بقلم/ ماهر إبراهيم جعوان
 
(ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري)
اتخذ فرعون مصر بيتا وملكا له أرضها وأهلها وأنهارها وخيراتها ومع ذلك
نشأ موسى عليه السلام وتربى وترعرع في بيت فرعون وتحت سمعه وبصره ليكون لهم عدوا وحزنا وقضى على فرعون وملكه
ومكث يوسف عليه السلام حيناً من الدهر في بيت فرعون فعلم نظام الدولة وأوجه قوتها وضعفها فلما أذن الله له بملك مصر كان حفيظاً عليماً
وفي العصر الحديث أكثر الإخوان المسلمون الاحتكاك بمؤسسات فرعون وملأه سنوات وسنوات دخولاً في المجالس النيابية والإدارات المحلية والأنشطة الطلابية والشبابية حتى تمكنوا مع المخلصين في هذه البلاد في   ثورة 25 يناير من إزاحة فرعون وسلبوه ملكه وارجعوا كلمة الشعب إلى مكانتها الحقيقية سيدا على قراره مدافعا عن حقوقه.
 
وبعد الانقلاب على إرادة الشعب واغتيال حرية الإنسان وحبس الأبرياء وتكميم الأفواه وقتل العلماء وخطف الرئيس مرسي ومهاجمة أنصاره وتلفيق الاتهامات وسفك الدم الحرام وحالة الانتقام من كل من صدع بكلمة الحق في وجه سلطان جائر  
تجمعت إرادة الأحرار نزولا بالميادين والشوارع والحارات والطرقات
وكأن الله تعالى يربي الأمة تربية عقائدية إيمانية فكرية حركية جماعية ويهيئها لأمر عظيم ولابد له من تضحيات عظام ليتحقق فيها صفات وأخلاق جيل النصر المنشود
يريد الله أن يصنع لدينه أمرا على أيدينا فيعد له جيلا في الميادين للخروج من دائرة التيه والوهن التي عاشت بها الأمة سنوات طوال ولن يكون في كون الله إلا ما يريده الله
جيلا لا يهاب الموت في سبيل الله بل يتمنى كبارا وصغارا رجالا ونساءا شيبا وشبابا بل زهور وزهرات أحرارا وحوريات لا يهابوا الموت ولا السجن ولا السحل ولا الإصابات فداءا لهذا الدين العظيم ولهذا البلد العريق.
يقول الأستاذ محمد قطب رحمه الله: (إنهم بهذا السعار المحموم الذي يمارسونه لإبادة الحركات الإسلامية يربون الجيل الذي  لن يقدروا عليه ويتم ذلك في غفلة منهم بتدبير رباني كأنما قدر الله يسوقهم سوقا لإخراج ذلك الجيل على أيديهم)
الهجمة شرسة وعاتية بقدر ما نحمله من المنهج
فمن يحمل جزء من المنهج يُعادى ويُحارب بقدر ما يتمسك به
ومن يحمل المنهج كاملا يُعادى ويُحارب ويُحاصر ويُسجن ويُعدم ويُقتل ويُتخطف من الأرض ويتكالب عليه الأعداء من كل حدب وصوب من كل الملل والنحل فيُعادى عداءً سافرا شاملا عالميا تتواطأ عليه قوى الشر من كل منافق عميل نفعي استعماري صليبي صهيوني
وتسير الحياة هوينا في وسط الصعوبات والشدائد والدسائس حتى يقوى العود ويشتد ويقيم صلبه وترفع رايته ويعقد لواءه وتتضح معالمه ويجمع أنصاره وتقوى شوكته
فيأتي فرج الله القريب وحكمته الغير خافية على المؤمنين يمهد لأمر عظيم يمهد لدينه ويغرس لدعوته ويحفظ أولياءه وينصر جنوده ودينه بالبر والفاجر بعز عزيز أو بذل ذليل
يدبر لخير عظيم ومعركة فاصلة ونصر حاسم مبين وفتح قريب
)لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ)
فيد الله تعمل في الخفاء فلا تستعجلوها