ابراهيم صايمه

بعد أن زار رئيس الوزراء الفلسطيني السيد اسماعيل هنية لطهران، بدأ القدح والردح من أصحاب الكتابات الصفراء و الاقلام المسمومة عن علاقات حميمية بين نجاد وهنية وكيف هم شركاء في الدم السوري الحر، وكيف ارتدت حماس ثياب الصفوية الى حد الاتهام بالتشيع.

لا أبالغ بهذه الصورة، واقرؤوا إن شئتم للمنظرين في الصحف الصفراء وهي معروفة، ولا أريد هنا أن أدخل في سجال مع البعض، لكن الأمور يجب أن ترد إلى نصابها.
لا شك أن اتهامات البعض لحماس، جاءت في إثر الفوز التاريخي للحركة، وبعد الشعبية العارمة التي حققها برنامجها الذي زاوج بين المقاومة والسياسة، وهذا يدل على أن الاتهامات جاءت في سياق هجوم مركز ومدروس، شنه كل المتضررين من فوز الحركة وبرنامجها.

لكن المتابع للشأن الفلسطيني يعي تماماً بان القول "حماس اصبحت ورقة في يد الخامنئي وطهران وتأتمر بأمرهم" هو من باب التضليل لغايات مريبة.
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِقَوْمٍ ، بِأَقْوَامٍ ، لا خَلاقَ لَهُمْ " وفي الصحيح:" إِنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ".
إن أبجديات عقيدتنا ومفهوم الولاء والبراء لا يقتضي عدم التعامل المطلق مع غير المسلمين من أهل الكتاب والمشركين فضلاً عن التعامل مع من ينتسب للإسلام، وها نحن عبر في الواقع المعاصر التحالفات المختلفة والمتناقضة، ونتفهم ما يجري لضعف أو حاجة أو غيرها، فقد قدر الله سبحانه وتعالى أن ينصر هذا الدين بالرجل الكافر أو الفاجر.
فقال أهل العلم بأن فقه الحال والواقع يقتضي تعامل حماس مع كل من يناصرهم، طالما أنهم مضطرون لذلك، ولا يوجد البديل، وهذا التعامل لا يتعدى جوانب محددة سواء من الناحية المادية أو الناحية العسكرية، دون وجود اشتراطات أو حتى مطالب وقد حاولت مرارا ايران تمريرها دون جدوى لذلك.

إن قادة الحركة وأفرادها والشعب الفلسطيني متمسكون بسنتيهم، وهم من أشد الناس ثباتاً على المبادئ، بل إن الحكومة الفلسطينية رفضت عرضاً إيرانياً بإنشاء مستشفى بتمويل إيراني في قطاع غزة لمجرد أن إيران طلبت وجود مشرف إيراني على عملية الإنشاء والإدارة، ثم عاودت الطلب بأن يكون بدون إشراف ولكن باسم: "مستشفى الإمام الخميني"، ومع هذا رفضت الحكومة هذا الطلب بالرغم من الحاجة وشدة الحصار والخذلان والمخالفة.

إن الأولى بنا ألا نتهم حماس ونغلق الأبواب في وجهها، بل أن نسعى جاهدين ليتحرك "قادة السنة" ويأخذوا زمام المبادرة ويقدموا الدعم لحماس ويوفروا البدائل المناسبة لها – ولو سراً – إذ كانت ظروفهم لا تسمح لهم بالدعم العلني، أما أن يمنع قادة العرب دعمها ونصرتها ونطالبها نحن الشعوب ألا تأخذ السلاح من غيرنا، فهي دعوة للانتحار وقتل النفس والإلقاء بها إلى التهلكة بترك الجهاد والتخلي عن السلاح الرادع للعدو.
ولو أن اهل السنة قد فتحوا الأبواب لحماس وغزة يوم حوصروا ومنع عنهم الغذاء والماء، وأغلقت أمامهم المعابر و الحدود، لما أتجهوا لإيران لأخذ الدعم منهم وهو من مدوا يد العون لحماس و للشعب الفلسطيني في حينها.

فلا يلام للفلسطينيين عندما يستفيدون من الشيعة أو غيرهم طالما أن هذه الاستفادة والاستعانة لا تؤدي للدعوة إلى بدعتهم أو إظهارها، وهي مرتبطة بالضرورة والحاجة.
الشعب الفلسطيني من أكثر الشعوب تمسكاً بسنيته وعقيدته، ولذا لا يذكر تشيع أحد من الفلسطينيين، وغاية ما يكون هو التعاطف الكبير مع التصريحات التي تؤيد المقاومة وتدافع عنها أو تهاجم الاحتلال، وهذا التعاطف الكبير يناله أمثال نصر الله أو الرئيس الفنزويلي شافيز أو النائب البريطاني جورج غالاوي أو المتضامنين القادمين على سفن كسر الحصار، وكل شخص يناصر القضية الفلسطينية ولا صلة لهذا بعقيدة المناصر، قال تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.

ـــــــــ

نبض الإخوان