تشهد أوساط المهتمين بملف سيارات ذوي الإعاقة في مصر حالة من الجدل الكبير خلال الأيام الأخيرة، بعد تداول منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما على مجموعات وصفحات المعاقين المهتمة بملف السيارات، تفيد بوجود عملية "إخراج استثنائي" لعدد يصل إلى 5 آلاف سيارة من الجمارك عبر تاجر يُدعى أحمد العدوي، في وقت يعاني فيه السوق من شلل شبه كامل بسبب توقف الإفراج عن السيارات منذ شهور.
https://www.facebook.com/reel/1492062605260338?locale=ar_AR
 

خلفية الأزمة
منذ سنوات طويلة، يُسمح لذوي الإعاقة في مصر باستيراد سيارات معفاة من بعض الرسوم والضرائب، وفقًا لشروط وضوابط محددة. ويُفترض أن هذه التسهيلات تهدف إلى تمكين المعاقين من الحصول على وسيلة تنقل ميسرة تراعي ظروفهم الخاصة، سواء من حيث السعر أو المواصفات الفنية.

لكن على أرض الواقع، تحولت هذه التسهيلات إلى ما يُعرف بـ"سوق سيارات المعاقين"، حيث يستفيد تجار وسماسرة من القانون، ويقومون بشراء الامتياز من أصحاب الإعاقات مقابل مبالغ مالية، ثم إدخال السيارات وبيعها في السوق العادي بأسعار أقل من السيارات الجمركية.

ومع الأزمة الاقتصادية وارتفاع أسعار السيارات عالميًا ومحليًا، ازدادت قيمة هذه السوق الموازية، ما دفع السلطات إلى فرض قيود أكبر على الإفراج الجمركي، الأمر الذي أدى إلى شلل شبه كامل منذ ما يقرب من عام.


 

 

الاتهامات المثارة
في خضم هذه الأزمة، ظهرت أنباء على مجموعات "المعاقين" على فيسبوك وتليغرام تفيد بأن جهازًا سياديًا بالتعاون مع تاجر يُدعى "أحمد العدوي" تمكن من إخراج نحو 5 آلاف سيارة من الجمارك، في وقت لا يتم الإفراج فيه عن سيارات المستحقين العاديين.

وبحسب ما يتم تداوله، فإن هذه العملية خلقت حالة من الغضب بين المستحقين، الذين يرون أن هناك "تمييزًا" و"محاباة" لفئة معينة من التجار على حساب ذوي الحقوق الفعليين.

ويؤكد بعض النشطاء أن السوق شهد بالفعل دخول دفعات من السيارات المنسوبة لهذه العملية، وهو ما انعكس على العروض المتاحة حاليًا عبر بعض التجار. ومع ذلك، لا توجد حتى الآن بيانات رسمية أو توثيق علني لهذه الأرقام أو للجهة التي أشرفت على الإفراج.


 

 

انعكاسات على السوق
بغض النظر عن دقة الأرقام المتداولة، فإن مجرد انتشار هذه الأنباء أحدث ارتباكًا كبيرًا في السوق.
أولًا، زادت حالة السخط بين المستحقين الذين ينتظرون منذ شهور طويلة دون جدوى.
ثانيًا، ارتفعت الشكوك بشأن وجود "سوق مغلقة" يتحكم فيها عدد محدود من التجار القادرين على تمرير سيارات رغم القيود.
ثالثًا، انقسمت مجموعات المعاقين بين من يرى أن ما يحدث مجرد "إشاعات" تهدف إلى الضغط على الدولة، ومن يعتقد أن هناك بالفعل تجاوزات منظمة.

على مستوى الأسعار، لم يلحظ المراقبون انخفاضًا ملحوظًا بعد هذه الأخبار، ما يشير إلى أن الكميات المتاحة – حتى لو صحت – لم تكن كافية لعمل فارق حقيقي في السوق شديد الاضطراب.
 

صمت رسمي
حتى الآن، لم يصدر أي تعليق رسمي من وزارة المالية أو مصلحة الجمارك أو غيرها من الجهات المسؤولة لتوضيح حقيقة ما يجري. ويُعتبر هذا الصمت أحد أهم العوامل التي تساهم في تضخم الشائعات واستمرار البلبلة.

ويرى خبراء أن الشفافية هي الحل الأمثل لتهدئة السوق، سواء عبر إعلان خطة واضحة للإفراج عن السيارات، أو عبر توضيح أسباب توقفها، أو عبر نفي أو تأكيد ما يتم تداوله بشأن الإفراج الاستثنائي لبعض التجار.
 

مطالب الشارع
المعاقون وأسرهم يرفعون عدة مطالب أساسية في ظل هذه الأزمة:

  • إعادة تفعيل الإفراج الجمركي وفق ضوابط محددة وعادلة للجميع.
  • وضع حد للسماسرة والتجار الذين يستغلون الامتياز لتحقيق أرباح طائلة.
  • توفير آلية رقابية شفافة تضمن وصول السيارات لمستحقيها الفعليين.
  • إعلان رسمي واضح ينفي أو يؤكد ما يُثار بشأن عمليات الإفراج الخاصة.

وفي الأخير تبقى الحقيقة حتى اللحظة غير مؤكدة بالكامل، بين تداول واسع لخبر الإفراج عن آلاف السيارات لصالح تاجر بعينه، وبين غياب أي مستندات أو بيانات رسمية تؤكد أو تنفي.

وفي كل الأحوال، فإن ما يحدث يعكس أزمة ثقة متفاقمة بين المستحقين والدولة، في ظل سوق متعطش للسيارات ووسط ضغوط اقتصادية قاسية.

ولعل الدرس الأهم من هذه الأزمة أن غياب الشفافية والوضوح الرسمي يفتح الباب دائمًا أمام الشائعات، ويجعل من مجموعات التواصل الاجتماعي المصدر الوحيد للمعلومات، بما يحمله ذلك من مخاطر على استقرار السوق وثقة المواطنين.