وصُدِمَ كثيرون غيري من القرَّاء عند مشاهدة الصورة التي نشرتها جريدة «الدستور» الصادرة يوم الأحد 30 نوفمبر في صدر صفحتها الأولي لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وهو يصافح في حميمية شديدة رئيس الكيان الصهيوني شيمون بيريز ويطبق بكلتا يديه علي يدي هذا السفاح الملوثتين بدماء إخواننا في فلسطين المحتلة ولبنان وسوريا، سألت نفسي: تري هل حقاً هذه الحميمية الظاهرة في الصورة صادرة من قلب فضيلة الإمام الأكبر وهل هذا القلب العامر بآيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم والفقهاء العظام رحمهم الله يمكن أن يكن هذه الحميمية لهذا السفاح؟! وتصورت موقف إمامنا الأكبر بين يدي الله سبحانه وتعالي وهو يسأله عن هذا التصرف وقد شهدت عليه يده أمام الله قائلة يارب إن هذا الشيخ أمرني بذلك طاعة لرئيسه الذي يملك زمام أمره مع أنه يعلم يا رب أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كيف طاوعتك نفسك يا شيخنا الجليل وكيف قبل ضميرك أن تصافح هذا المجرم الذي يفاخر بسفك دماء إخوانك ويفرض عليهم الحصار القاتل ويهتك عرض أخواتك وبناتك ويهلك حرث ونسل المسلمين في الأرض المحتلة وغيرها من بلاد المسلمين؟! وسألت نفسي سؤالا آخر: تري هل لو قدم إلي مصر السيد الجليل حسن نصر الله أو الأخ الفاضل خالد مشعل أو رئيس الوزراء المنتخب إسماعيل هنية تري هل سيستقبل فضيلة الإمام الأكبر أيا منهم ويصافحه بذات الحرارة والحميمية؟! أم أنه سيمتنع عن لقائه استجابة لأوامر ولي الأمر، في الحقيقة أننا لم نسمع أو نشاهدك تستقبل وتصافح أحد هؤلاء والسبب في ذلك معروف هو أن ولي أمرك يطلب منك ذلك كما طلب منك لقاء هذا السفاح، وإذا كان متصوراً أن ولي أمرك بلقاء هذا السفاح ولكنه بكل تأكيد لم يأمرك بهذه الحميمية التي قابلته بها بل كانت هذا زيادة من عندك إمعاناً في كرم الضيافة ومبالغة في إرضاء ولي الأمر!

تقول الجريدة تعليقاً علي هذه الصورة إن مدير العلاقات العامة بالأزهر علق عليها قائلاً: الرئيس مبارك يقابل شيمون بيريز فما المانع أن يصافحه فضيلة الإمام، وأقول رداً علي ذلك إنه إذا كان للرئيس مبارك حجج في لقاء هذا السفاح وغيره من قادة إسرائيل وهي حجج غير مقنعة وتقوم علي أسباب شخصية غير معلنة ولكن معروفة للجميع فإن شيخ الأزهر ليس لديه هذه الحجج كما أن شيخ الأزهر لا يمثل المسلمين في مصر فقط، ولكن يمكن القول بأنه يمثل المسلمين في جميع أنحاء العالم الذين صدمتهم بلا شك هذه الصورة عندما يشاهدون شيخهم وقدوتهم وإمامهم الأكبر يضع يده الطاهرة في يد هذا السفاح الملوثة بالدماء الزكية لإخوانهم المسلمين والمسيحيين، لماذا لم يقابل البابا شنودة هذا السفاح وهل يا تري لو طُلب من قداسة البابا مقابلة هذا السفاح كان سيقبل ذلك؟! أشك كثيراً في أن يقبل قداسته هذا اللقاء وهو الذي يمنع المسيحيين من الحج إلي بيت المقدس مادام تحت الاحتلال الإسرائيلي، يا شيخنا الجليل إنك بهذا اللقاء المشئوم وهذه المصافحة الحميمية قد ارتكبت كبيرة من الكبائر وصدمت مشاعر المسلمين في كل مكان وأنت في سن ومكانة لا تسمح لك بارتكاب الكبائر ولا حتي الصغائر فما بالك بكبيرة من الكبائر وهي موالاة العدو وتشجيعه علي المضي في سفك دماء المسلمين وهتك أعراضهم والاستيلاء علي ممتلكاتهم، بدلا من أن تقف في وجهه وتحرص علي قتاله ومقاطعته وتعلن أمام الناس كافة أن إسرائيل هي العدو وقادتها سفاحون لا يعرفون إلا لغة القوة وأن دماءهم وأموالهم حلال ماداموا يحتلون أرضنا ويشردون إخواننا في فلسطين المحتلة.

