تحولت مأساة إنسانية إلى قضية رأي عام أشعلت الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي وأثارت جدلًا واسعًا حول أوضاع العمالة في مصر، بعد وفاة رضيعة العاملة دعاء محمد التي كانت تعمل في شركة "لينيين جروب" للملابس الجاهزة. الأم طلبت إذنًا عاجلًا لمغادرة المصنع حتى تأخذ طفلتها المريضة من الحضانة إلى الطبيب، لكن الإدارة رفضت، لتتصاعد الأحداث بشكل مأساوي انتهى بوفاة الطفلة على كتف أمها، وسط اتهامات مباشرة للإدارة بالتعسف والإهمال.

 

تفاصيل الواقعة

بحسب شهادات العمال، بدأت القصة عندما تلقت دعاء محمد اتصالًا من حضانة طفلتها، يخبرها بأن ابنتها تعاني من أزمة صحية خطيرة وتحتاج إلى فحص طبي عاجل. هرعت دعاء لطلب إذن مغادرة من مسؤولي المصنع، لكن طلبها قوبل بالرفض بحجة "عدم وجود بديل يغطي مكانها". ومع إصرارها على الخروج، تدخل أفراد الأمن التابعين للشركة واعتدوا عليها بالضرب، ما تسبب في سقوط الطفلة التي كانت على كتفها، لتفارق الحياة بعد دقائق.

 

غضب عمالي وإضراب داخل المصنع

وفاة الرضيعة فجرت احتجاجًا غير مسبوق بين العمال، حيث أعلن المئات من زملاء دعاء إضرابًا مفتوحًا عن العمل، مطالبين بمحاسبة المسؤولين عن الواقعة وإقالة إدارة الأمن التي اعتدت على الأم. رفع العمال شعارات تندد بـ"التعسف واللا إنسانية"، مؤكدين أن ما حدث ليس حالة فردية، بل يعكس سياسة عامة تقوم على الضغط والاستغلال وغياب أي اعتبارات إنسانية في بيئة العمل.
وبدأ عمال شركة نايل لينين جروب للنسيج والمفروشات بالإسكندرية إضرابًا عن العمل، أمس، احتجاجًا على وفاة ابنة إحدى العاملات، رفضت مشرفة الأم منحها إجازة لرعايتها أثناء مرضها، مطالبين برحيل المشرفة، حسبما قال رأفت دسوقي، المستشار القانوني لنقابة العاملين بالشركة، ومصدران من العمال، مشيرين إلى أن تعزيزات مكثفة من الشرطة تواجدت على بوابات الشركة، صباح اليوم، واعتدت على عاملين واحتجزت أحدهما داخل سيارة شرطة، قبل أن يحرره العمال.

وقالت المصادر إن إضراب العمال بدأ عفويًا فور علمهم بوفاة ابنة زميلتهم، دعاء محمد، التي استدعاها مسؤولو حضانة الأطفال الملحقة بالشركة، في حوالي الساعة العاشرة صباحًا، نظرًا لتدهور حالة رضيعتها، والارتفاع الشديد في درجة حرارتها، مع عدم تمكن الطبيبة المتواجدة في الشركة من إسعافها، لتنطلق بها الأم نحو المستشفى، لكنها توفيت «بين يديها» بالقرب من أبواب المنطقة الحرة بالعامرية، التي تقع الشركة بها.
https://x.com/i/status/1966119523100094669

 

نعي عمالي

ونعى الاتحاد المصري للنقابات العمالية، أمس، الرضيعة، واصفًا الواقعة بـ«المأساة المفجعة.. والجريمة الإنسانية والقانونية المروعة»، مطالبًا «وزارة العمل بتحمل مسؤوليتها ومحاسبة الشركة»، وشدّد البيان على ضرورة  دخول إدارة الشركة في مفاوضة جماعية مع اللجنة النقابية، وعدم تجاهل المطالب المتكررة بشأن تطبيق الحد الأدنى للأجور، وتحسين ظروف العمل، والاستجابة لمطالب العمال «المشروعة».

تأسست «نايل لينين جروب» في 1996، وتعمل من خلال 24 خط إنتاج للمفروشات والوبريات بأنواعها، والأقمشة والملابس الجاهزة، والصباغة والتجهيز والطباعة، وتقوم بتصدير معظم إنتاجها إلى الخارج.

