تتصاعد حدة الغضب النقابي داخل أروقة الغرف التجارية المصرية ضد حكومة قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، التي تتجاهل مطالب التجار وأعضاء الغرفة التجارية وعلى رأسهم عماد قناوي، رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، بضرورة تغيير وتحديث قانون الغرف التجارية، بما يتماشى مع تطورات الاقتصاد الحديث ومتطلبات العمل المؤسسي، حيث أن القانون الحالي لم يعد قادرًا على دعم كفاءة الأداء داخل الغرف أو تحقيق النفع العام المرجو منها.
ولا يزال قانون الغرف التجارية رقم 189 لسنة 1951 -الذي أصدره الملك فاروق- هو المرجعية التشريعية لأكبر كيانات القطاع الخاص، رغم أنه لا يتوافق مع متطلبات الاقتصاد الرقمي والعولمة.
وفي تصريحات صحفية مؤخراً، هاجم عماد قناوي، رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة، هذا التخلف القانوني، محذراً من أن استمرار العمل بتشريع يعود إلى عهد الملكية يعكس استهانة النظام بمصالح التجار وعجزه عن إصلاح منظومة اتخاذ القرار.
قانون 1951: تركة الاستبداد التي تقتل الاقتصاد المصري
يُعد قانون الغرف التجارية الحالي مثالاً حياً على تركة الاستبداد التي ورثها السيسي عن الأنظمة السابقة دون إحداث أي تغيير جوهري.
فالقانون الذي أصدره الملك فاروق عام 1951، وتلاه تعديلات محدودة عام 2002، لا يزال يحكم عمل أكثر من 80 شعبة تجارية و700 ألف تاجر منتسب.
ويشير عماد قناوي إلى أن هذا التشريع لم يعد قادراً على دعم كفاءة الأداء داخل الغرف أو تحقيق النفع العام المرجو منها، خاصة أنه لا يشترط مؤهلات علمية محددة لتولي رئاسة الغرفة، مكتفياً بالقدرة على القراءة والكتابة فقط.
وتؤكد مراجعة نصوص القانون أنه يفتقر لأي آليات للشفافية أو المحاسبة، حيث تتركز جميع الصلاحيات الجوهرية في يد رئيس المجلس، بدءاً من تعيين المنتسبين وتشكيل اللجان النوعية ودعوة الشعب التجارية واستقبال الوفود، وصولاً إلى الصلاحيات الإدارية المتعلقة بالتعيين والنقل والندب.
ويحذر قناوي من أن هذا التركيز السلطوي يؤدي إلى إهدار الوقت وتعطيل فرص الإنجاز، حيث يصبح مفتاح الانطلاق بيد شخص واحد فقط، إما أن يفتح الأبواب أمام العمل المشترك أو يظل حبيس الأدراج.
الديكتاتورية المؤسسية التي تفضح فشل المنظومة
كشفت تجربة عماد قناوي العملية على مدار أربع دورات متتالية عن خلل هيكلي واضح في منظومة اتخاذ القرار داخل الغرف التجارية، حيث يتحول المجلس المكون من 22 عضاً إلى مجرد ديكور أمام سلطات رئيس الغرفة المطلقة.
ويصف قناوي هذا الواقع بـ"مقولة الغرفة رئيس"، مشيراً إلى أن النصوص الحالية تجعل الغرفة عملياً مرتبطة بشخص رئيسها رغم وجود هياكل إدارية واسعة.
ويرى أحمد الوكيل، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، أن هذا التركيز السلطوي يضعف من فاعلية الغرف في الدفاع عن مصالح التجار، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الحالية.
ويؤكد الوكيل أن ميكنة منظومة الضرائب والتبسيط الإجرائي يجب أن يترافق مع إصلاح هيكلي داخل الغرف نفسها لضمان مشاركة جميع الأعضاء في صنع القرار.
ويضيف إبراهيم العربي، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، أن الخلل في توزيع الصلاحيات يعيق قدرة الغرف على القيام بدورها في دعم قطاع الأعمال وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
هل تستجيب حكومة السيسي لمطالب التجار أم تستمر في العناد؟
دعا عماد قناوي برلمان السيسي في دورته المقبلة إلى تبني ملف تطوير وتحديث قانون الغرف التجارية كأولوية تشريعية، بما يضمن توزيع الصلاحيات وتعزيز العمل الجماعي.
لكن هذه الدعوات ليست جديدة، فقد طالب محمد المصري، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية بالقاهرة، سابقاً بإعداد مشروع تعديلات شاملة للقانون بناء على استطلاعات رأي معظم مجالس الإدارات، إلا أن هذه المطالب ظلت حبيسة الأدراج دون تحرك جدي من الحكومة.
ويرى أحمد الوكيل أن تعديل القانون سيسمح للغرف التجارية واتحادها العام بتأسيس الشركات بمفردهما أو بالاشتراك مع غيرهما، مما يعزز من قدرتها على تملك وإدارة المراكز التجارية والبورصات السلعية.
ويؤكد إبراهيم العربي أن مصر عملت على تغيير القوانين لدفع الاقتصاد إلى الأمام، لكنه يعترف ضمناً ببطء الإجراءات وتراجع الأولويات.
ويحذر قناوي من أن استمرار العناد الحكومي في إصلاح هذا القانون يعكس سياسة ممنهجة لتجميد المؤسسات المدنية وإبقائها رهينة لأفراد محددين يدينون بالولاء للنظام وليس للقطاع التجاري