إمامنا الأكبر إن الكبيرة التي اقترفتها لا يكفرها كما تعلم الاستغفار ولو ظللت ما بقي لك من العمر تستغفر! ولا التوبة ولو ظللت ساجدا طوال حياتك، لأنك تعلم أكثر منا أن ما يتعلق بحقوق العباد لابد أن يرد حتي يكون للتوبة معني وتقبل عند الله سبحانه وتعالي، وطريق قبول هذه التوبة يا شيخنا الجليل هو أن تقف من موقعك وتعلنها صريحة مدوية تخرق أذن الصم من حكامنا أن إسرائيل هي عدو العرب والمسلمين الأول وأن قتالها واجب علي كل مسلم قادر ومسلمة مادامت تحتل جزءاً عزيزاً من وطننا العربي وتقتل أبناءهم وأطفالهم ونساءهم وتستولي علي أرضهم وتنهب ثرواتهم وهي الخطر الحقيقي لا خطر غيره وإن جهود جميع المسلمين يجب أن تتوحد تجاه هذا العدو الغادر وإن التعامل مع إسرائيل حرام شرعا وخيانة عظمي يستحق من يرتكبها الإعدام، لأنه يفرط في حق العرب والمسلمين وأشد أنواع التعامل مع إسرائيل هو إمدادها بالغاز الطبيعي تلك - الثروة التي منحها الله للشعب المصري والعربي - فإنه خيانة عظمي وتفريط في حق المسلمين والمصريين بصفة عامة يجب أن يوقف بكل سرعة وأن يحاكم من قام به، وأن حصار إخواننا في غزة جريمة في حق الإنسانية يستحق مرتكبها أشد العقاب وعمل شائن يجب أن يقف بأقصي سرعة ممكنة وإلا جاز كسره والتغلب عليه بالقوة حتي نتمكن من إنقاذ إخواننا المحاصرين ونقدم لهم العون الإنساني الذي أمر به الرسول صلي الله عليه وسلم عندما قال «ليس منا من بات شبعان وجاره جائع» تلك هي الوسيلة الوحيدة يا إمامنا الأكبر للتكفير عن ذنب مصافحة هذا العدو الغادر أما غير ذلك من أعذار وتبريرات ولا حتي استغفار فلن يجدي نفعا في محو هذا الذنب الكبير.

إمامنا الأكبر قف إلي جوار إخوانك في حرب إسرائيل فأنت في موقف قوة كبير لا يستهان به وتذكر يا شيخنا الجليل أن الجنة عروس مهرها غال وأن المنصب والجاه والسلطان كل ذلك يهون أمام جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين المجاهدين في سبيله المضحين بأموالهم وأنفسهم في سبيل مرضاته، يا شيخنا الجليل هل لمثلي أن يذكّر مثلك بأن العمر قصير والقبر ضيق وعذابه شديد والموقف بين يدي الله أشد، وأنها جنة أبدا أو نار أبدا وقاك الله شرها وباعد بينك وبينها بالعمل الصالح الذي ترضي به الله ولو أغضبت الحاكم، وتعيد به الحقوق إلي أصحابها وترفع به الظلم عن المظلومين.

إمامنا الأكبر في مصر فئة نذرت نفسها لمساعدة إخوانها المستضعفين في كل مكان وهم في حاجة إلي قوتك لمساعدتهم في مهتمهم الصعبة فكن لهم بمكانتك عوناً علي تحقيق مهمتهم في كسر الحصار عن إخوانهم في فلسطين المحتلة، وهم يطلبون منك إلّم تستطع أن تكون معهم لظروف تحول بينك وبين ذلك أن تكون معهم بالتشجيع والعون والطلب من الدولة ألا تقف أمامهم وتحول بينهم وبين أداء مهمتهم الإنسانية في غوث إخوانهم في غزة وأن تعلن علي الملأ أن إغلاق المعابر بيننا وبينهم عمل غير إنساني أو شرعي خاصة أننا نعيش في أيام يستحب فيها العمل الصالح وما من عمل صالح أكثر من قول كلمة الحق في وقت الشدة، ولتكن لك يا شيخنا الجليل في «العز بن عبد السلام» سلطان العلماء قدوة حسنة حيث كان السلطان يقف أمامه صاغرا من فرط هيبته، هل تعرف يا شيخنا لماذا؟ لأنه نزع من قلبه حب الدنيا وكراهية الموت، فوضع الموت دائما نصب عينيه في كل وقت فصار الحاكم أمامه مثل القط الصغير كما قال، عند ذلك يا شيخنا الجليل أصافحك بعد أن تطهرت يدك من دنس هذا السفاح وأقبّل رأسك وأنحني تقديراً وإجلالاً لعلمك ومنصبك الذي وضعته في خدمة المسلمين.
 
 
 
 الدستور