منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، تزايدت الدعوات العربية والدولية المطالبة بفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى أهالي القطاع الذين يعيشون تحت حصار خانق. وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه الشارع المصري والعربي موقفًا قويًا من القاهرة، جاءت تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي لتفجر موجة غضب واسعة. فقد أعلن السيسي صراحة أن دخول المساعدات إلى غزة مشروط بموافقة "إسرائيل"، مضيفًا: "لو رفضت ماقدرش أدخلها"، وهو ما اعتبره مراقبون تكريسًا لحالة التبعية السياسية، وتنازلًا فاضحًا عن دور مصر التاريخي كقلب الأمة والمدافع عن القضية الفلسطينية.

هذه التصريحات لم تمر مرور الكرام، إذ أثارت صدمة شديدة بين النشطاء والخبراء على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين رأوا فيها دليلاً جديدًا على تحالف غير معلن بين النظام المصري وتل أبيب، واصطفافًا واضحًا إلى جانب الاحتلال في وقتٍ يعاني فيه الفلسطينيون من مجازر متواصلة وحرمان من أبسط مقومات الحياة. وبينما تتسابق دول أوروبية مثل إسبانيا وإيطاليا لحماية أسطول كسر الحصار، يأتي الموقف المصري على النقيض، رافضًا حتى مجرد التفكير في ممارسة ضغط سياسي أو دبلوماسي على الكيان الصهيوني. هذا التناقض فجّر تساؤلات حادة حول أولويات النظام المصري وحدود "حرصه" المعلن على الأمن القومي، وهل المقصود به أمن مصر فعلًا أم أمن "الكيان" وضمان بقاء السلطة.
 

ردود فعل غاضبة
وقد تتابعت ردود الفعل الغاضبة من شخصيات سياسية وحقوقية وأكاديميين ونشطاء، عبّر كل منهم عن استيائه من هذه التصريحات، مؤكدين أنها تكشف عن ازدواجية صارخة في مواقف النظام المصري، وعن ارتباط مباشر بين بقائه في الحكم وضمان أمن الاحتلال.

 

فكتب علاء الأسواني "قال السيسي لا احد يطلب مني ان أراهن بحياة المصريين وادخل في صراع لادخال المساعدات لغزة بالقوة " ترجمة هذه الجملة " لا احد يطلب مني ان اغضب اسراءيل وأخاطر بالسلطة ونعيمها من اجل مساعدة غزةً ".

 

وعلق المستشار وليد شرابي "شرابي: السيسي يقول: "أنا مش حدخل بصراع علشان أوصل مساعدات لغزة" والعجيب إن الأسبوع ده اكتشفت مقبرة جماعية في شمال سيناء لـ٣٠٠ مصري، يعني ممكن يدخل صراع لكن بشرطين، مايكنش ضد الإسرائيليين، والضحايا يكونوا مصريين أبرياء!".

 

الحقوقي محمد إسماعيل أضاف "والله هو الاستبدال!! الصورة الاولي إسبانيا و إيطاليا يعلنوا ان أسطول الصمود الذي يبحر لكسر حصار غزة اصبح تحت حمايتهم و الصورة الثانية السيسي يعلن امام الجيش المصري الشريك في الدم والروح والدين والوطن لأهل رفضه السماح بدخول مساعدات لاهل غزة لأنه لا يريد ان الدخول في نزاع لا يخصه حتي لا يعرض اهل مصر للاذى!! السيسي ونتنياهو وجهان لعملة واحدة!!".

 

السياسي د. عصام عبدالشافي أوضح "السيسي والكيان الصهيوني: 15 جريمة مشتركة عبر عشرات اللقاءات التليفزيونية على مدى 12 عاماً منذ انقلاب 2013 في #مصر وأنا أؤكد على تحالف #السيسي_نتنياهو وأنهما شريكان رئيسيان في كل الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين في غزة والضفة. مؤخرًا ربط البعض تأخر سيناريو التهجير لأن السيسي يرفض، وأن هذا الرفض سببه حرصه على الأمن القومي للدولة المصرية وأنه أدرك مؤخرًا حجم خطورة مشروع التهجير على هذا الأمن لكن للأسف الشديد هذا نوع من التضليل الذي يرقى لدرجة الغباء السياسي. السيسي لم يكن يومًا منذ انقلابه حريصًا على الأمن القومي المصري، بل حرصه الأكبر على أمن الكيان لأن في أمن الكيان تأمين للكرسي الذي يجلس عليه".

 

ونوه حساب مستر ذئب منفرد: "السيسي طالع بيشتغلنا وبيقول ميقدرش يدخل لغزة مساعدات بالقوة عشان ميدخلش حرب ! معندكش أوراق ضغط ؟! معندكش معاهدات انتهكت تتعلق؟! معندكش صفقات معاهم تقف ؟! معندكش سفير ينطرد؟! معندكش دعم دبلوماسي حقيقي لفلسطين؟! الحقيقة انك عندك اوراق ضغط وكتيرة لكن انت عندك استعداد تسيبهم يتقتلوا ٢ مليون مسلم مفيش مشكلة منت جاسوس صهيوني أصلا".

 

ولفت مروان "السيسي كان هيراهن بحياة المصريين في ٢٠٢٠ عشان يدخل حرب ضد تركيا في ليبيا مع حفتر اللي دعموه بالمال والسلاح والمعلومات وحدد سرت خط أحمر لكن عند غزة مش هينفع يراهن".

 

في النهاية، تبدو تصريحات السيسي الأخيرة بمثابة حلقة جديدة في سلسلة المواقف التي تثير جدلاً واسعًا وتطرح علامات استفهام حول طبيعة الدور المصري في القضية الفلسطينية.
وبينما يصر النظام على ربط تحركاته بموافقة "إسرائيل"، يواصل الفلسطينيون دفع الثمن الأكبر من دمائهم وأرواحهم تحت حصار وعدوان مستمر.