يُجرى اليوم التصويت على ترشيح الدكتور خالد العناني لمنصب مدير عام منظمة اليونسكو، وهو المنصب الذي قد يجعله أول مدير عام من العالم العربي منذ تأسيس المنظمة، بحسب الدعم الرسمي والإقليمي والعالمي الذي حشدته مصر له.
لكن في ظل هذه المساعي، يثار جدل واسع على الصعيدين المحلي والدولي حول سجل العناني في إدارة قطاع الآثار المصري، والذي يصطدم باتهامات خطيرة تتعلق بتهريب الآثار، مخالفات إدارية، وتدمير تراث تاريخي عريق.
 

تهريب الآثار ومزاعم الفساد
منذ توليه وزارة السياحة والآثار، تركزت شبهات واسعة حول تسهيل العناني لشبكات تهريب القطع الأثرية المصرية. مصادر إعلامية وتقارير خبراء تحدثت عن تورطه مع جهات أمنية عليا لتسهيل خروج القطع الثمينة بشكل غير قانوني.
كما أُشير إلى ارتباطه بشركات خاصة مثل "كنوز" التي اتُّهمت بتقليد الآثار وتهريب النسخ الأصلية للخارج، مما تسبب في ضعف الرقابة الأثرية وزعزعة الثقة بالمؤسسات المسؤولة.

بعض الخبراء الأجانب أرسلوا خطابات رسمية لليونسكو يطالبون فيها بمراجعة ملف العناني، معتبرين أن تصعيده في المنصب الدولي يشكل تهديدًا حقيقيًا للآثار المصرية.


 


مخالفات إدارية وتدمير تراثي
شهدت فترة الوزارة تحت قيادته حوادث تدمير عدة لمواقع أثرية ومتاحف مهمة، من أبرزها تدهور حال متحف النسيج المصري الذي تعرض للإهمال والتدمير الجزئي، رغم أهميته التراثية والتاريخية. كما تم منح مناقصات واسعة لشركات خاصة مثل تلك التي يرأسها زاهي حواس، بعيدًا عن الميزانية العامة والتنافس العادل مع القطاع الحكومي، مما دعا إلى اتهامات بالفساد الإداري واستغلال النفوذ لصالح مصالح ضيقة. فضلاً عن ذلك، ظهرت تقارير عن اختفاء قطع أثرية هامة من متحف الأشمونين وأماكن أخرى خلال عهده، مع وجود دلائل على ضعف إدارة المخازن الأثرية رغم تحذيرات الخبراء.
 

خدمات للإمارات ووجهات دولية
تشير تقارير إلى تلقي دعم إماراتي وعربي لترشيحه في اليونسكو، حيث أشاد وزير الخارجية المصري بالدعم الإماراتي كجزء من التحالف السياسي والدبلوماسي الذي تدعمه مصر في هذه المرحلة، ما يعكس وجود شبكة علاقات إقليمية تعمل على الدفع باتجاه تعظيم الدور المصري في المنظمات الدولية. لكن هذا الدعم لا يغطي الخلافات حول سجل العناني المحلي، مما يفتح الباب أمام انتقادات تتعلق بالسياسات المرتبطة بالآثار والفساد.
 

محو آثار تاريخية ومنصات سياسية
شهدت الفترة إهمالاً مقصودًا لترميم بعض المواقع الأثرية التي كانت تحت رقابته، بالإضافة إلى مشروعات أثرية اعتمدت على إسناد أعمال لشركات خاصة بقرارات وزارية، مما أثار قلق الخبراء من تآكل التراث الوطني. وأبرز الأمثلة ما حدث في مشروع متحف النسيج المصري وتدمير بعض أجزائه، وانسحاب الجهود الحكومية لترك الأمر بيد شركات خاصة دون رقابة صارمة. هذا يضاف إلى حوادث التدمير الموثقة لبعض المواقع الأثرية مثل متحف الأشمونين، الذي فقد فيه عدد من القطع النادرة وأجزاء أثرية هامة في عهد العناني.
 

استنكار الخبراء ورسائل لليونسكو
قامت مجموعات من خبراء الآثار، سواء محليًا أو أجانب، بإرسال رسائل رسمية إلى اليونسكو تنبّه إلى المخاطر التي يشكلها ترشيح العناني، في ظل ملفاته المتعددة المتعلقة بتدهور قطاع الآثار في مصر، متهمين إياه بالمسؤولية عن انحرافات إدارية وفنية وأمنية سمحت بتهريب الآثار والعبث بالتراث. هذه التحركات أضفت بُعدًا نقديًا قويًا على المنافسة، حيث أشار البعض إلى أن استمرار هذه الأوضاع قد يضر بصورة مصر دوليًا ويؤثر على مصداقية اليونسكو في مهمتها العالمية.
 

خاتمة
وبينما يسعى خالد العناني لانتصار تاريخي في اليونسكو، لا يزال مستودع التاريخ المصري يعاني من ممارسات قال العديد إنها تقوض التراث، من تهريب الآثار إلى تدمير متاحف هامة، ومنح مناقصات مشبوهة لشركات خاصة. هذا السجل يتحدى رسالة التراث والثقافة التي يفترض أن تمثلها اليونسكو، وينذر بحالة من الانقسامات والجدل حول مدى قدرة العناني على قيادة المنظمة بحيادية وشفافية.