أثارت واقعة اعتداء شاب على المارة بصفعات مفاجئة في الشارع، غضبًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي. ظهر الشاب في مقطع مصوّر وهو يصفع أشخاصًا بشكل عشوائي، ثم يهرب على دراجة نارية.

لم يكن هذا الحادث الأول من نوعه، بل تكرر في أكثر من محافظة، مما يثير تساؤلات خطيرة حول غياب الأمن في الشوارع المصرية.

https://x.com/i/status/1959945771098202357

وفي حادثة مشابهة بمحافظة المنوفية، ظهر شاب يصفع مواطنًا من ذوي الهمم أمام المارة في مشهد صادم، ما اعتبره الكثيرون مؤشرًا على انحدار السلوك في غياب القانون.

 

الإجراءات الرسمية ورد الفعل الأمني

رغم أن الأجهزة الأمنية أعلنت ضبط المتهمين في هذه الوقائع، إلا أن التحرك جاء فقط بعد انتشار الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يعكس رد فعل متأخرًا لا يمنع وقوع الجريمة، بل يكتفي بمطاردة النتائج. هذا النمط من الاستجابة يكشف فشل المنظومة الأمنية في الردع الوقائي، حيث أصبحت مواقع التواصل هي الجهة التي تحرّك السلطات، لا العكس.
 

الانفلات الأمني.. ظاهرة متكررة

هذه الوقائع ليست استثناءً؛ بل تأتي ضمن سلسلة من الأحداث التي تعكس حالة انفلات أمني متزايدة في الشارع المصري، حيث تتكرر جرائم التحرش، السرقة بالإكراه، وحمل الأسلحة البيضاء دون رقابة، في ظل غياب الدور الوقائي للدولة.

أسباب هذا الانفلات متعددة، أبرزها:

  • ضعف التواجد الأمني الحقيقي في الشارع، مقابل التركيز على الحملات الشكلية التي تلتقطها الكاميرات فقط.
  • تراجع الثقة بين المواطن ورجل الشرطة، نتيجة سياسات القمع وتجاهل الشكاوى اليومية.
  • غياب الرؤية الحكومية لمعالجة الظواهر الاجتماعية مثل الإدمان والبطالة التي تدفع إلى العنف.
     

الحكومة تحت المساءلة

هذه الحوادث تكشف أن الحكومة تركز على الدعاية والإعلانات عن الأمن والاستقرار، بينما الواقع اليومي يقول العكس. المواطن المصري أصبح يشعر بالخوف من السير في الشارع، في ظل غياب كامل للرقابة الميدانية وانشغال أجهزة الدولة بملاحقة الأصوات المعارضة بدلاً من مواجهة الانفلات الأمني الحقيقي.

الحكومة التي تنفق المليارات على إنشاء عواصم ومدن جديدة، عاجزة عن توفير إحساس بالأمان في شوارع المحافظات، وهو ما يطرح تساؤلاً: أيهما أولى، الأمن الشخصي للمواطن أم المشاريع التجميلية التي لا تخدم حياته اليومية؟
 

ردود فعل الشارع

الغضب الشعبي على مواقع التواصل لم يكن مجرد تعليقات، بل صرخة ضد تردي الوضع الأمني وانهيار القيم المجتمعية. التعليقات تركزت على سؤال واحد: "أين الدولة؟" حين أصبح المواطن عرضة للضرب أو السرقة أو حتى القتل في وضح النهار.

وقائع صفع المارة، والتحرش، وحوادث العنف المتكررة ليست مجرد أحداث عابرة، بل دليل على أن الدولة فقدت السيطرة على الشارع، وأن سياساتها الأمنية تركز على حماية النظام لا حماية المواطن. ما لم يتم إعادة ترتيب أولويات الحكومة نحو الأمن الفعلي والعدالة السريعة، فإن هذه الحوادث ستظل تتكرر، ومعها يتآكل إحساس المواطن بوجود دولة تحميه.