أطلق الإعلامي المقرب من النظام، يوسف الحسيني، تصريحًا أثار غضب المصريين، حيث قال: «الاقتصاد ينمو والأوضاع المعيشية بس اللي صعبة»، مضيفًا بفخر: «أنا شاطر في الاقتصاد وتجربة الصين لو طبقناها على الشعب مش هيتحمل».
تصريحه هذا ليس مجرد تعليق عابر، بل يعكس فلسفة الحكومة نفسها: الأرقام الاقتصادية أهم من حياة المواطنين.
الأرقام أمام الواقع: ازدواجية صارخة
الحسيني يصف ما يحدث في مصر وكأنه مجرد لعبة أرقام، حيث يمكن للنمو الاقتصادي أن يبدو رائعًا على الورق، بينما المواطن يعاني من غلاء الأسعار، وارتفاع تكاليف المعيشة، ونقص الخدمات الأساسية.
هو يعترف بأن الناس يعانون، لكنه يتعامل مع هذا الاعتراف وكأنه ظاهرة طبيعية لا تستدعي أي تدخل، وكأن المواطن هو المسؤول عن عدم تحمله للسياسات الحكومية الصارمة. شاهد الفيديو
الحكومة، ومن خلال أصوات مثل الحسيني، تستعرض مؤشرات نمو الاقتصاد الكلي: الناتج المحلي الإجمالي، زيادة الاستثمارات، والمشاريع الكبرى.
لكن في المقابل، المواطن البسيط يواجه ارتفاع أسعار السلع الأساسية وفواتير الكهرباء والغاز، وتضاؤل قدرته الشرائية.
تصريحات الحسيني تكشف بوضوح ازدواجية السلطة والإعلام الموالي لها: الاحتفاء بالنجاح الرسمي وترك المواطنين يتحملون النتائج، مع تقديم المواطن على أنه عنصر ضعيف غير قادر على التكيف مع "الإصلاحات الاقتصادية".
تجربة الصين: مبرر لإهمال الشعب
إشارة الحسيني إلى تجربة الصين لم تكن بريئة. فقد استخدمها لتبرير الصعوبات الاقتصادية، قائلاً إن الشعب المصري «مش هيتحمل».
هذه المقارنة تحمل رسالة واضحة: أي سياسة صارمة، أي إصلاح اقتصادي، أو رفع أسعار هو مشروع تتحمله الحكومة على حساب المواطنين، ولا يُسمح لهم بالاعتراض.
بهذا الأسلوب، يعترف الإعلامي بأن المواطنين يعانون، لكنه يحتفي بنفس الوقت بالنجاح الحكومي، وكأن معاناتهم جزء طبيعي من اللعبة الاقتصادية، وأن الحكومة "ذكية بما يكفي" لتطبيق السياسات دون أن ينهار الاقتصاد.
ردود فعل المواطنين
المواطنون عبر مواقع التواصل الاجتماعي استنكروا تصريحات الحسيني، معتبرينها إهانة مباشرة لهم.
وقال أحدهم: «يعني نعيش على الفتات وتحت شعار النمو؟ ده استهزاء بمعاناتنا اليومية».
آخرون أشاروا إلى أن تصريحاته تكشف عن سياسة الحكومة في تحويل المواطنين إلى مجرد أرقام، وتحويل الإعلام إلى أداة لتجميل الصورة الرسمية بغض النظر عن الواقع الفعلي للناس.
تحليل نقدي: سياسة الإهمال المقنّع
تصريحات الحسيني تبرز ثلاث قضايا أساسية:
-
فصل الاقتصاد عن المواطن: النمو على الورق لا يترجم إلى حياة أفضل للمصريين.
-
إلقاء المسؤولية على الشعب: المواطن هو "الضعيف" غير القادر على تحمل الإصلاحات، وليس الحكومة المسؤولة عن تدهور المعيشة.
-
غياب الرؤية الاجتماعية: لا توجد خطة للتخفيف عن المواطنين أو دعم محدودي الدخل، وكل التركيز على المؤشرات الرسمية.
بهذه الطريقة، يصبح الإعلام أداة لإخفاء الفشل الاجتماعي والسياسي للحكومة، مع الاحتفاء بما تعتبره إنجازات اقتصادية.
ازدواجية صارخة
تصريحات يوسف الحسيني تكشف ازدواجية صارخة: الاحتفاء بالنمو الاقتصادي الرسمي على حساب المواطن، مع الاعتراف بمعاناته دون تقديم حلول.
المواطن المصري يُترك ليواجه غلاء الأسعار، ونقص الخدمات، وتحمل سياسات صارمة، بينما الإعلام الرسمي يحتفي بالنجاح ويبرر الفشل الاجتماعي.
وفي النهاية، ما يطرحه الحسيني ليس مجرد رأي إعلامي، بل مؤشر على فلسفة حكومة تضحي بالشعب كرقم على الورق، وتستمر في تلميع الصورة الرسمية بينما المواطن يعاني صمتًا وغضبًا مكتومًا.
هذه السياسات تعكس الفشل الحقيقي: أرقام على الورق، ومعاناة لا تنتهي على الأرض.