في مشهدٍ صادم أثار غضب الرأي العام، شهدت منطقة حدائق القبة في القاهرة واقعة اعتداء صارخة على حقوق الإنسان، حين أقدم أمين شرطة على تكبيل مواطن بماسورة مياه في الشارع، في تصرفٍ يجمع بين البلطجة الرسمية والمخالفة الدستورية الصريحة.
هذه الواقعة لم تعد مجرد حادثة فردية، بل هي انعكاسٌ واضح لنهجٍ متكرر من الانتهاكات التي يتعرض لها المواطن المصري يوميًّا من قِبل بعض عناصر الأمن.
https://x.com/i/status/1967155107889320433
مخالفة دستورية صارخة
ينص الدستور المصري على أن الحرية الشخصية حق طبيعي مصون لا يُمس، وأنه لا يجوز القبض على أي مواطن أو احتجازه إلا بأمرٍ قضائي مُسبب، مع ضمان معاملته بما يحفظ كرامته الإنسانية.
لكن ما جرى في حدائق القبة يفضح تناقضًا واضحًا بين النصوص الدستورية والواقع العملي، حيث جرى التعامل مع المواطن كأنه "غنيمة"، في انتهاك سافر لكل الضمانات الدستورية.
القانون المصري كذلك يحظر أي شكل من أشكال التعذيب أو المعاملة المهينة، ومع ذلك تحولت ماسورة المياه في الشارع إلى وسيلة للإذلال، لا تختلف كثيرًا عن المشاهد التي توثقها تقارير المنظمات الحقوقية الدولية حول التعذيب في مراكز الاحتجاز.
بلطجة بحصانة الداخلية
ما فعله أمين الشرطة لا يمكن تفسيره إلا باعتباره بلطجة بغطاء رسمي. فالمواطن لم يُعامل باعتباره صاحب حقوق، بل كخصمٍ يجب كسره وإذلاله أمام الناس.
هذا السلوك يعكس ثقافة متجذّرة داخل بعض الأجهزة الأمنية، حيث تُمارس القوة لا لحماية القانون، بل لإخضاع المجتمع واستعراض السيطرة.
هذه البلطجة لم تعد استثناءً، بل باتت نمطًا متكررًا؛ من الضرب في أقسام الشرطة، إلى إطلاق الرصاص على مواطنين في الشوارع، وصولًا إلى مشاهد التكبيل في مواسير المياه.
إهانة جماعية للمصريين
المشهد لم يكن مجرد إهانة للمواطن الذي جرى تكبيله، بل إهانة لكرامة المصريين جميعًا.
فالكرامة الإنسانية لا تتجزأ، وما وقع في حدائق القبة يرسل رسالة قاسية للمجتمع: أن المواطن بلا قيمة، وأن أي فرد في جهاز الأمن يمكنه إذلال الناس دون رادع.
هذه الممارسات تُعمّق حالة الغضب واليأس، وتؤكد أن الدولة لا تنظر إلى المواطن باعتباره شريكًا، بل باعتباره تابعًا يجب إخضاعه بالقوة.
وأثارت الواقعة ردود فعل غاضبة بين النشطاء والمعارضين السياسيين، الذين أكدوا أن ما حدث يمثل جريمة مكتملة الأركان.
الناشط الحقوقي جمال عيد علّق في أكثر من مناسبة على وقائع مشابهة، معتبرًا أن هذه التصرفات "تكشف حقيقة أن المواطن المصري بلا حماية قانونية أمام بطش السلطة التنفيذية".
وأشارت ليلى: "حسبنا الله ونعم الوكيل.. كنا سامعين عن دورة تثقيفية للضباط والأمناء علشان يحسنوا معاملة الناس... تقريبا هي دي النتيجة".
https://x.com/Laila0549425631/status/1967189331799646253
وقالت منى: "حسبنا الله ونعم الوكيل".
وأوضح عثمان: "ولسه طول ما الناس نايمة، حتعمل فيها العجايب".
https://x.com/ssamman486785/status/1967448759467667917
الخلاصة
أن الحادثة ليست مجرد تجاوز فردي، بل تعبير عن أزمة سياسية شاملة تعيشها مصر منذ سنوات. فمنذ تراجع سيادة القانون لصالح تغوّل الأجهزة الأمنية، أصبح المواطن عرضة للانتهاكات في كل لحظة.
لا وجود لرقابة برلمانية حقيقية، ولا مساءلة قضائية فعّالة، مما جعل تجاوزات الأمن تتحول إلى سياسة أمرٍ واقع.
الحكومة التي تتشدق بالدستور والقانون هي نفسها التي تسمح لعناصرها بإهانة المواطنين في الشوارع، مما يؤكد أن النصوص الدستورية في مصر لا تتجاوز كونها شعارات للاستهلاك الإعلامي.
وأخيرًا، فتكبيل مواطن في ماسورة مياه بحدائق القبة ليس مجرد حادثة عابرة، بل هو جريمة مكتملة الأركان ضد الدستور والكرامة الإنسانية.
هذا المشهد يُجسد الفجوة العميقة بين ما تنص عليه القوانين، وبين ما يعيشه المصريون على أرض الواقع.
ما حدث إهانة لكل المصريين، ودليل على أن السلطة لا ترى في المواطن سوى تابعٍ يمكن إذلاله بالقوة.
وفي ظل استمرار الإفلات من العقاب، ستظل مثل هذه الوقائع تتكرر، مؤكدةً أن معركة الكرامة والحرية في مصر لم تبدأ بعد.