 

تفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي

على منصات التواصل، تحولت القصة إلى قضية رأي عام خلال ساعات، حيث تصدرت وسوم مثل #حق_دعاء و #طفلة_المصنع قائمة الأكثر تداولًا.

اتهم النشطاء إدارة "لينيين جروب" بالقتل غير المباشر، وطالبوا بفتح تحقيق فوري ومحاسبة كل المتورطين. كما استعاد البعض حوادث سابقة مشابهة، لتأكيد أن ظروف العمالة في كثير من المصانع الخاصة أشبه بـ"معسكرات اعتقال"، حيث تُنتهك الحقوق الأساسية للعمال يوميًا.

قال أحد زملاء دعاء: "إحنا مش عبيد، هي طلبت حقها الطبيعي كأم. الإدارة حرمتها من أبسط حقوقها، النتيجة طفلة بريئة راحت ضحية".

وطالبت منظمات حقوقية مثل المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بفتح تحقيق مستقل، مؤكدين أن "ما حدث جريمة تعكس انهيار منظومة حماية العمال في مصر".
بينما دعا محامون إلى تحويل القضية إلى النيابة العامة باعتبارها قتلًا بالإهمال، محملين وزارة القوى العاملة مسؤولية الرقابة على ظروف العمل.

وكتب الناشط السياسي عمرو عبدالهادي "في مظاهرات في شركة نايل لينين جروب (النيل للغسل والنسيج) عاملة اسمها دعاء، أم لطفلة رضيعة والأم حاولت الحصول على تصريح توديها للطبيب، لكن المديرة انتصار حتى لفظت الطفلة أنفاسها الأخيرة بين يدي أمها داخل الشركة. المضربين بقى فتحو كل الملفات المسكوت عنها وكانت مطالبهم واضحة: • محاسبة المسؤولين عن هذه الكارثة الإنسانية. • تطبيق قانون العمل الجديد. • تفعيل الحد الأدنى للأجور. • استرداد جميع حقوق العاملين داخل الشركة. صحيح عظيم النار من مستصغر الشرر".
https://x.com/amrelhady4000/status/1966418265174892652

وقال حساب يامان "وفاة ابنة إحدى العاملات في حضانة أطفال ملحقة بشركة نايل لينين جروب للنسيج والمفروشات بالإسكندرية، بعد رفض مشرفة القسم الذي تعمل به منحها إجازة لرعايتها أثناء مرضها، وعمال الشركة يبدؤون إضرابا عن العمل احتجاجا على ما حدث. #الاسكندرية".
https://x.com/foryamaneyes/status/1966359568369225840
وأضافت دعاء "متخيل البجاحة و الفجر وصل بيهم ل فين بدل ما يساعدوا الست و العمال على الكارثة اللي حصلت دي بيضربوهم و بيهددوهم #متضامنين_مع_عمال_لينين_جروب".
https://x.com/DoaaH27/status/1966323578648883382
وأوضحت عزة "العاملين بشركة نايل لينين جروب (النيل للغسل والنسيج) بالاسكندرية منذ امس فى اضراب بسبب فاجعة أليمة حدثت للعاملة دعاء طفلتها الرضيعة تعبت فجأة، و حاولت الحصول على تصريح خروج لتأخذها للطبيب، لكن المديرة رفضت كل توسلاتها وهددتها بالخصم ، لما حالة الرضاعة ازدادت سوءا ".
https://x.com/azza_204/status/1966293231110697150
ولفتت ثورة شعب "الداخلية نزلت تحاصر مصنع"لينين جروب" في الاسكندرية.. مش عشان تقبض على اللي اتسببوا في قتل الطفلة، لأ عشان تقبض على زمايل أمها اللي بيطالبوا بحقها. هو ده تعريف "الأمن" في جمهورية السيسي.".
https://x.com/ThawretShaaab/status/1966245111538262512
وأخيرا فمأساة دعاء محمد ليست مجرد واقعة فردية، بل ناقوس خطر يدق من جديد حول أوضاع العمالة في مصر. فهي تكشف عن تغول إدارات الشركات على حساب الحقوق الإنسانية الأساسية، وتفضح غياب الدولة عن حماية الفئات الأضعف. وبينما يستمر الغضب الشعبي على السوشيال ميديا والإضرابات داخل المصنع، تبقى مسؤولية التحقيق والمحاسبة هي الاختبار الحقيقي لجدية السلطات في مواجهة استهتار الشركات بأرواح العمال وأسرهم.