لم تهدأ الأوضاع في نيبال منذ الإطاحة بالنظام الحاكم، حيث اندلعت موجة من الهجمات ضد منازل شخصيات سياسية وإعلامية محسوبة على السلطة السابقة. وبينما يحتفل الشارع بسقوط عقود من الفساد والاستبداد، برزت أصوات غاضبة تمارس ما يشبه "الانتقام الشعبي".

 

غضب شعبي يتحول إلى أفعال عنيفة

تشير تقارير محلية إلى أن عشرات المنازل المملوكة لسياسيين بارزين من الحزب الحاكم السابق، إضافة إلى إعلاميين اعتادوا الدفاع عن النظام، تعرضت لهجمات مباشرة خلال الأيام التي تلت انهيار السلطة. بعض المنازل أُحرقت بالكامل، فيما اقتصر الأمر على تكسير واجهات ومحتويات في حالات أخرى. ويصف مراقبون هذه الموجة من الاعتداءات بأنها "تنفيس شعبي عن الغضب المكبوت"، بعد سنوات من القمع والفساد وغياب العدالة الاجتماعية.

وتداولت منصات التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تُظهر حشودًا من الشبان وهم يهتفون بشعارات مناهضة للنظام البائد، أمام منازل مسؤولين سابقين، بينما يُلقى الأثاث في الشوارع ويُحرق على الملأ.

 

الإعلام الموالي.. من "أبواق النظام" إلى مطاردة في الشوارع

منذ اللحظة الأولى لانهيار النظام، تحول الإعلاميون الموالون إلى أهداف مباشرة للغضب الشعبي. فالمواطنون يرون أنهم شركاء كاملون في الجريمة، إذ لعبوا الدور الأخطر: تجهيل الناس، تبرير القمع، وتخويف كل صوت معارض. لذلك كان طبيعيًا – كما يردد الغاضبون – أن يدفعوا الثمن اليوم.

منازل بعض الإعلاميين المعروفين أُحرق جزء منها، وأخرى جرى اقتحامها وسط هتافات: "كفى كذبًا.. الشعب استيقظ". مقاطع الفيديو المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر الحشود وهي تحاصر بيوت إعلاميين بارزين كانوا يتصدرون الشاشات لتلميع النظام. البعض طاردهم في الشوارع، والبعض الآخر كتب على جدران منازلهم: "هذا جزاء الأفاقين".

 

مصير متوقع لمن خان الناس

ما يحدث لم يكن مفاجئًا. فالشارع يرى أن الإعلاميين الموالين خانوا ضمائرهم ووقفوا في صف جلادي الشعب. كانوا يعلمون الحقيقة، لكنهم اختاروا بيع أقلامهم وأصواتهم مقابل الامتيازات والأموال. لذلك، وكما يقول ناشطون محليون: "مصيرهم الحالي لم يكن إلا نتيجة طبيعية لخيانة الأمانة، والتحريض المستمر ضد المعارضين".

لقد اعتاد هؤلاء الإعلاميون أن يصفوا أي محتج بـ"الخائن"، وأي معارض بـ"العميل"، فيما كانوا يغضّون الطرف عن الفساد والسرقة والقتل. واليوم، حين انهار النظام الذي حمَوْه بالكذب، وجدوا أنفسهم مكشوفين بلا حماية، في مواجهة غضب الشارع العارم.

 

بين الانتقام والعدالة

صحيح أن ما يجري ضد الإعلاميين الأفاقين يُظهر درجة غير مسبوقة من الغضب الشعبي، لكنه في الوقت نفسه يثير جدلًا حول الفرق بين الانتقام الشعبي والمحاسبة القانونية. بعض الحقوقيين يحذرون من أن الانزلاق نحو الاعتداءات الفردية قد يفتح الباب أمام فوضى واسعة. لكن الرأي الغالب في الشارع حتى الآن هو أن هؤلاء الإعلاميين نالوا مجرد بداية لما يستحقونه.

مواطنون غاضبون كتبوا على المنصات:

"الإعلاميون الذين كذبوا علينا أخطر من السياسيين الفاسدين أنفسهم."

"سنحاسب كل من شارك في التجهيل والتحريض.. لا عفو عن الأفاقين."

أحداث نيبال تثبت أن الإعلام الموالي للاستبداد ليس مجرد "شاهد زور"، بل شريك كامل في الجريمة. وما يعيشه الإعلاميون الأفاقون اليوم هو درس قاسٍ لكل من يبيع صوته للسلطة: حين يسقط النظام، لن تنجو من حساب الشعب. فالناس قد تسامح السياسي الذي يسرق، لكنها لا تغفر لمن خدعها وحرمها من وعيها.