كشفت صحيفة "جيروزاليم ستراتيجيك تريبيون" عن الخطوات التالية للأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 24 نوفمبر للنظر في تصنيف ثلاث فروع لجماعة "الإخوان المسلمين" (في مصر والأردن ولبنان) باعتبارها "منظمات إرهابية أجنبية".
وقالت إن القرار يمثل نقطة تحول في نهج الولايات المتحدة تجاه المشهد الأيديولوجي في الشرق الأوسط، إذ أنه لسنوات، ركزت واشنطن على الفروع المسلحة لجماعة الإخوان المسلمين- حماس، والقاعدة، وداعش - متجاهلةً الحركة التي شكلت هذه الجماعات كفاعلين سياسيين.
أما الآن، فقد أشار البيت الأبيض إلى أمر مختلف: ضرورة مواجهة بنية الإسلام السياسي مباشرةً من خلال القانون الأمريكي.
ردود الفعل
ورصد التقرير ردود الفعل تجاه القرار، لافتًا إلى أن حكومات الشرق الأوسط التي لطالما تعاملت مع جماعة الإخوان المسلمين كتحدٍّ وجودي- مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة- تُنظر إلى هذا الإعلان بإيجابية.
وسلط الضوء على النهج الذي انتهجته هذه الدول تجاه "الإخوان"، فقد فكّكت هذه الحكومات شبكات الإخوان في بلدانها منذ سنوات، بدعوى أنها تُقوّض تماسك الدولة وتُغذّي التيارات المتطرفة. من وجهة نظرها،
ورأى أن القرار الأمريكي الأخير يُقرّ بما أصرّوا عليه سرًّا: "جماعة الإخوان ليست مجرد حزب سياسي أو منظمة اجتماعية خيرية؛ بل هي أيضاً العقدة المركزية في مشروع أيديولوجي عابر للحدود الوطنية يُؤجّج الصراعات من غزة إلى ليبيا".
وأشار إلى أن هذا التصنيف يضيف ضغوطًا جديدة على الدول التي تستضيف قيادات الإخوان، وخص بالذكر تركيا وقطر اللتين تعدان منذ عام 2013، مركزين فكريين وإعلاميين للجماعة.
وأوضح أن قنوات مثل قناتي مكملين ووطن تبث من إسطنبول، بينما تبث الجزيرة من الدوحة. ويعمل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بدعم من الحكومة القطرية. ويستخدم سياسيون ورجال دين منفيون هذه المنصات لتشكيل خطابات في جميع أنحاء العالم العربي.
الموقف من قطر وتركيا
غير أن التقرير أشار إلى أن التصنيف الأمريكي للإخوان كـ "منظمة إرهابية" لا يجبر أنقرة أو الدوحة على قطع هذه العلاقات، ولكنه يُعقّد دعمهما لشبكات الإخوان الأخرى. وبموجب القانون الأمريكي، يُمكن التحقيق في "الدعم المادي" (الذي يشمل التمويل والتجنيد) للمنظمات الإرهابية المُصنّفة، ومقاضاة مرتكبيها، وإغلاقها.
ومن الآثار الأخرى لتصنيف ترامب للجماعة فروعها المحلية في الولايات المتحدة. يبين أن التصنيف يؤثر بشكل مباشر على المنظمات الإرهابية الأجنبية، وقد يؤثر أيضًا على الأمريكيين والكيانات الأمريكية من خلال "دعمهم المادي" لفروع الإخوان المسلمين المصنفة.
ورصد أنه على مدار العقد الماضي، لم تُعِد الجماعة بناء نفسها في الولايات المتحدة كمنظمة رسمية؛ بل أعادت بناء نفسها كشبكة من الفروع غير المترابطة، كنظام بيئي متكامل.
دعمت جماعة الإخوان المسلمين كوكبة من المؤسسات والنشطاء والأصوات الإعلامية التي تستقي أفكارها من عقيدتها السياسية، حتى وإن أنكرت انتماءها المؤسسي.
