تفجّرت في الساعات الأخيرة واحدة من أخطر الفضائح التي تهزّ الرأي العام المصري: نفوق وإعدام أسود ونمور داخل حديقة حيوان الجيزة، وسط اتهامات ثقيلة للمستثمر الأجنبي والشركة المسؤولة عن التطوير، في ظل صمت رسمي يثير الشبهات أكثر مما يبرر.

أصوات الناشطين والخبراء—بينهم دينا ذو الفقار، لُبنى محمد رشاد، رحاب لؤي، والمصور الصحفي أيمن برايز—فضحت الممارسات التي اعتبروها “جريمة مكتملة الأركان” بحق الحياة البرية، وأطلقت موجة غضب ضد سياسة تحويل التراث العام إلى صفقة استثمارية مهما كان الثمن.
 

تطوير أم تدمير؟
القصة بدأت مع انتشار صور وشهادات توثق بقايا جثث حيوانات في محرقة الحديقة، وجلـود محفوظة داخل الثلاجات.
لجنة رسمية دخلت الحديقة وأكدت الواقعة في محضر رسمي.
في المقابل، كان صوت الجرافات وأعمال الحفر لا يتوقف، وكأن التطوير يعني الدوس على حياة الحيوانات.

دينا ذو الفقار أكدت أن المحرقة تعمل بلا توقف منذ بدء المشروع، وتحدثت عن مزاعم باختفاء أسود ونمور.
وبعد أن تصاعد الغضب، جاء تحرك رسمي شكلي بإقالة مسؤول وتعيين آخر، دون أي كشف شفاف للحقائق أو نشر نتائج التحقيقات حتى الآن، ما يثير شبهة التغطية على الفضيحة.
 

المستثمر الأجنبي: نفوذ بلا رقابة
التقارير تكشف أن عقد التطوير منح المستثمر الأجنبي، عبر شركات مثل Worldwide Zoo، سلطة كاملة في التصميم والتشغيل لمدة 25 عامًا، بما في ذلك ملكية الحيوانات طوال فترة التعاقد.
هذا يعني أن مصير الأسود والنمور أصبح في يد جهة أجنبية، خارج رقابة المجتمع، وهو ما يطرح سؤالًا خطيرًا: من سمح بهذا العبث؟ ومن يراقب ما يحدث خلف الأسوار؟ الاتهامات تلاحق الإدارة الأجنبية بالتخطيط لإعدام الحيوانات، أو بيعها، أو التخلص منها بطريقة غير إنسانية تحت ستار “التطوير”.
 

تبريرات الإدارة: قتل باسم الرحمة!
المسؤولون عن المشروع لم ينكروا القتل، بل أطلقوا عليه وصفًا مخادعًا: “القتل الرحيم”. يقولون إن الأمر يتعلق بحيوانات مسنّة أو مريضة، بينما الحقائق والصور تقول إن هناك عمليات إعدام جماعي بلا شفافية أو تقارير بيطرية منشورة. طبيب بيطري أجنبي خرج ليبرر ذلك عبر فيديو حكومي، متحدثًا عن معايير دولية، لكن الناشطين ردوا عليه بوضوح: “أين الأدلة؟ أين التقارير الطبية التي تثبت أن الأسود والنمور لم يكن لها علاج؟” حتى الآن، لا إجابة، فقط مبررات مرسلة لإقناع الرأي العام بأن ما جرى قانوني، بينما الحقيقة تزداد قتامة.
 

أصوات الغضب: خبراء وناشطون في المواجهة
دينا ذو الفقار: قالت بوضوح إن ما يحدث ليس تطويرًا بل “مذبحة”، وكشفت عن توثيق جلود محفوظة وبقايا حيوانات من قِبل اللجنة الرسمية.

لُبنى محمد رشاد (مؤسسة الرفق بالحيوان): تقدمت ببلاغ رسمي تتهم فيه المسؤولين والمستثمر الأجنبي بإعدام 16 أسدًا و6 نمور، مؤكدة أن القانون يجرّم هذا الفعل.

