عرض الرئيس المصري الراحل أنور السادات دعمًا عسكريًا وإعلاميًا للمعارضة الإيرانية في المنفى بهدف إسقاط النظام الثوري بقيادة آية الله الخميني، بعد عامين من انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، وفقًا لوثائق بريطانية رفعت عنها السرية، كما أفاد ميدل إيست مونيتور.
حافظت مصر على علاقات قوية مع إيران في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، حيث قدّم الأخير دعمًا ماليًا لسادات بعد حرب أكتوبر 1973، وساعد مصر في إعادة فتح قناة السويس. وامتدت العلاقة إلى صداقة شخصية وثيقة، إذ اعتاد الشاه مناداة السادات بـ"أخي العزيز". لكن بعد سقوط الشاه وصعود الجمهورية الإسلامية، دخلت العلاقات المصرية الإيرانية في مرحلة توتر عميق، خصوصًا عقب توقيع السادات اتفاقية سلام مع إسرائيل عام 1979، وهي خطوة رفضتها إيران بشدة.
بعد الإطاحة به، تنقل الشاه بين عدة دول، ثم دخل الولايات المتحدة للعلاج من السرطان، مما دفع ثوار إيران إلى اقتحام السفارة الأمريكية في طهران واحتجاز أكثر من 50 رهينة أمريكية، مطالبين بتسليم الشاه. لاحقًا، غادر الشاه إلى بنما، ثم منحه السادات اللجوء في مصر، حيث توفي ودفن هناك.
تشير الوثائق البريطانية إلى أن معارضين إيرانيين تواصلوا مع السادات عام 1981، بعد اندلاع الحرب الإيرانية العراقية، لطلب دعمه في الإطاحة بحكم الخميني. سعى شابور بختيار، آخر رئيس وزراء في عهد الشاه، للحصول على دعم لمنظمة سرية كانت تنتظر "اللحظة الحاسمة" للتحرك.
أفاد سيفاش سعيدي، أحد مساعدي بختيار، لصديقه نيكولاس ج. بارينجتون، الدبلوماسي البريطاني في القاهرة، بأنه رتب لقاء بين بختيار والسادات في باريس أواخر فبراير 1981. استمر الاجتماع 55 دقيقة، وشجع السادات بختيار على الإسراع في تنفيذ خطته، عارضًا تقديم دعم عبر محطة إذاعية في الإسكندرية أو مرافق عسكرية مصرية. ردّ بختيار بالشكر، لكنه أشار إلى أن "مصر بعيدة عن ساحة المعركة"، معربًا عن أمله في دعم تركي إضافي.
ادعى سعيدي أن المنظمة التي يقودها بختيار تعمل بنظام الخلايا، وتحظى بدعم متزايد داخل إيران، بما يشمل ضباطًا في الجيش وسلاح الجو، وزعماء دينيين معتدلين مثل آيات الله شريعتمداري وزنجاني وطبطبائي القمي. ورغم وجود محطة إذاعية للمعارضة في العراق، أصرّ سعيدي على أنهم لا يتحالفون مع صدام حسين.
غير أن الوثائق تشير إلى أن سعيدي أبلغ البريطانيين لاحقًا، في ديسمبر 1981، بأن علاقته مع بختيار تدهورت، مؤكدًا أن الأخير تلقى تمويلًا من العراق يصل إلى مليوني دولار شهريًا، يودعه في حسابات بنكية سويسرية. أعرب سعيدي عن غضبه لأن تلك الأموال لم تصل إلى عائلات المعتقلين في إيران، بل ذهب معظمها إلى جيب بختيار، حسب تعبيره.
خلال لقائهما، سأل سعيدي ما إذا كانت بريطانيا ستدعم انقلابًا ناجحًا وغير دموي على النظام. وردّ بارينجتون بوضوح بأن بريطانيا تتعامل مع الحكومة الشرعية القائمة في طهران، كما فعلت مع نظام الشاه، ولا تتدخل في الشؤون الإيرانية الداخلية.
في تقريره إلى قسم الشرق الأوسط بوزارة الخارجية البريطانية، أوضح بارينغتون أن سعيدي خرج من الاجتماع برسالة مفادها أن بريطانيا لن تدعم نشاطات المعارضة في الخارج، بل ستتعامل مع أي حكومة تحظى بدعم الشعب الإيراني. وأضاف أن "نظام الخميني أو شيء شبيه به على الأرجح سيبقى في السلطة."
خَلصَ تقييم وزارة الخارجية البريطانية إلى أنه من الصعب تصور دور مهم لبختيار في مستقبل إيران، وينطبق نفس التقييم على معظم جماعات المعارضة في الخارج. واعتبرت أن الارتباط الوثيق بين بختيار والنظام العراقي ألحق ضررًا كبيرًا بمصداقيته.
نصح قسم الشرق الأوسط الدبلوماسيين البريطانيين بعدم تشجيع أو تثبيط سعيدي بشأن استمراره في التواصل معهم، محذرًا من أن المعارضة الإيرانية تميل إلى التفاخر بعلاقات مزعومة مع الاستخبارات البريطانية، وهو أمر يجب تجنبه.
https://www.middleeastmonitor.com/20250714-sadat-offered-iranian-exiles-military-support-to-overthrow-khomeinis-revolutionary-rule-british-documents-reveal/