تتصاعد أزمة أهالي منطقة طوسون في محافظة الإسكندرية، في ظل استمرار الجدل حول خطة حكومية لشق طريق جديد يربط محور المحمودية بمدينة أبو قير الجديدة، وهو المشروع الذي قد يفضي إلى إزالة آلاف المنازل في المنطقة.
ووفقًا لمصادر محلية ومحامين يتابعون الملف، فإن الخطة تمس بشكل مباشر حياة ما يقارب ستة آلاف أسرة على الأقل، فضلًا عن مساجد وكنائس ومؤسسات خدمية قائمة منذ عقود.
رفض لقاء المسؤولين
الأزمة أخذت منحنى أكثر توترًا بعد أن رفضت دعاء عبد الرازق، رئيسة حي المنتزه ثان، لقاء وفد من سكان طوسون حاولوا الاجتماع بها أمس الخميس، لمطالبتها بالكشف عن موقف الحكومة وخططها حيال عمليات الإزالة.
وقال أحد الأهالي إنهم شعروا بإحباط وغضب بعد رفض اللقاء، وقرروا التمسك بموقفهم الرافض لمغادرة منازلهم أو السماح للجنة الحصر الحكومية بدخولها.
موقف الأهالي القانوني
المحامي محمد رمضان، الموكل من قبل عدد من سكان المنطقة، أوضح أن الأهالي اجتمعوا مساء أمس وقرروا رفض أي أعمال حصر جديدة، والتوجه للطعن القانوني على أي قرار مرتقب بنزع الملكية.
وأضاف أن الأهالي يعتبرون الخطة الحكومية تهديدًا مباشرًا لمستقبلهم، خصوصًا في ظل غياب أي وضوح بشأن آلية التعويض أو إعادة التوطين.
خلفية حكومية وقرارات رسمية
تعود بداية الأزمة إلى إصدار محافظ الإسكندرية في أبريل الماضي القرار رقم 88 لسنة 2025، بتشكيل لجنة لحصر التعارضات مع مسار الطريق الدائري الجديد بطول 23 كم، وهو جزء من مشروع تطوير شرق الإسكندرية.
ضمت اللجنة مسؤولين من مديرية المساحة، وجهاز حماية أملاك الدولة، ومديرية الإصلاح الزراعي، وإدارة نزع الملكية، إضافة إلى ممثلين من إدارة المهندسين العسكريين.
وبحسب وثائق، فإن اللجنة قسمت عملها إلى ثلاث مراحل، تشمل في مرحلتها الثالثة مناطق ذات كثافة سكانية عالية مثل مزلقان 25 بطوسون.
وخلال يوليو الماضي، زارت لجان الحصر المنطقة وأحصت 227 بناية، من بينها كنيسة من خمسة طوابق وثلاثة مساجد.
توتر بين اللجان والأهالي
مصادر محلية أكدت أن عمل اللجان جرى وسط تواجد أمني كثيف من قوات الأمن المركزي، حيث استخدم الموظفون أدوات رفع مساحية فوق أسطح البنايات دون دخول الشقق.
وأشار بعض الأهالي إلى أن الموظفين تعاملوا معهم بحدة، مؤكدين أن «الإزالة مسألة وقت».
وفي المقابل، قدّم بعض السكان مقترحات بديلة لمسار الطريق إلى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، إلا أن ضباطًا بالهيئة أبلغوهم أن المحافظة هي المسؤولة عن تسليم الأرض خالية، فيما لن تلتزم القوات المسلحة بدفع أي تعويضات.
قلق متزايد وتاريخ طويل من الصراع
هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها سكان طوسون خطر الإزالة، ففي عام 2008، شهدت المنطقة محاولة مشابهة في عهد المحافظ الأسبق عادل لبيب، الذي بدأ في إزالة بعض المنازل وسط أنباء عن نية تخصيص الأرض لمشروعات استثمارية. حينها، رفع المحامي محمد رمضان دعوى قضائية تمكن من خلالها من وقف الإزالة.
ويشير الأهالي إلى أنهم سبق أن سوّوا أوضاع ملكياتهم مع هيئة الإصلاح الزراعي بعد عام 2011، كما خضعوا لإجراءات التصالح في مخالفات البناء وفق القانون.
وهو ما يجعلهم يعتبرون أنفسهم أصحاب حق قانوني في البقاء بمنازلهم، خصوصًا أن المنطقة مأهولة منذ التسعينيات بعد أن تحولت من أراضٍ زراعية إلى تجمع سكني كبير.
مطالب واضحة
يطالب الأهالي اليوم بوقف أي إجراءات رسمية تمس ملكياتهم، وإعادة النظر في مسار الطريق المزمع إنشاؤه، مشددين على أن المشروع يمكن تنفيذه دون التضحية بآلاف الأسر التي بنت حياتها واستثماراتها في المنطقة على مدى عقود.
وفي المقابل، لم تُصدر الحكومة حتى الآن أي توضيحات رسمية بشأن مستقبل طوسون، ما يفاقم من حالة القلق والارتباك بين سكانها.
شاهد أثناء جلسة المواطنين مع المحامي:
https://www.facebook.com/photo?fbid=759214743551844&set=a.113502778123047