في منشوره عبر فيسبوك، تحدث أحمد مرتضى عن رصد حملته لنقاط محددة يتم فيها توزيع الأموال على الناخبين داخل ميت عقبة وأرض اللواء والدقي والجيزة، مقابل التصويت لصالح مرشحين بعينهم، مؤكدًا أن استغلال احتياج الناس وشراء أصواتهم جريمة دينية وقانونية واعتداء على كرامة المواطن.

 

هذا الكلام لا يأتي من معارض للنظام أو من ناشط حقوقي، بل من مرشح «نظامي» يشارك في اللعبة ذاتها، ما يجعل شهادته وثيقة إدانة مباشرة لمسرحية «النزاهة والشفافية» التي يروج لها إعلام حكومة الانقلاب في كل استحقاق انتخابي.

 

 

مال سياسي تحت سمع وبصر الدولة

 

المرشح أشار بوضوح إلى أن ما سماه «محاولات أهل الشر لتلويث العملية الانتخابية» ما زال مستمرًا، وأن حملته رصدت نقاطًا ثابتة لتوزيع المال السياسي في قلب الدائرة، بما يعني أن الأمر ليس تصرفات فردية متفرقة بل نمط منظم لشراء إرادة الناخبين.

 

بدل أن تعلن الهيئة الوطنية للانتخابات خطة واضحة وفورية لمداهمة هذه البؤر وضبط المسؤولين عنها، تُترك الأمور لبلاغات مرشحين فرديين، بينما تستمر الدولة في التسويق لمشهد «انتخابات مستقرة» أمام الكاميرات، في حين يجري البيع والشراء في الشوارع الخلفية.
 

 

اعتراف من داخل المسرحية الانتخابية

 

خروج أحمد مرتضى بالبث المباشر من الشارع، وحديثه عن المال السياسي الذي يُوزَّع في نفس الدوائر التي خاضها سابقًا وخسرها وسط اتهامات بالتجاوزات، يربط بين خبرته القديمة في انتخابات الجيزة وبين ما يراه اليوم من إعادة إنتاج لذات الأساليب.

 

خطورة هذه الرسالة أنها تأتي من ابن واحد من أبرز وجوه النظام الرياضي والإعلامي، وعضو برلمان سابق، أي من شخص ينتمي لنخبة قريبة من السلطة، لا من هامش المعارضة، ما يكشف حجم الانحطاط الذي وصلت إليه العملية الانتخابية حتى في عيون بعض المشاركين فيها.
 

 

حكومة الانقلاب والهيئة الوطنية في قفص الاتهام

 

حين يعلن مرشح «مستقل» أنه سيتقدم ببلاغات رسمية للهيئة الوطنية للانتخابات حول نقاط توزيع المال السياسي، فهذا يعني أن لدى الدولة علمًا مسبقًا محتملًا بهذه الممارسات، وأن أي صمت أو بطء في التعامل معها يتحول إلى تواطؤ عملي، لا مجرد تقصير مهني.

 

الهيئة التي تدّعي الوقوف على مسافة واحدة من الجميع مطالَبة الآن بتوضيح: هل ستكتفي بدور موظف أرشيف يتلقى الشكاوى ثم يدفنها، أم ستتحرك ضد شبكات السماسرة الذين توعد أحمد مرتضى بفضح أسمائهم وأرقامهم القومية إن استمروا في شراء الأصوات؟

 

 

شرعية تُشترى بالنقود لا تُبنى بالثقة

 

ما كشفه أحمد مرتضى بالبث المباشر عن المال السياسي في ميت عقبة وأرض اللواء والدقي والجيزة، يتقاطع مع سجل طويل من التقارير عن انتخابات مصرية شوّهتها الرشاوى، وحشد الناخبين، والتأثير الأمني والإداري لصالح مرشحي السلطة أو رجال المال المتحالفين معها.

 

نظام يحتاج إلى شراء أصوات الفقراء، وتمويل سماسرة، وتلويث المجال العام بالمال الأسود، هو نظام يدرك في داخله أن شرعيته الحقيقية غائبة، وأن البرلمان الذي يُصنَع بهذه الطريقة لن يكون ممثلًا للشعب بل واجهة إضافية لحكم الانقلاب، مهما تجمّل بخطاب «احترام القانون» و«رفض المال السياسي».

 

https://www.facebook.com/cairo24/videos/1276295310849805?locale=ar_AR