نشر الإعلامي المصري، حافظ المرازي، المقيم بالولايات المتحدة، نص رسالة موجهة إلى مجلس اليونسكو تحذر من انتخاب خالد العناني، وزير السياحة والآثار أمينًا عامًا لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة.
الرسالة قال المرازي إنه حصل عليها من مصادر موثوقة وصفها بأنه "لها ثقلها الثقافي والأكاديمي والمتخصص" وجرى إرسالها إلى القائمين على اختيار الأمين العام لليونسكو قبل خمسة أيام.
وتضمنت الرسالة اتهامات للمرشح بارتكاب "انتهاكات" إبان توليه منصبه الوزاري بحكومة الانقلاب.
ولم يفصح المرازي أسماء الموقعين على الرسالة، لكن الكشف عن فحواها جاء في أعقاب الإشارة إليها ضمن تصريحات انتقد فيها زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق ما وصفهم بـ "بعض المصريين الوحشين"، قال إنهم" بعتوا جواب يقولوا فيه إن الدكتور خالد كان سبب في كذا وكذا، والعناني كان زعلان وبيقول مش مصدق".
نص الرسالة
إلى السادة القائمين على اختيار المدير العام لمنظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)،
تحية تقدير واحترام،
نعلم جميعًا أن منظمة التربية والعلوم والثقافة وُلدت بعد أهوال الحرب العالمية الثانية عام 1945، حين أدركت الإنسانية أن الدمار والخراب لا يجلبان سوى الفقد والمعاناة، وأن السلام لا يُبنى بالقوة أو بالسلاح، بل بالعقول المستنيرة والقلوب المؤمنة بكرامة الإنسان.
وجاء ميثاق هذه المنظمة ليعلن كرهه للحروب ويجعل من العلم والتعليم وسيلتين لصون الكرامة الإنسانية، وبناء جسور التواصل بين الشعوب بدلًا من أن تكون الحدود سببًا للفرقة والصراع.
ومنذ عام 2016، كتب إليكم اليوم عدد كبير من العاملين بالتراث المصري، لمتابعة ما جرى من تجاوزات في حق واحد من أعرق حضارات العالم القديم، وهو مصر، على يد المدير المصري الحالي للآثار الدكتور خالد العناني.
وإذ نذكّركم بميثاق المنظمة، فإن ما أصاب المنظومة الأثرية والتراثية في مصر منذ ذلك التاريخ حتى الآن من عبث وخراب لا يتفق مع رسالتها السامية في حماية الإبداع الإنساني المشترك، ولا مع واجب الحفاظ على الحضارة كمصدر إلهام للشباب ودليل على وحدة الإنسانية، حتى يظل هذا الإرث العظيم شاهدًا على وحدة المصريين وحرصهم على بناء مستقبل يسوده السلام والتفاهم.
وقد أُجملت اعتراضاتنا على هذا الترشيح في النقاط التالية:
1️⃣ عدم التعيين على أساس الكفاءة:
تعيين أشخاص بلا خبرة حقيقية في مجال حماية التراث، ومنحهم مناصب إدارية عليا في المنظومة التراثية، بينما يُقصى الأكفاء ويُعاقب العلماء والباحثون الذين يحذرون من المخالفات.
2️⃣ الاعتداء على القوانين واللوائح المنظمة للآثار:
فمنذ دخول قانون الآثار المصري الحالي حيز التنفيذ عام 1983، شهدنا انتهاكات عديدة لبنوده، بل إن بعض القرارات صدرت بتوقيع الوزير ذاته لإلغاء تسجيل آثار أو سحبها من قوائم التراث، في مخالفة صريحة للقانون والدستور.
3️⃣ نقل آثار من مواقعها الأصلية:
قام المرشح الحالي بنقل مسلات وتماثيل من أماكنها التاريخية الأصلية إلى ميادين عامة، مثل ميدان التحرير والعاصمة الإدارية الجديدة، لأغراض تجميلية وسياسية، مما أدى إلى إتلاف أجزاء منها وتشويه معناها الرمزي والديني.
4️⃣ ترميمات خاطئة شوهت المواقع الأثرية:
نفّذ عمليات ترميم في معابد الأقصر والكرنك باستخدام مواد إسمنتية تخالف المعايير الدولية، مما تسبب في تشويه الواجهات الأثرية وتدمير قيمتها الجمالية والتاريخية، رغم كونها مواقع مدرجة على قائمة التراث العالمي منذ عام 1979.
5️⃣ إقامة حفلات ومهرجانات في أماكن مقدسة:
سمح بإقامة حفلات راقصة وأعراس داخل أديرة ومعابد فرعونية قديمة، وهو ما يمثل إهانة صارخة لقدسية تلك المواقع وانتهاكًا لحرمتها الدينية والروحية.
6️⃣ تجاهل الاتفاقيات الدولية:
خالفت تلك الممارسات القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية التي وقّعت عليها مصر، مثل اتفاقية حماية التراث العالمي لعام 1972، وميثاق البندقية للترميم لعام 1964، مما يعرّض مواقع التراث المصري لخطر الشطب من القوائم العالمية.
7️⃣ تسييس الثقافة والتراث:
تحوّل الحفاظ على التراث في عهده إلى أداة سياسية دعائية، تُستخدم لتجميل صورة السلطة، لا لخدمة الثقافة والإنسانية، حتى أصبحت مواقع أثرية ذات قداسة دينية تُعرض كمجرد خلفية للاحتفالات والمهرجانات الرسمية.
وفي ضوء ذلك، نطرح الأسئلة التالية:
•من يحاسب القائمين على هذه الممارسات؟
•هل يجوز تحويل الكنائس والأديرة القديمة إلى أدوات دعاية سياسية؟
•وهل ترون أن من يفعل ذلك مؤتمن على قيادة منظمة اليونسكو؟
ختامًا،
نذكّركم بأن هذا المنصب ليس مجرد لقبٍ تشريفي، بل أمانة في أعناق من يحملها أمام التاريخ والإنسانية. فاختياركم اليوم ليس فقط قرارًا إداريًا، بل عهدٌ مع الضمير الإنساني.
فإمّا أن ترفعوا راية الإنسان والكرامة، وإمّا أن تتركوا المنظمة أسيرة الحسابات الضيقة!