في سجن “تأهيل 4” بمدينة العاشر من رمضان، تقبع الشابة مروة أشرف عرفة، البالغة من العمر 32 عامًا، منذ أكثر من خمس سنوات، بعد أن تجاوزت الحد الأقصى لفترة الحبس الاحتياطي التي يقرها القانون المصري بعامين فقط.

ورغم تدهور حالتها الصحية والنفسية، ومرور سنوات دون صدور حكم قضائي بحقها، لا تزال مروة رهن الاحتجاز، تنتظر الإفراج عنها لتحتضن طفلتها الوحيدة “وفاء”، التي كبرت بعيدًا عن أمها، وسط معاناة إنسانية تفطر القلب.

 

بداية القصة: اعتقال دون إذن أو مبرر قانوني
في مساء الاثنين 20 أبريل 2020، داهمت قوة من الأمن الوطني منزل مروة عرفة في مدينة نصر بالقاهرة دون إذن من النيابة أو مذكرة ضبط وإحضار، وصادرت بعض متعلقاتها الشخصية وهواتفها ومبلغًا ماليًا، قبل أن تُقتاد إلى جهة غير معلومة.

اختفت مروة قسرًا لمدة 15 يومًا، قبل أن تظهر لاحقًا أمام نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق في القضية رقم 570 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، باتهامات فضفاضة تتعلق بـ"الانضمام إلى جماعة إرهابية" و"نشر أخبار كاذبة" و"إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي".

منذ ذلك اليوم، تتنقل مروة بين عدد من السجون، ويُجدَّد حبسها احتياطيًا كل 45 يومًا، في دورة لا تنتهي من الإجراءات التي حولت حياتها إلى انتظار طويل بلا أفق.

 

ظروف احتجاز قاسية وحرمان إنساني
تؤكد الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أن مروة عرفة تتعرض لظروف احتجاز غير إنسانية، إذ تم تجريدها من متعلقاتها الشخصية، ونقلها إلى عنابر تفتقر إلى أدنى مقومات النظافة أو الحياة الكريمة.

كما تم حرمانها من أدوات النظافة الشخصية، ومنعها من تلقي العلاج المناسب رغم معاناتها من التهاب مزمن في الأعصاب، وارتجاع في المريء، والتهاب في الجيوب الأنفية.

وفي أغسطس الماضي، سقطت مغشيًا عليها داخل السجن بسبب تدهور حالتها الصحية، ونُقلت إلى مستشفى السجن لتلقي العلاج المؤقت.

 

"حفيدة البنا... مفيش إخلاء سبيل"
تكشف مصادر حقوقية أن استمرار حبس مروة مرتبط بانتمائها العائلي، فهي حفيدة مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا، وهو ما أكده أحد القضاة أثناء جلسة تجديد حبسها حين قال لها صراحة: “أنتِ حفيدة البنا... مفيش إخلاء سبيل.”

ذلك التصريح، كما تقول منظمات حقوقية، يعكس الطابع الانتقامي والسياسي في التعامل مع قضيتها، بعيدًا عن أي أساس قانوني أو عدالة إجرائية.

 

طفلة وحيدة تكبر في غياب الأم
خلف القضبان، تمر الأيام ثقيلة على مروة، لكنها أشد قسوة على ابنتها الوحيدة وفاء، التي كانت في الثانية من عمرها عند اعتقال والدتها، وأتمت عامها السابع هذا العام دون أن تعرف حضن أمها.

تؤكد أسرتها أن الطفلة أصيبت بـاضطراب طيف التوحد نتيجة الصدمة والحرمان العاطفي الطويل، وتخضع لجلسات علاج نفسي متكررة، لكنها تظل تردد سؤالاً واحدًا: “ماما هترجع إمتى؟”

 

انتهاكات جسيمة موثقة
على مدار السنوات الماضية، وثقت الشبكة المصرية ومصادر حقوقية أخرى سلسلة من الانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها مروة عرفة داخل السجون، منها:

  • تجريدها من متعلقاتها الشخصية وملابسها.
  • نقلها إلى عنبر المخدرات بسجن القناطر.
  • إجبارها على النوم على الأرض في الشتاء دون غطاء كافٍ.
  • حرمانها من الزيارة الإنسانية الطبيعية، إذ لا تتجاوز مدتها عشر دقائق خلف حاجز مزدوج من الأسلاك.

وقد تسبب ذلك في تدهور حاد في صحتها الجسدية والنفسية، ما جعلها تطلب من المحكمة إعفاءها من حضور الجلسات نظرًا لتدهور حالتها.

 

خمس سنوات من الحبس بلا حكم
بعد مرور أكثر من خمس سنوات، لم يصدر أي حكم بحق مروة عرفة حتى الآن، ورغم عقد أولى جلسات محاكمتها في 6 يوليو 2025 أمام الدائرة الأولى إرهاب برئاسة المستشار محمد الشربيني، لا تزال القضية تراوح مكانها، دون أن يُبت فيها بشكل نهائي.

ويعتبر حقوقيون استمرار احتجازها مخالفة صريحة للدستور المصري الذي يحدد مدة الحبس الاحتياطي بعامين كحد أقصى.

 

المطالب الحقوقية والنداءات الإنسانية
جددت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان دعوتها إلى:

  • الإفراج الفوري عن مروة أشرف عرفة، احترامًا للقانون والدستور.
  • تمكين طفلتها وفاء من حقها في الرعاية الأسرية.
  • فتح تحقيق عاجل في الانتهاكات التي تعرضت لها داخل السجن.
  • ضمان محاكمة عادلة وفقًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

وأكدت الشبكة أن قضية مروة ليست مجرد ملف سياسي، بل قضية أم وطفلة حُرمتا من حق الحياة الطبيعية، وأن استمرار احتجازها "وصمة إنسانية" تتنافى مع القيم والمواثيق الدولية.

https://www.facebook.com/ENHR2021/posts/836722848708776?ref=embed_post