اعتبر رئيس المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، ناصر أمين، أن ربط النيابة العامة تقديم خدماتها للمتقاضين بإجراء كشف جنائي ومالي مسبق عليهم، يُشكّل عرقلة لحق التقاضي المكفول دستوريًا، ومخالفة صريحة لقانون الإجراءات الجنائية ومواده الخاصة بدور النيابة العامة في التقاضي، فيما أوضح أحد العاملين بوزارة العدل أن التحقق من المطالبات المالية معمول به منذ عدة أشهر في عدد من الجهات القضائية، وأن إجراء كشف جنائي على من يطلبون خدمات من النيابة هو ما يعد أمرًا جديدًا.
كانت النيابة العامة أصدرت قرارًا، تداولته صفحات العاملين بوزارة العدل على مواقع التواصل الاجتماعي، أمس الأول ، بإلزام الكشف الجنائي على المواطنين الراغبين في الحصول على خدمات النيابة، مثل استخراج صورة رسمية من محضر قضية، أو حكم قضائي، أو شهادة من واقع الجدول، بالإضافة إلى كشف آخر للتأكد من وجود أية مطالبات مالية مستحقة عليهم من عدمه.
قرار النيابة يأتي ، في إطار توجه عام داخل الدولة لتحصيل المستحقات القضائية وتوريدها إلى الخزانة العامة، لافتًا إلى أن ما يُعد جديدًا في هذا القرار هو إلزام المواطنين بإجراء كشف جنائي.
تمييز
أمين من جانبه شدد على أن إخضاع المواطنين لكشوف جنائية ومالية كشرط للحصول على خدمات النيابة العامة يُعد تمييزًا غير مبرر بين المواطنين، ويتنافى مع دور النيابة كأمينة على الدعوى الجنائية، حتى في حال وجود سوابق جنائية بحق المتقدمين، «لا يجوز للنيابة أن تحرم أي مواطن من خدماتها، خصوصًا ما يتعلق بحقه في التقاضي، لمجرد وجود أحكام جنائية أو مطالبات مالية بحقه».
وأضاف أمين، في تصريحات صحفية، : «ينبغي على النيابة العامة أن تنأى بنفسها عن لعب دور محصل الأموال لصالح الخزانة العامة مقابل أداء خدماتها، فتعليق تقديم الخدمات على تحصيل الرسوم يُجبر المواطنين على دفعها، دون إتاحة حق الطعن أو التظلم أو طلب الإعفاء أو التخفيض، وهو ما يُشكل إهدارًا لضمانات التقاضي، ويُعيق وصول المواطن إلى قاضيه الطبيعي».
وختم أمين تصريحاته بالتأكيد أن القرار يمثل تهديدًا صريحًا لحق التقاضي، ويرسخ لممارسات قد تؤدي إلى تمييز غير مشروع، ويجب التراجع عنه حفاظًا على العدالة وضماناتها الدستورية.