شهدت الأسواق المالية هزة جديدة مع تسجيل الدولار الأميركي ارتفاعاً ملحوظاً أمام الجنيه، حيث بلغ سعره اليوم الخميس 48.70 جنيهاً للشراء و48.80 جنيهاً للبيع في البنوك، في انعكاس مباشر لمزيج من التحديات الداخلية والضغوط الخارجية التي تعصف بالاقتصاد المحلي وتضع العملة الوطنية في مواجهة أزمة ممتدة.
الضغوط العالمية: الدولار في صدارة الملاذات الآمنة
على الصعيد الدولي، واصل الدولار صعوده أمام سلة من العملات الرئيسية، مدعوماً بسياسات الفيدرالي الأميركي في رفع أسعار الفائدة، إضافة إلى زيادة الإقبال عليه كملاذ آمن وسط التوترات الاقتصادية العالمية.
التحديات الداخلية: فجوة بين العرض والطلب
محلياً، يقف الاقتصاد أمام معضلة مزدوجة: تراجع موارد النقد الأجنبي مقابل ارتفاع فاتورة الاستيراد وخدمة الديون. فقد شهدت عوائد السياحة انخفاضاً متأثراً بالأوضاع الإقليمية، كما تباطأت الاستثمارات الأجنبية، وتراجعت تحويلات المصريين بالخارج نتيجة الفجوة الواسعة بين السعر الرسمي والموازي للدولار.
في المقابل، تحتاج مصر إلى نحو 70 مليار دولار سنوياً لتغطية فاتورة الاستيراد من السلع الأساسية كالقمح والوقود والمواد الخام، بينما بلغت الديون الخارجية 165 مليار دولار، بحسب بيانات البنك المركزي، ما يفرض طلباً دائماً على العملة الصعبة يتجاوز المعروض منها.
أبعاد سياسية واقتصادية
وفي قراءة مغايرة للمشهد، أشار الدكتور مدحت نافع، الرئيس السابق للشركة القابضة للصناعات المعدنية، عبر منشور على منصة "إكس"، إلى أن بعض التفسيرات ترجّح وجود دوافع خفية وغير موضوعية وراء التراجع المؤقت للدولار في الفترة الماضية، ملمحاً إلى إمكانية ارتباط ذلك بمحاولات التأثير على قرار القيادة السياسية بشأن منصب محافظ البنك المركزي.
وأضاف أن السرعة الكبيرة في عودة الدولار للصعود خلال 48 ساعة فقط من صدور القرار السياسي الأخير تعكس هشاشة أي تعافٍ سابق للجنيه، مؤكداً أن السوق يمكن التلاعب بها في ظل شح السيولة وغياب الشفافية.
https://x.com/DrMnafei/status/1958096352669315184/photo/1
انعكاسات مباشرة على المواطنين
لا يقتصر تأثير تراجع الجنيه على المؤشرات المالية، بل يتجسد مباشرة في ارتفاع أسعار السلع والخدمات، إذ يعتمد الاقتصاد بدرجة كبيرة على الاستيراد.
ومع كل انخفاض جديد للجنيه، يتكبد المواطنون أعباء إضافية في تكاليف المعيشة، لتزداد معدلات التضخم التي تجاوزت بالفعل مستويات قياسية في الأشهر الماضية.