تواصل أجهزة الأمن بمركز شرطة إدفو بمحافظة أسوان، ولليوم العاشر على التوالي، إخفاء المواطن محمد محمود عبد العظيم (33 عامًا)، قسريًا منذ القبض عليه مساء التاسع من أكتوبر الجاري من منزله في قرية البصلية التابعة لمركز إدفو، وذلك بعد أقل من أسبوعين على تصفية شقيقه الأصغر أحمد عبد العظيم (26 عامًا) مع أربعة شبان آخرين في واقعة هزّت الرأي العام، إثر انتشار مقطع مصوّر يوثّق لحظة إطلاق النار عليهم واحتراق السيارة التي كانوا يستقلونها بالكامل.
 

خلفية الواقعة: تصفية غامضة تثير الجدل

 

تعود جذور القصة إلى 27 سبتمبر الماضي حين أعلنت وزارة الداخلية تصفية خمسة شبان في منطقة جبلية بمحيط مركز إدفو بأسوان، بزعم تورطهم في "أنشطة إرهابية".

 

غير أن مقطع الفيديو الذي انتشر عقب الحادث أظهر مشهدًا مروّعًا، يوثق إطلاق قوات الأمن النار على السيارة بشكل مباشر قبل أن تشتعل فيها النيران وتحترق بالكامل، وسط غياب أي دلائل على وقوع اشتباك مسلح كما زعمت البيانات الرسمية.

 

أثارت الواقعة موجة استنكار واسعة، خاصة بعد تأكيد الأهالي أن القتلى من أبناء المنطقة، وأنهم لم يكونوا مطلوبين أمنيًا، بل كانوا في طريقهم لقضاء أعمالهم اليومية المعتادة. ومن بين الضحايا كان الشاب أحمد عبد العظيم، الذي ترك خلفه أسرة صغيرة وحلمًا لم يكتمل.

 

 

 

القبض على شقيق الضحية بعد أسبوعين من التصفية


في مساء التاسع من أكتوبر الجاري، داهمت قوات أمنية منزل عائلة عبد العظيم في قرية البصلية، وألقت القبض على محمد محمود عبد العظيم وشقيقه في النسب طارق أحمد عبد العظيم (32 عامًا)، ليُقتادا إلى مركز شرطة إدفو.


ووفقًا لما وثّقته الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، تم إطلاق سراح طارق أحمد عبد العظيم بعد أيام قليلة، إلى جانب المهندس هيثم أبو المجد الذي كان قد اعتُقل قبلهما على خلفية تداول الفيديو الذي وثّق عملية التصفية، وذلك عقب نشر الشبكة تقريرًا حقوقيًا عن الانتهاكات المرتبطة بالواقعة.

 

لكن محمد محمود عبد العظيم ما زال مختفيًا حتى اليوم، وسط تضارب في الأنباء حول نقله إلى القاهرة “للعرض على مكتب النائب العام”، وهي رواية لم يتم تأكيدها رسميًا، فيما تُرجّح الشبكة الحقوقية أن السلطات تتعمد إخفاء مكان احتجازه، في مخالفة صريحة للدستور والقوانين الدولية التي تُجرّم الإخفاء القسري.
 

قلق حقوقي متصاعد وتحميل السلطات المسؤولية


عبّرت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان عن قلق بالغ على مصير المواطن المختفي، محمّلة السلطات ووزارة الداخلية، والنائب العام المسؤولية القانونية الكاملة عن سلامته الجسدية والنفسية، وعن أي انتهاكات قد يتعرض لها خلال فترة احتجازه غير القانونية.

 

وأكدت الشبكة أن هذه الممارسات تأتي ضمن نهج ممنهج تتبعه الأجهزة الأمنية لترسيخ سياسة الإفلات من العقاب، عبر استمرار الاعتقالات التعسفية والتصفيات الميدانية دون مساءلة.

 

وأضافت أن الأشهر الأخيرة شهدت تصاعدًا خطيرًا في حالات التصفية الجسدية والاختفاء القسري والوفاة تحت التعذيب في مراكز الاحتجاز المختلفة، دون أن تُفتح أي تحقيقات مستقلة أو علنية، وهو ما اعتبرته مؤشراً على تراجع خطير في سيادة القانون في مصر.
 

مطالب حقوقية عاجلة


دعت الشبكة المصرية إلى اتخاذ خطوات عاجلة وجادة لوقف ما وصفته بـ"الانتهاكات الجسيمة والممنهجة"، مطالبة بـ:

 

  • الكشف الفوري عن مكان احتجاز المواطن محمد محمود عبد العظيم والإفراج عنه دون قيد أو شرط.
  • وقف الملاحقات الأمنية بحق أسر الضحايا والشهود في واقعة تصفية الشباب الخمسة.
  • فتح تحقيق قضائي مستقل وشفاف حول الفيديو الموثق لعملية التصفية ومحاسبة المسؤولين عنها.
  • ضمان المساءلة القانونية وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب التي باتت سمة سائدة في التعامل الأمني.
     

دعوة للمجتمع الدولي


وفي ختام بيانها، شدّدت الشبكة على أن الإخفاء القسري والقتل خارج نطاق القانون يمثلان جرائم ضد الإنسانية بموجب المواثيق الدولية، داعية المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية الأممية إلى الضغط الجاد على السلطات لوقف تلك الممارسات التي تقوّض مبادئ العدالة، وتُكرّس واقعًا من الخوف وانعدام الثقة بين المواطنين وأجهزة الدولة.