أثارت تصريحات الإعلامي محمد شردي الأخيرة جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والشعبية، بعدما ألمح في حديثه إلى أن الحشود العسكرية المصرية على الحدود تخدم في جانب منها حماية أمن إسرائيل.
الرسالة – التي التقطها الناشط والمعارض المصري وليد شرابي – وصفها بأنها "مطمئنة جدًا لنتنياهو"، معتبرًا أنها تكشف حقيقة ما وصفه بـ"التحولات الجذرية" في العقيدة العسكرية المصرية خلال عهد عبد الفتاح السيسي.
https://x.com/i/status/1966886678704124004

شرابي استحضر مقطع الفيديو الذي تداولته منصات التواصل الاجتماعي، والذي أكد فيه شردي أن "اللعب أصبح على المكشوف"، ليطرح مجموعة من الأسئلة الاستنكارية التي حمّلها إلى كل ضابط وجندي في الجيش المصري: "في صف من سيقاتل؟ في سبيل ماذا سيضحي؟ ولصالح من تعمل قيادته؟ وما هي عقيدة قائده الأعلى؟".

هذه الأسئلة، وإن بدت موجهة للرأي العام، إلا أنها في جوهرها تثير نقاشًا حساسًا حول طبيعة الدور العسكري المصري في ظل التوترات الإقليمية الحالية.
https://x.com/waleedsharaby/status/1966886678704124004
 

شرابي: عقيدة الجيش المصري إسرائيل أصبحت صديقا لا عدو
وليد شرابي، المعروف بمواقفه المعارضة للنظام المصري من الخارج، ركز في تحليله على ما اعتبره انحرافًا خطيرًا في بوصلة العقيدة القتالية للجيش.
فبدلًا من أن تكون المواجهة موجهة ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي اغتصب الأرض الفلسطينية، يرى شرابي أن تصريحات شردي تعكس توجهًا رسميًا نحو جعل إسرائيل "شريكًا أمنيًا" وليس "عدوًا تقليديًا".

ويرى شرابي أن ما جرى تداوله ليس مجرد "زلة لسان" من إعلامي قريب من دوائر السلطة، بل هو تعبير صريح عن توجه استراتيجي يتم تهيئة الرأي العام له.
هذا التوجه – بحسب رأيه – يضع الجيش المصري في موقف معقد أمام قواعده وضباطه وجنوده، الذين تربوا لعقود طويلة على عقيدة واضحة تعتبر إسرائيل العدو الأول لمصر والعرب.
 

جدل على مواقع التواصل: بين الصدمة والتأييد
تصريحات شردي، وتعليقات شرابي عليها، فجرت موجة من النقاش الحاد على منصات التواصل الاجتماعي.

قطاع واسع من المغردين أبدى صدمته مما اعتبره "سقوطًا مدويًا للأقنعة"، مؤكدين أن النظام المصري لم يعد يخفي تحالفاته الأمنية مع إسرائيل، بل بات يعلنها على لسان إعلاميه. هؤلاء المستخدمون ذهبوا إلى حد وصف الأمر بـ"الخيانة التاريخية" للقضية الفلسطينية.

وكتب حزب تكنو قراط مصر " فضيحة إعلامية محمد شردى يوجه كلمة لنتنياهو القوات المصرية اللى موجودة فى سيناء لحماية اسرائيل".
https://x.com/egy_technocrats/status/1966954490155663581

وكتب صدى مصر " محمد شردي يعترف: الجيش المصري على الحدود بيحمي الكيـ.ان والنتن… ده فعلاً اللعب بقى على المكشوف!! الجماعة بتوع الاصطفاف ورا السيسي.. هتقولوا إيه دلوقتي؟".
https://x.com/sadamisr25/status/1966961163985711332

وأشار سامح " ( شردي ) يتهم الجيش المصري بالعمالة .. وأهيب بالمسئولين عن اتخاذ القرار بسرعة القبض عليه .. ومحاكمته عسكرياً".
https://x.com/new__moha/status/1966989511352566198

في المقابل، ظهر تيار آخر من التعليقات يدافع عن تصريحات شردي، معتبرًا أن حماية الحدود الشرقية – بما فيها التنسيق مع إسرائيل – جزء من مقتضيات "الأمن القومي المصري"، خاصة في ظل التوترات مع قطاع غزة والعمليات المسلحة في سيناء.
هذا التيار يبرر التوجه الجديد باعتباره "واقعية سياسية"، تفرضها طبيعة التحالفات الإقليمية الجديدة بعد اتفاقات التطبيع التي اجتاحت المنطقة.
 

خبراء: خطورة تغيير العقيدة العسكرية
عدد من الخبراء والمحللين السياسيين دخلوا على خط النقاش. الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية وصف تصريحات شردي بأنها "إشكالية للغاية"، مشيرًا إلى أنها تثير تساؤلات حول مدى التزام الدولة المصرية بالقضية الفلسطينية كقضية مركزية. وأبدى تخوفه أن يتحول الجيش المصري إلى "حارس لحدود إسرائيل" بدلًا من أن يكون سندًا للمقاومة.

أما الباحث مصطفى كامل السيد فرأى أن الرسالة "مزدوجة"، فمن ناحية تعكس سياسة الدولة في طمأنة الغرب وتل أبيب، ومن ناحية أخرى تكشف عن مأزق داخلي يتعلق بكيفية تسويق هذه السياسة للرأي العام المصري الذي ما زال يرفض التطبيع.
الإعلامي ياسر عبد العزيز أوضح أن "المعركة الإعلامية هنا لا تقل خطورة عن المعركة العسكرية"، فالتصريحات التي تخرج من وجوه إعلامية مقربة من النظام تساهم في إعادة صياغة وعي المواطنين، بما يتماشى مع أجندات إقليمية ودولية.

في حين رأى المحلل العسكري اللواء عادل سليمان أن الجيش المصري "لم يغيّر عقيدته رسميًا"، لكن طبيعة التنسيق الأمني مع إسرائيل تجعل هذه الشكوك مقبولة.
وحذّر من أن "التصريحات غير المنضبطة قد تؤدي إلى أزمة ثقة بين المؤسسة العسكرية والشعب".
 

انعكاسات على الداخل المصري
تداعيات هذه التصريحات تتجاوز النقاش الإعلامي لتصل إلى قلب الشارع المصري، الذي يعاني أصلًا من أزمات اقتصادية طاحنة وفقدان الثقة في مؤسسات الدولة.
فالجدل حول العقيدة العسكرية يعمّق من شعور المواطنين بأن مصر "تتخلى تدريجيًا عن دورها التاريخي" كمدافع عن القضايا العربية.

وفي النهاية، فإن الجدل الذي أثاره وليد شرابي بتعليقه على تصريحات محمد شردي لن يتوقف عند حدود منصات التواصل، بل سيظل علامة بارزة على حالة الانقسام العميق حول دور الجيش المصري وعلاقته بإسرائيل في المرحلة المقبلة.