تتصاعد مجددًا المخاوف بشأن مصير القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد البلتاجي، بعد ورود معلومات مؤكدة من داخل سجن بدر 3 تشير إلى تدهور خطير في حالته الصحية، وسط صمت رسمي واتهامات متزايدة للسلطات بانتهاج سياسة القتل البطيء للمعتقلين السياسيين عبر الإهمال الطبي المتعمّد.

ووفقًا لما نشرته الشبكة المصرية لحقوق الإنسان ومركز الشهاب لحقوق الإنسان، فقد أصبح البلتاجي عاجزًا عن الحركة تمامًا ويعتمد على كرسي متحرك داخل زنزانته الانفرادية في القطاع رقم (2) بمركز بدر للإصلاح والتأهيل، بعد أن فقد القدرة على المشي نتيجة تدهور شديد في حالته الصحية.

 

حرمان كامل من أبسط الحقوق الإنسانية

تؤكد التقارير الحقوقية أن الدكتور البلتاجي، المحبوس منذ أغسطس 2013، يعيش في عزلة تامة عن العالم الخارجي، محرومًا من حقه في التريض والتعرض لأشعة الشمس، كما لم يتمكن من رؤية أسرته منذ أكثر من عشر سنوات، وكانت آخر زيارة له في أوائل عام 2015 من خلف حاجز زجاجي.

وذكرت المصادر أن البلتاجي يعاني منذ سنوات من قصور في وظائف الكلى وارتفاع في ضغط الدم، وهي أمراض تستدعي رعاية طبية منتظمة، لكن إدارة السجن تمنع عنه الأدوية اللازمة وتتعمد تجاهل تدهور وضعه الصحي، ما أدى إلى تفاقم حالته، خاصة بعد إضرابه الأخير عن الطعام احتجاجًا على سوء المعاملة.

 

اتهامات بالتعذيب والإهمال الطبي

الشبكة المصرية رصدت عبر مصادرها الميدانية "انتهاكات ممنهجة وعمليات تعذيب غير مباشرة" تمارس ضد المعتقلين داخل سجن بدر 3، تتمثل في منع العلاج والدواء، وحرمانهم من التواصل مع ذويهم أو محاميهم، في إطار سياسة وصفها حقوقيون بأنها "تصفية جسدية بطيئة".

كما أشارت الشبكة إلى أن السلطات وبأوامر مباشرة من جهات سيادية، تتحمل المسؤولية الكاملة عن جرائم الإهمال الطبي الممنهج التي أودت بحياة العشرات داخل السجون خلال السنوات الأخيرة، مؤكدة أن ما يجري بحق البلتاجي وغيره من المعتقلين يمثل "جريمة ضد الإنسانية مكتملة الأركان".

 

دعوات للتدخل العاجل

من جهته، حمّل مركز الشهاب لحقوق الإنسان وزارة الداخلية المصرية المسؤولية القانونية الكاملة عن حياة الدكتور البلتاجي، مطالبًا النائب العام بالتحرك الفوري وتكليف أحد ممثليه بزيارة سجن بدر 3 للتحقق من الأوضاع المأساوية داخله، والوقوف على مدى تدهور الحالة الصحية للبلتاجي.

وشدد المركز على أن استمرار الصمت من النيابة العامة والجهات القضائية المعنية يعد "تواطؤًا صريحًا" في جريمة تهدد حياة أحد أبرز رموز المعارضة لافتًا إلى أن غياب الرقابة القضائية على السجون سمح بتحولها إلى "مناطق معزولة خارج نطاق القانون".

 

سجن بدر 3.. "نموذج القمع الحديث"

يُعد سجن بدر 3 أحد أحدث السجون التي أنشأتها السلطات خلال السنوات الأخيرة تحت شعار "مراكز الإصلاح والتأهيل"، لكنه تحول، وفق منظمات حقوقية دولية ومحلية، إلى "نسخة مطوّرة من سجن العقرب"، حيث تُمارس فيه أقصى درجات العزل والإذلال النفسي بحق المعتقلين السياسيين.

ووفق شهادات سابقة من أسر معتقلين ومحامين، فإن النزلاء في سجن بدر 3 يعيشون في ظروف احتجاز قاسية، تشمل الحرمان من التريض، والإضاءة الاصطناعية المستمرة داخل الزنازين، وانعدام الرعاية الصحية، فضلًا عن منع المراسلات والزيارات بشكل كامل، وهو ما دفع ناشطين حقوقيين لوصفه بـ"السجن الصامت".

 

جريمة لا تسقط بالتقادم

أكدت الشبكة المصرية أن ما يتعرض له الدكتور محمد البلتاجي وغيره من المعتقلين السياسيين في سجون بدر والوادي الجديد يمثل انتهاكًا صارخًا للدستور والمواثيق الدولية، خاصة العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب، مشددة على أن الجرائم الممنهجة بحق المعتقلين لن تسقط بالتقادم، وأن المسؤولين عنها سيُحاسبون عاجلًا أو آجلًا أمام القضاء الوطني أو الدولي.

https://www.facebook.com/ENHR2021/posts/843341294713598?ref=embed_post

https://www.facebook.com/elshehab.ngo/posts/1222964546544657?ref=embed_post