أعاد الإعلامي والكاتب إبراهيم عيسى إشعال السجال السياسي والفكري في مصر بعد سلسلة تصريحات مثيرة هاجم فيها حركتي "حماس" و"الإخوان المسلمين"، متهماً إياهما بجرّ المنطقة إلى أزمات متلاحقة، ومشككاً في خطاباتهما الدينية والسياسية.

تصريحات عيسى جاءت لتفتح جبهة مواجهة جديدة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين مؤيد يرى فيها جرأة وصراحة، ومعارض يعتبرها استمراراً لحملة التشويه الرسمية ضد التيارات الإسلامية.

هذا الهجوم ليس الأول من نوعه، إذ اعتاد عيسى على إثارة الجدل من خلال خطاباته الحادة وانتقاداته المباشرة، لكنه هذه المرة اختار توقيتاً بالغ الحساسية، خاصة مع تصاعد الأحداث الإقليمية واستمرار حالة الاحتقان الشعبي تجاه السياسات الإسرائيلية والداعمين لها.
https://x.com/i/status/1966900292164669785
 

ضجة على السوشيال ميديا: بين تأييد وهجوم
لم تمر تصريحات إبراهيم عيسى مرور الكرام، بل تصدرت الوسوم المرتبطة باسمه منصات التواصل في مصر وعدة دول عربية. أنصاره دافعوا عنه باعتباره صوتاً "متمرداً" على الخطابات التقليدية التي تخلط الدين بالسياسة، بينما شنّ معارضوه هجوماً لاذعاً، واعتبروه مجرد أداة بيد السلطة لمهاجمة خصومها الإسلاميين.

مغردون مقربون من حركات المقاومة الفلسطينية اعتبروا أن عيسى يكرر خطاب الإعلام الإسرائيلي في تحميل "حماس" المسؤولية عن تدهور الأوضاع بالمنطقة، متجاهلاً الاحتلال الذي يمثل "الجذر الحقيقي للأزمة". فيما رد آخرون بأن نقد "حماس" لا يعني الانحياز لإسرائيل، بل هو محاولة لقراءة أعمق لتجربة الحركة في الحكم والسياسة.
 

حماس والإخوان في مرمى الانتقادات
حركة حماس بدت الأكثر استهدافاً بتصريحات عيسى، الذي اتهمها بأنها تسعى لتكريس سلطتها على حساب الشعب الفلسطيني، وتستغل الخطاب الديني لفرض رؤيتها السياسية. كما لم يفوّت الفرصة للهجوم على جماعة الإخوان، واصفاً إياها بأنها "أصل الأزمات" في العالم العربي.

ردود أفعال الجماعة وأنصارها لم تتأخر، إذ اعتبروا أن ما يقوم به عيسى جزء من حملة رسمية لإبعاد التعاطف الشعبي عن القضية الفلسطينية، خاصة بعد الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على غزة والدوحة، والتي أثارت غضباً واسعاً في الشارع العربي.
 

خبراء: الهجوم انعكاس لسياسات النظام
رأي الخبراء تباين بدوره. الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، يرى أن خطاب إبراهيم عيسى "ليس منفصلاً عن السياق العام للإعلام المصري"، بل يعكس توجهات النظام في تحميل الحركات الإسلامية وزر الأزمات. بينما اعتبر الباحث مصطفى كامل السيد أن هذه التصريحات "تخدم أجندة إقليمية ودولية لإضعاف المقاومة الفلسطينية وإعادة تشكيل أولويات الرأي العام العربي".

من جانبه، رأى الدكتور ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات سابقاً، أن ما يفعله عيسى يدخل في إطار "حرية الرأي" التي يجب احترامها، حتى لو كانت مثيرة للجدل. فيما شدد الباحث الإعلامي ياسر عبد العزيز على أن "الجدل حول تصريحات إبراهيم عيسى دليل على قوة تأثيره في المجال العام"، لكنه أشار إلى أن التوقيت "غير مناسب" ويصب في صالح خصوم القضية الفلسطينية.

أما الناشط الحقوقي جمال عيد، فذهب إلى أن تصريحات عيسى ليست مجرد رأي فردي، بل جزء من "حملة منظمة تستهدف إضعاف الروابط الشعبية بين المصريين والقضية الفلسطينية". بينما لفت المحلل طارق الزيات إلى أن "التعامل الحاد مع قضايا حساسة كهذه يزيد من الاستقطاب، ويخلق انقساماً مجتمعياً غير صحي".

وقال الإعلامي محمد ناصر " بعد عودة لميس الحديدي ومحمود سعد وإبراهيم عيسى.. السيسي بيـ ـدمر الإعلام مش بيطوره!".
https://x.com/M_nasseraly/status/1966955040176042007
الانعكاسات على المشهد السياسي
عودة هجوم إبراهيم عيسى على حماس والإخوان فتحت الباب أمام نقاش أوسع حول حدود النقد السياسي في مصر، ودور الإعلاميين في صياغة الرأي العام. فبينما يرى البعض أن هذا الجدل يعزز النقاش الحر، يعتقد آخرون أنه يساهم في تكريس الانقسام وتوجيه الرأي العام بعيداً عن قضايا أكثر إلحاحاً مثل الأزمة الاقتصادية وارتفاع الديون.
وفي النهاية، يبقى عيسى لاعباً مثيراً للجدل، لا يمر ظهوره الإعلامي دون أن يترك وراءه ضجيجاً سياسياً وفكرياً، وهو ما يعكس في جوهره مأزق الإعلام المصري بين التعبير عن حرية الرأي وبين خدمة أجندات السلطة في لحظة فارقة من تاريخ المنطقة.