في تصريحات جريئة تكسر حاجز الصمت وتفضح الواقع المؤلم الذي يعيشه المواطن المصري تحت وطأة الغلاء الفاحش، خرج الإعلامي محمد علي خير بتصريحات نارية أكد فيها أن منظومة الأجور في مصر قد انهارت تماماً أمام طوفان الأسعار، وأن الحديث عن "حياة كريمة" بالأرقام الحالية هو ضرب من الخيال.

 

خير شدد على أن الحد الأدنى الحقيقي الذي يسمح بفتح بيت وتوفير المتطلبات الأساسية لأسرة مصرية اليوم لا يقل عن 15 ألف جنيه شهرياً، واصفاً الأجور الحالية التي تتراوح بين 4 و6 آلاف جنيه بأنها "سخرة" و"ظلم اجتماعي بين" يحتاج إلى ثورة حقيقية لتصحيحه، وليس مجرد زيادات تجميلية لا تسمن ولا تغني من جوع.
 

 

"حد الكفاف" الحقيقي.. 15 ألف جنيه

 

أوضح خير، خلال برنامجه "المصري أفندي"، أن الأرقام الحكومية للحد الأدنى للأجور (6000 جنيه) منفصلة تماماً عن الواقع، خاصة في ظل تآكل القوة الشرائية للجنيه. واستشهد بتصريح سابق لرئيس النظام نفسه، الذي أقر قبل سنوات بأن أي أسرة تحتاج لـ 10 آلاف جنيه كحد أدنى، فكيف يكون الحال اليوم بعد موجات التضخم المتتالية؟

 

وأكد خير أن "حد الكفاف" - وليس الرفاهية - لأسرة صغيرة أصبح يتراوح بين 15 و20 ألف جنيه شهرياً، لتغطية تكاليف السكن والطعام والمواصلات والعلاج والتعليم. واعتبر أن الترويج لإمكانية العيش براتب 6 آلاف جنيه هو استخفاف بعقول المصريين وتزييف للحقائق.

 

"سخرة" القطاع الخاص وغياب الدولة

 

فجر خير مفاجأة من العيار الثقيل حول واقع العمالة في القطاع الخاص، مشيراً إلى أن ملايين الشباب يعملون في ظروف أشبه بـ "السخرة"، حيث يمتد يوم العمل لـ 12 ساعة مقابل فتات لا يتجاوز 4000 أو 5000 جنيه، وغالباً دون تأمين اجتماعي.

 

وأوضح أن من بين 30 مليون عامل في مصر، هناك 25 مليوناً في القطاع الخاص، نصفهم تقريباً (13 مليوناً) خارج مظلة التأمينات والحماية الاجتماعية. وضرب مثالاً بعمال الأمن في "الكومباوندات" الفاخرة الذين يحرسون مليارات الجنيهات بينما يتقاضون رواتب لا تكفي لشراء الخبز الحاف، متسائلاً: "أين العدالة في أن تحقق الشركات أرباحاً بالمليارات وتلقي للعمال بالفتافيت؟".

 

رسالة لساويرس والحكومة: "كفاية شعارات"

 

لم يكتفِ خير بتوصيف الأزمة، بل وجه رسالة مباشرة لرجل الأعمال نجيب ساويرس، الذي طالب برفع الحد الأدنى للأجور، متسائلاً بجرأة: "هل تطبق هذا الحد الأدنى (15 ألف جنيه) في شركاتك ومصانعك؟".

 

كما انتقد عجز الحكومة عن فرض الحد الأدنى للأجور على القطاع الخاص، مؤكداً أن القرارات الحكومية تظل "حبراً على ورق" طالما لا توجد آلية ملزمة للتطبيق. وطالب بضرورة ربط الأجور بالأرباح الحقيقية للشركات، وإعادة هيكلة منظومة المرتبات لتتناسب مع التضخم، محذراً من أن استمرار هذا الوضع يهدد السلم الاجتماعي وينذر بانفجار وشيك لطبقة "الغلابة" التي لم تعد قادرة على التحمل.

 

ختاما فإن صرخة محمد علي خير ليست مجرد رأي إعلامي، بل هي جرس إنذار أخير لنظام يبدو منفصلاً عن واقع شعبه. فالاستمرار في سياسة "تسكين الألم" بالمسكنات والوعود البراقة لن يجدي نفعاً أمام جوع البطون. مصر تحتاج بالفعل لـ "ثورة أجور" تعيد للمواطن كرامته وحقه في الحياة، قبل أن يفرض الواقع ثورته الخاصة التي قد لا تبقي ولا تذر.