منظمة الإغاثة الإسلامية العالمية
وأبرز حالات محددة توضح كيفية عمل هذا النظام البيئي عمليًا. تم حظر أو تصنيف منظمة الإغاثة الإسلامية العالمية، ومقرها مانشستر بالمملكة المتحدة، من قبل العديد من حكومات الشرق الأوسط لتمويلها فروع الإخوان المسلمين في بلدانهم (على الرغم من أنها ترفض هذه الادعاءات).
أما فرعها في الولايات المتحدة، فهي الإغاثة الإسلامية في الولايات المتحدة، وهي مؤسسة خيرية أمريكية محلية تقوم بجمع التبرعات الخاصة بها في الولايات المتحدة وتدعي الاستقلال عن المنظمة الأم (على الرغم من أنها غالبًا ما تشارك في مشاريع الإغاثة الإسلامية في جميع أنحاء العالم).
ووصف التقرير الجمعية الأمريكية الإسلامية، التي أقر قادتها الأوائل بجذور الإخوان المسلمين بأنها لا تزال واحدة من أكثر الشبكات الإسلامية الشعبية نشاطًا في الولايات المتحدة.
ولا زالت بعض فروع رابطة الطلاب المسلمين، التي أسسها طلاب متأثرون بتيارات الإحياء الإسلامي، تحافظ على روابط تنظيمية أقدم. ومنصات مثل معهد يقين، ومقره إيرفينج بتكساس، تروج لمواضيع تعكس وسائل الإعلام الموالية للإخوان من إسطنبول والدوحة.
واعتبر أن هذه الأمثلة لا تُمثّل هيكلًا قياديًا، ولا تُشير إلى أن المسلمين الأمريكيين يُعرّفون بجماعة "الإخوان المسلمين"، فالمجتمع متنوع، متعدد الأطياف سياسيًا، ويبتعد بشكل متزايد عن الفكر السياسي الإسلامي.
لكن التقرير رأى أن "هذه الحالات تُبيّن كيف تنتشر أفكار الإخوان المسلمين في الحياة المدنية الأمريكية".
وأشار إلى أن هذا التصنيف يُثير سؤالًا لطالما تجنبته واشنطن: كيف ينبغي للولايات المتحدة أن تحمي بصرامة حقوق حرية التعبير والتجمع المنصوص عليها في التعديل الأول للدستور، مع التحقيق الدقيق في عمليات جمع التبرعات والتجنيد وغيرها من "الدعم المادي" التي تصل إلى أيدي منظمات إرهابية أجنبية، وملاحقتها قضائيًا؟
استراتجية التعامل مع الإخوان المسلمين
وقال إن هذا التمييز جوهري في التأثير النهائي للتصنيف، لأنه إذا تعاملت واشنطن مع جماعة "الإخوان المسلمين" كمنظمة متجانسة، فستنهار هذه السياسة في ظل التحديات القانونية والدبلوماسية.
أما إذا استهدفت كيانات محددة تلجأ إلى العنف لأغراض سياسية، واستهدفت دعم تلك الجماعات العنيفة، فقد تُعيد هذه الخطوة تشكيل البيئة الاستراتيجية الأوسع دون أن تُفرط في الشمولية. إن الدقة، لا المبالغة، هي ما يجعل التصنيف موثوقًا، وفق التقرير.
وأوضح أن جماعة "الإخوان" صمدت لما يقارب قرنًا من الزمان بتغيير لغتها ونشاطها، وإعادة صياغة رسالتها للتكيف مع بيئات محددة، ونقل مراكز ثقلها عبر ثلاث قارات. يُشكّل هذا التصنيف تحديًا للحركة، ولكنه لا يُلغي الظروف التي تُتيح انتشار أفكارها.
واعتبر التقرير أن تصنيف ترامب لها كمنظمة "إرهابية" يعد أهم ضربة أمريكية على الإسلام السياسي العنيف منذ سنوات، وسيتوقف نجاح هذه الخطوة على تنفيذها.
إذا قال إنه يجب على واشنطن تجميد الحسابات المصرفية، ومصادرة الأصول، والأهم من ذلك، العمل مع حلفائها وشركائها لبناء إطار استراتيجي قادر على التعامل مع حركة إسلامية تُعيد تشكيل نفسها كلما تغيرت الظروف.
https://jstribune.com/hassanein-trumps-designation-of-the-muslim-brotherhood-next-steps/

