أعلن قائد قوات الدعم السريع السودانية، محمد حمدان دقلو (حميدتي) المدعوم من دولة الإمارات، موافقته على هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر في السودان، مستجيبا لما وصفه بـ"جهود الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ودول الرباعية" التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات، في خطوة تهدف إلى وقف الأعمال العدائية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى كافة المناطق المتأثرة بالنزاع.

 

وجاء في كلمة مسجلة نشرها حميدتي على منصة تليجرام:

 

"انطلاقاً من مسؤوليتنا الوطنية، نعلن عن هدنة إنسانية تشمل وقف الأعمال العدائية لمدة 3 أشهر، وذلك استجابة للجهود الدولية، وعلى رأسها مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ومساعي الدول الرباعية والاتحاد الإفريقي".

 

ودعا حميدتي "الرباعية الدولية" إلى أن "تضطلع بدورها لدفع الطرف الآخر (الجيش السوداني) إلى قبول التجاوب مع هذه الخطوة"، مؤكداً التزام قواته بـ"تسهيل العمل بالمجال الإنساني، وتأمين حماية العاملين فيه وضمان وصول المساعدات بلا عوائق، وحماية مقرات المنظمات الدولية والمحلية".

 

وكانت دول الرباعية قد أصدرت في 12 سبتمبر الماضي بياناً دعت فيه إلى هدنة إنسانية أولية لمدة 3 أشهر في السودان، تمهيداً لوقف دائم لإطلاق النار، يليه إطلاق عملية انتقالية شاملة وشفافة خلال 9 أشهر، بما يلبي تطلعات الشعب السوداني لإقامة حكومة مدنية مستقلة تحظى بشرعية واسعة.

 

وفي سياق متصل، أكد مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الإفريقية، مسعد بولس، الأسبوع الماضي، أن الولايات المتحدة ملتزمة بإنهاء الصراع المروّع في السودان، بعد تصريحات ترمب في "منتدى الاستثمار الأمريكي السعودي" الذي انعقد في واشنطن، معلناً بدء العمل على حل الأزمة بعد طلب من وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان.

 

خلفية النزاع واستمرار الاشتباكات

 

منذ 26 أكتوبر الماضي، سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور، غرب السودان، حيث ارتكبت مجازر بحق المدنيين، بحسب منظمات محلية ودولية، فيما أقر قائد الدعم السريع حميدتي بحدوث "تجاوزات" من قواته، مدعياً تشكيل لجان تحقيق.

 

كما تشهد ولايات إقليم كردفان الثلاث (شمال وغرب وجنوب) منذ أيام اشتباكات ضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أدت إلى نزوح عشرات الآلاف، فيما تسيطر قوات الدعم السريع على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس، عدا أجزاء شمالية من ولاية شمال دارفور التي لا تزال تحت سيطرة الجيش، بينما يسيطر الجيش على معظم الولايات الأخرى بما فيها العاصمة الخرطوم.

 

ردود متباينة داخل السودان

 

أثار إعلان قوات الدعم السريع هدنة من طرف واحد ردود أفعال متباينة داخل السودان، تراوحت بين الترحيب الحذر والرفض القاطع، في وقت تستمر فيه المعارك بين الجيش والدعم السريع منذ أكثر من عامين، وسط أزمة إنسانية غير مسبوقة.

 

المناورة السياسية وفق الحكومة

 

قال وزير الإعلام السوداني، خالد الإعيسر، إن إعلان حميدتي "مناورة سياسية مكشوفة"، مشيراً إلى تناقضه مع ما ارتكبته قوات الدعم السريع من انتهاكات على الأرض. وأضاف الإعيسر عبر منشور على فيسبوك:

 

"خطاب حميدتي مضلل ولا يمكن التعويل عليه"، مؤكداً أن اتفاقات جدة السابقة أثبتت استغلال الدعم السريع للهدن لتمرير الإمدادات وتعزيز المكاسب العسكرية.

 

ودعا الوزير المجتمع الدولي للضغط على الدعم السريع "للالتزام بخارطة الطريق" التي قدمتها الحكومة للأمم المتحدة، معتبرها المسار الأنسب لوقف الحرب بشكل دائم.

 

 

الترحيب من قوى المعارضة

 

في المقابل، رحب خالد عمر، نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني والقيادي في تحالف "صمود"، بالإعلان، واعتبره "موقفاً مسؤولاً يستحق الترحيب"، آملاً أن يتبعه الجيش بخطوة مماثلة لوقف الحرب، بحسب منشور له على منصة إكس:
 

 

كما اعتبر حزب الأمة القومي الهدنة "فرصة مهمة لخفض التصعيد وتحسين الأوضاع الإنسانية"، داعياً الجيش السوداني إلى التعامل إيجابياً مع المقترح وفتح ممرات آمنة للمساعدات، مؤكداً أن استمرار القتال يشكل تهديداً لوحدة السودان، وسط انهيار اقتصادي وتدهور الخدمات الأساسية.

 

الوضع الإنساني

 

رغم إعلان الدعم السريع الهدنة، لا تزال تقارير المنظمات الدولية تشير إلى استمرار الانتهاكات، بما في ذلك القصف الجوي والمعارك في كردفان ودارفور. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 12 مليون شخص منذ اندلاع الحرب، مما يجعل من الهدنة فرصة حقيقية، وإن كانت هشة، لتخفيف معاناة المدنيين.