أثار رفض الإعلامي محمود سعد عرض رئيس الهيئة الوطنية للإعلام أحمد المسلماني بتقديم برنامج توك شو على شاشة التلفزيون المصري، جدلاً واسعاً بين متابعي المشهد الإعلامي، الذين رأوا في القرار هروبًا من قيود السلطة لدى البعض، ومناورة ذكية لتجنب الإقالة لدى آخرين.
 

تفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي
القرار فجّر موجة من التعليقات على فيسبوك وتويتر : كتب ناشط يدعى أحمد الحسيني: "محمود سعد أذكى من إنه يرجع في توقيت الإعلام الرسمي فيه خط واحد.. أي غلطة ممكن تنهيه، الراجل حافظ على نفسه".

بينما علّقت الصحفية ليلى عبد الغفار: "هو مش بطل، لكنه مش عايز يبقى ديكور في برنامج يروج لسياسات الحكومة.. باب الخلق بالنسبة له أمان اجتماعي".

وكتب مستخدم آخر: "التوك شو اليوم في مصر مجرد ميكروفون للسلطة.. اللي يدخل اللعبة يتحرق.. وسعد فهمها بدري".

هذه الآراء كشفت أن جزءاً كبيراً من الجمهور يرى أن الإعلاميين يعيشون تحت تهديد الإقصاء السريع، لذلك يفضّل بعضهم الابتعاد عن البرامج الحوارية الساخنة، التي غالبًا ما تكون مرتبطة بالسياسات الحكومية والقرارات الجدلية.
 

خبراء الإعلام: مناورة أم رسالة رفض؟
يقول د. ياسر عبد الحميد – خبيرالإعلام السياسي: "رفض سعد للتوك شو له أبعاد مهنية وأمنية؛ أي تصريح غير محسوب قد يُفقده وظيفته أو يضعه تحت ضغط سياسي. لذلك اختار مساحة آمنة (برنامج اجتماعي) تتيح له الحضور الإعلامي دون الاصطدام مع الأجهزة".

وأوضحت الإعلامية السابقة هالة النمس: "رفضه لا يعني أنه معارض، لكنه يحاول أن يوازن بين الشعبية والخوف من الإقالة. التوك شو في مصر الآن محكوم بسيناريو رسمي، وأي خروج عن النص يعتبرانتحار مهني".

وأضاف الباحث الإعلامي مصطفى أمين: "الرفض أيضًا رسالة للنظام: الإعلاميون الكبار لن يقبلوا بسهولة أن يكونوا مجرد أبواق. اختيار باب الخلق يؤكد أنه يفضل أن يبقى في المنطقة الرمادية؛لا معارضة ولا تماهٍ كامل مع السلطة".
 

تحليل سياسي: هل فقد الإعلام الرسمي جاذبيته؟
يرى محللون أن هذا الرفض يعكس تراجع جاذبية الإعلام الرسمي، الذي أصبح مقيدًا بخطاب أحادي يبتعد عن التنوع والحوار الحقيقي.

ويشير بعض المراقبين إلى أن "النظام يحاول إعادة بعض الوجوه القديمة لاستعادة المصداقية، لكن معقيود مشددة تجعل التجربة محفوفة بالمخاطر للإعلامي نفسه".
 

ماذا يعني هذا للمشهد الإعلامي؟

  • رسالة إلى الإعلاميين الآخرين: التوك شو لم يعد مساحة للتأثير، بل عبء قد يطيح بصاحبه عند أي خطأ.
  • رسالة إلى الجمهور: حتى الوجوه التي تبدو مقربة من السلطة تتحاشى الانخراط الكامل في الأجندة الرسمية.
  • رسالة للنظام: الولاء لم يعد مضمونًا بالإغراءات، بل بالتقييد المستمر.

وأخيرا فقرار محمود سعد هو مناورة محسوبة لتجنب السقوط في فخ التوظيف السياسي للإعلام، مع الحفاظ على حضوره الجماهيري من خلال "باب الخلق".
وبينما يراه البعض جبنًا، يراه آخرون ذكاءً مهنيًا في عصر أصبحت فيه السلطة لا تسامح، والجمهور لا يرحم.

https://tajrep54.blogspot.com/2025/08/blog-post_28.html