كشفت منظمة "هيومن رايتس إيجيبت" في تقرير موسّع حمل عنوان "حصاد الظلم" عن حصيلة مرعبة للانتهاكات التي شهدتها البلاد منذ منتصف عام 2013 وحتى نهاية أكتوبر 2025، وذلك بالتزامن مع إحياء العالم لليوم العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر.
أرقام صادمة: آلاف المختفين وآلاف الضحايا خلف القضبان
وفقاً للتقرير، بلغ عدد ضحايا الإخفاء القسري 20,344 شخصاً خلال 12 عاماً، في مؤشر يعكس—بحسب المنظمة—تحوّل هذا الانتهاك إلى سياسة ممنهجة تهدف إلى استباق أي حراك سياسي، وتجفيف المجال العام، وإحكام السيطرة الأمنية على المجتمع.
وسُجِّل خلال عام 2025 وحده 1333 حالة اختفاء قسري حتى نهاية أكتوبر، وسط تحذيرات من اتساع نطاق هذه الممارسة، خصوصاً مع ظهور مختفين بعد سنوات طويلة من الاحتجاز السري وصلت إلى خمس وست سنوات من دون عرض على جهات قضائية أو الإفصاح عن أماكن احتجازهم.
وفي موازاة ذلك، وثق التقرير وفاة 1266 معتقلاً داخل السجون ومقار الاحتجاز منذ عام 2013 نتيجة الإهمال الطبي وسوء أوضاع السجون، وتردي الظروف الإنسانية، وغياب الرعاية الصحية والرقابة القضائية.
أحكام الإعدام الجماعية… واتساع دائرة التدوير
أشار التقرير إلى أنّ القضاء أصدر 1613 حكماً بالإعدام خلال الفترة المذكورة، نُفذ منها 105 أحكام بالفعل، فيما تستمر المحاكم في إصدار أحكام جماعية "تفتقر لضمانات المحاكمة العادلة"، بحسب المنظمة.
وانتقد التقرير بشدة ما أسماه بـ"جرائم التدوير"، وهي الممارسة التي تقوم فيها الأجهزة الأمنية بإعادة إدراج المحتجزين على ذمة قضايا جديدة عقب انتهاء مدة سجنهم أو صدور قرارات بإخلاء سبيلهم، بهدف استمرار احتجازهم. وبلغ عدد حالات التدوير بين عامي 2018 و2021 2744 حالة، إضافة إلى عشرات الحالات المسجلة في عامَي 2023 و2024.
تعذيب، تكدس، وحرمان من الزيارة… صورة قاتمة لأوضاع السجون
قالت المنظمة إن أوضاع السجون والمقار الأمنية لا تزال تعاني انتهاكات ممنهجة تشمل التعذيب البدني والنفسي، والحرمان من الزيارة، والحبس الانفرادي، والاستخدام المفرط للحبس الاحتياطي، إضافة إلى سوء التغذية وانعدام الرعاية الصحية.
وأكد التقرير أن الإهمال الطبي المتعمد كان أحد أبرز أسباب وفيات السجناء، مضيفاً أن الاكتظاظ داخل الزنازين بلغ مستويات خطيرة، ما جعل بيئة السجون غير صالحة للاستخدام الآدمي.
انتهاكات مضاعفة بحق النساء… وفصل من الدراسة ومصادرة ممتلكات
لم تسلم النساء من هذه الانتهاكات؛ إذ وثق التقرير ممارسات قال إنها تتجاوز الاعتقال إلى التفتيش المهين، والتحرش، والحرمان من العلاج الضروري، والمنع من السفر، وفصل بعض المحتجزات من الدراسة أو أعمالهن. ويبلغ عدد السجينات السياسيات حالياً 450 سيدة وفتاة، بعضهن قيد الاحتجاز منذ أكثر من 12 عاماً.
نواب منتخبون خلف القضبان
في مؤشر لافت، كشف التقرير وجود 101 نائب منتخب داخل السجون توفي 11 منهم بسبب الإهمال الطبي، بينما صدرت أحكام قضائية بحق ثلاثة آخرين. واعتبرت المنظمة هذه الأرقام "غير مسبوقة" في تاريخ الحياة السياسية الحديثة.
في اليوم العالمي لحقوق الإنسان: دعوة للالتزام بوثيقة 1948
أعاد التقرير التذكير بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يوافق ذكرى اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، تلك الوثيقة التي تحدد الحقوق الأساسية لكل فرد بلا استثناء.
وأكدت "هيومن رايتس إيجيبت" أنّ ما وثقته من أرقام وانتهاكات يفرض مسؤولية دولية وأممية للتحرك لحماية الحقوق الأساسية للمواطنين، وسط دعوات إلى فتح تحقيقات شفافة، وإطلاق سراح المحتجزين تعسفياً، وضمان استقلال القضاء ووقف كافة أشكال الانتهاكات.

