أثار تصريح السياسي الدكتور محمد البرادعي جدلاً واسعاً بعدما علّق على قصف الاحتلال الإسرائيلي لقادة فلسطينيين في العاصمة القطرية الدوحة قائلاً: "ومازال الكثيرون منا يحتفظون بعلاقات دبلوماسية وتجارية وسياحية وأمنية معهم!، عقود من التخبط والعجز وغياب الرؤية، نحصد ما زرعنا". هذه الكلمات جاءت لتكشف مرارة الواقع العربي، حيث تستمر بعض الأنظمة في تعزيز علاقاتها مع الاحتلال رغم الدماء الفلسطينية التي لا تتوقف.
ومازال الكثيرون منا يحتفظون بعلاقات دبلوماسية وتجارية وسياحية وامنية معهم!
— Mohamed ElBaradei (@ElBaradei) September 9, 2025
عقود من التخبط والعجز وغياب الرؤية…
نحصد ما زرعنا …
إدانة صريحة
عدد من المحللين المصريين والعرب اعتبروا أن تصريح البرادعي بمثابة "إدانة صريحة" للسياسات الرسمية العربية التي منحت الاحتلال شرعية سياسية واقتصادية على حساب القضية الفلسطينية.
الناشط الفلسطيني ياسر الزعاترة كتب أن "العجز العربي لم يعد مجرد صمت، بل بات تواطؤاً مفضوحاً، والبرادعي محق حين يشير إلى أننا نحصد الآن ثمار هذا الانحدار".
فيما وصف الإعلامي نظام المهداوي كلام البرادعي بأنه "كشف حساب مؤلم" لحكام العرب الذين باعوا الورقة الفلسطينية مقابل حماية عروشهم.
التطبيع جعل العرب رهائن
المحلل السياسي سيف عبدالفتاح اعتبر أن الرسالة الأخطر في تصريح البرادعي تكمن في الإشارة إلى أن التطبيع جعل بعض العواصم رهينة لإسرائيل.
وقال إن "العواصم التي تفتح أبوابها للتجارة والسياحة مع تل أبيب، هي نفسها التي تعجز اليوم عن إدانة جريمة قصف الدوحة، وكأنها مقيدة باتفاقيات ومصالح متشابكة تمنعها من أي موقف مستقل".
من جهته، يرى الكاتب عزمي بشارة أن التطبيع لم يحصّن هذه الدول، بل كشف عجزها أكثر أمام شعوبها وأمام العالم، بعدما أثبتت إسرائيل أنها لا تحترم لا عواصم ولا سيادة ولا اتفاقيات.
الشارع العربي: صدمة وغضب مضاعف
ردود الفعل الشعبية على مواقع التواصل الاجتماعي عكست حالة صدمة وغضب مضاعف. فبينما عبر الآلاف عن تضامنهم مع قطر واستنكارهم للاعتداء، صب كثيرون جام غضبهم على الحكومات العربية التي ما زالت تستقبل المسؤولين الإسرائيليين وتفتح لهم الأجواء والأسواق.
رسائل إلى الأنظمة: حان وقت مراجعة الحسابات
تصريح البرادعي كان بمثابة دعوة مباشرة لمراجعة شاملة لسياسات الأنظمة العربية. الكاتب عبد الباري عطوان حذر من أن استمرار العلاقات مع الاحتلال رغم جرائمه "سيدفع المنطقة كلها إلى هاوية أكبر، ويجعل الشعوب ترى في حكامها شركاء في العدوان". وأشار إلى أن استهداف الدوحة تحديداً يمثل "كسراً لهيبة الخليج"، ما يعني أن أي عاصمة عربية باتت هدفاً محتملاً. الرسالة هنا واضحة: الصمت أو التطبيع لن يحمي أي نظام، بل سيضعه في دائرة الاتهام أمام شعوبه.
من يزرع التطبيع يحصد الخيانة
تصريح البرادعي لم يكن مجرد رأي عابر، بل تشخيص دقيق لحالة عربية مزمنة من العجز والتخبط. وبينما يتباهى الاحتلال بقدرته على ضرب أي عاصمة، يستمر بعض العرب في الرهان على "السلام الاقتصادي" و"التنسيق الأمني". لكن ما حدث في الدوحة يثبت أن هذا الطريق لا يجلب إلا مزيداً من الدم والذل. السؤال الآن: هل تدرك الأنظمة أن من يزرع التطبيع سيحصد الخيانة، أم أن الشعوب ستجد نفسها يوماً أمام خيار الانفجار لكسر هذه الحلقة المفرغة؟