رحاب لؤي: اعتبرت أن ما يجري جريمة بحق الحيوانات وبحق الشعب، لأنه يتم في الظلام وبلا شفافية.

أيمن برايز: المصور الصحفي الذي كشف القصة في البداية قبل أن يتراجع تحت ضغط، حسب اتهامات الناشطين، وهو ما اعتبره كثيرون محاولة لإخماد الفضيحة إعلاميًا.

وسخر أحمد عبادة "حاجه تليق بالتطوير اللي احنا فيه".
https://x.com/ebada61721/status/1960530041709978022

وأشار أشرف "اللي يراجع صور فض اعتصام النهضة أمام بوابة حديقة الحيوان من ١٢سنة حيلاقي ناس أُحرقت خيامهم وهم داخلها أحياء. فهل ينتظر من دولة الظلم التي لم ترحم الانسان أن ترحم الحيوان!!"
https://x.com/FANARAH2/status/1960453206586352088

وتهكم محمد "حتى الحيوانات الحساب بقى تقيل اوى حسبنا الله ونعم الوكيل".
https://x.com/M4646414699127/status/1960544493792285111

واستطرد حساب صاحب مبدأ "قصدك مستثمر اماراتى والحيوانات اللى اختفت سافرت بر وطيارة يتم تخريب الحديقة وقريبا ستباع لنفس المستثمر وافتتاح حديقة استثمارية استعمارية"
https://x.com/as_b_k258/status/1960481517865455762

وأضاف مستر بين "الفساد دمر البلد. حتى الحيوانات مسلمتش منهم".
https://x.com/MrBien96705/status/1960449901772595305
 

الكارثة الأخطر: إدارة أجنبية تتحكم بمصير الحيوانات
منذ يونيو 2024، جرى تسليم إدارة الرعاية الغذائية والطبية لتحالف خاص، مع استبعاد موظفي الحديقة واستبدالهم بأجانب.
هذا الإجراء جعل حياة الحيوانات بالكامل رهينة لقرارات مستثمر أجنبي لا يملك أي ارتباط بالبيئة المحلية أو بتراث الحديقة.
في ظل ذلك، ظهرت خطط لنقل بعض الحيوانات إلى حدائق أخرى دون أي ذكر للأسود والنمور التي اختفت، بينما الشهادات تؤكد العثور على جلودها في ثلاجات الحديقة.
 

لماذا هذه الفضيحة خطيرة؟
لأنها تتجاوز مجرد حادثة نفوق إلى جريمة ممنهجة بحق تراث وطني عمره أكثر من 120 عامًا.
ما يجري الآن اختبار خطير: هل يمكن بيع التراث العام وتحويله إلى مشروع تجاري حتى لو كانت النتيجة قتل الحيوانات؟ ما قيمة أي تطوير إذا كان الثمن إعدام الأسود والنمور؟

وحتى اللحظة، لا توجد قائمة منشورة بالحيوانات قبل وبعد التطوير، ولا تقارير رسمية عن سبب النفوق، فقط صمت وتبريرات ووعود غامضة.
 

وأخيرا فهذه ليست قضية حديقة فحسب، بل قضية وطنية تتعلق بالشفافية والمحاسبة.
وجود محرقة تعمل بلا توقف، جلود محفوظة، ونفاذ المستثمر الأجنبي بلا رقابة، كل ذلك يكفي ليضع علامات استفهام كبيرة: هل نحن أمام تطوير أم أمام جريمة مغطاة رسميًا؟

حتى تُعلن نتائج التحقيقات كاملة، وتُنشر العقود علنًا، سيظل الشك مسيطرًا، وسيظل الغضب الشعبي متصاعدًا ضد كل من سمح بتحويل كائنات حيّة إلى ضحايا لمخطط استثماري بارد.