أعلن النائب البرلماني وعضو لجنة العفو الرئاسي طارق الخولي، في تصريح أثار موجة من الغضب والجدل، أن المعتقلين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين "مستبعدون تماماً" من قوائم العفو التي تقدم من عبد الفتاح السيسي، باعتبارهم – وفق زعمه – "يشكلون خطراً على الأمن القومي حتى لو لم يتورطوا في أعمال عنف".
وجاءت تصريحات الخولي، المقرب من النظام، في لقاءات صحفية مع مواقع موالية للحكومة، بينها "الجمهورية" و"صدى البلد"، مؤكداً أن لجنة العفو لن تسمح، حسب تعبيره، "بتسرب أي شخص يمكن أن يشكل تهديداً مستقبلياً على المصريين".
استثناء معلن للإخوان.. واستنكار حقوقي
كلمات الخولي لم تمر مرور الكرام، إذ اعتبرها حقوقيون ومراقبون تأكيداً لما هو معروف ضمناً منذ سنوات، بأن آلاف المعتقلين السياسيين – وخصوصاً الإسلاميين – لا يشملهم أي مسار قانوني للانفراج، بل يخضعون لإجراءات قمعية مستمرة من تدوير قضايا، إلى الحبس الاحتياطي غير المحدد، مروراً بغياب العدالة في المحاكمات.
الحقوقي والإعلامي مسعد البربري قال، إن "حديث الخولي يؤكد أن هناك استثناءً كاملاً للإسلاميين من أي نية حقيقية للمصالحة أو التهدئة"، مضيفاً أن "اللجنة تعمل ضمن مسرحية سياسية لم تُثمر سوى عن إفراجات محدودة لأسماء محسوبة على التيارات المدنية التي تتقاطع مصالحها مؤقتاً مع السلطة".
وتابع البربري: "لو أخذنا منطق الخولي بشأن (النية المحتملة للعنف) فالأولى أن يُحاسب كثيرون من المحسوبين على السلطة الذين احتفوا بأعمال عنف خلال ثورة 25 يناير، بل إن الخولي نفسه ظهر في صور مؤيدة لحرق آليات الشرطة وقتها".
عفو للرأي أم للجنائيين؟
منذ إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي في أبريل 2022، لم تتوقف الانتقادات الموجهة إلى السلطة حول طبيعة المستفيدين من قرارات الإفراج، التي غالباً ما تُعلن في مناسبات دينية ووطنية، مثل عيد الفطر والأضحى، وذكرى ثورة يناير، وحرب أكتوبر.
ومع كل قرار، تظهر الأرقام الرسمية لتكشف أن الأغلبية العظمى من المفرج عنهم هم من السجناء الجنائيين. ففي يناير 2025 صدر عفو عن 4466 جنائياً، تبعه في أبريل بالإفراج عن 746 آخرين، دون أن تشمل القوائم أي أسماء بارزة من المعتقلين السياسيين.
لكن – وبضغط من انتقادات حقوقية دولية – أعلنت وزارة الداخلية في عيد الأضحى الماضي الإفراج عن 2215 سجيناً، بينهم 50 معتقلاً سياسياً فقط، ما وُصف بأنه "خطوة رمزية لا تعني تغيراً جوهرياً في السياسات".
المأساة خلف الأسوار.. عائلات تروي الكابوس
وراء كل معتقل سياسي قصة إنسانية مليئة بالوجع والأمل المكسور. زوجة الصحفي المعتقل أحمد سبيع، وصفت أول زيارة دون حواجز لزوجها بعد 10 سنوات بأنها "أسعد يوم في حياة ابنته الصغيرة سيرين"، التي لم يلمسها والدها منذ كانت بعمر عامين. تقول الأم: "كفى ظلماً وتشتيتاً للأسر... إلى متى؟".
أما زوجة وأم معتقلين آخرين فتقول: "توقّفنا عن انتظار العفو، فلا رجاء مع هذا النظام، فقط ننتظر أن ينتهي هذا الكابوس الطويل".
12 عاماً من القمع.. بلا نهاية في الأفق
في يوليو 2013، بدأت السلطات عقب الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب، حملة قمع واسعة، طالت عشرات الآلاف من المعارضين، خاصة من جماعة الإخوان المسلمين وتيار الإسلام السياسي، وبلغت ذروتها بمجزرتي "رابعة" و"النهضة".
ومنذ ذلك الحين، تواصل الأجهزة الأمنية ما تصفه منظمات حقوقية بـ"الإخفاء القسري"، و"الاعتقال التعسفي"، و"التعذيب الممنهج"، و"الحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية".
تقارير مرعبة: وفيات وتعذيب وتحطيم نفسي
تحالف "المادة 55" الحقوقي وثق في مايو الماضي ثلاث حالات وفاة داخل مقار الاحتجاز بسبب الإهمال الطبي والتعذيب، بينها وفاة الشاب عبدالرحمن حسن بعد اعتقاله من قسم شرطة السيدة زينب، إضافة لمحاولة انتحار للمعتقل السياسي مصطفى النجار بسجن بلقاس نتيجة ظروف احتجاز "كارثية".
كما تحدث تقرير مركز النديم عن مقتل 7 مصريين بسبب عنف الأمن خلال يونيو، إلى جانب 11 وفاة لمعتقلين في السجون، و40 حالة تعذيب وتكدير. وسجل مركز الشهاب لحقوق الإنسان استمرار استخدام الحبس الاحتياطي كأداة قمع، والإخفاء القسري على نطاق واسع.
أما الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، فقد كشفت عن أساليب تعذيب "صادمة" في سجن الوادي الجديد، المعروف باسم "سجن الموت"، منها ما يسمى بـ"حمام العسل"، حيث يُجرد المعتقل من ملابسه ويُغطى بالعسل الأسود، ويُترك عارياً تحت الشمس الحارقة.
معاناة النساء.. من القهر حتى التحرش
نساء مصر لم يسلمن من بطش الدولة. تقرير "نساء ضد الانقلاب" أشار إلى تعرض أكثر من 300 امرأة خلال 12 عاماً لقمع ممنهج، بين اعتقال، وتعذيب، وتهديد بالاغتصاب، واختفاء قسري. من بينهن الناشطة آية كمال الدين، رهن الحبس الاحتياطي منذ 3 سنوات، وعائلة آمال عبدالسلام، وابنتها وشقيقتها، اللاتي تعرضن لتعذيب وحشي.
وفي مشهد يختزل حجم المأساة، تُعتقل الطفلة حبيبة صبحي، مع والدتها وشقيقاتها منذ 2021، وتواجه تهماً أمنية رغم كونها قاصراً، فيما يستمر اختفاء سلمى عبدالمجيد وشيماء طه منذ أكثر من 8 أشهر، في ظل صمت رسمي مطبق.
https://www.facebook.com/basqbary/posts/1397062041602338?ref=embed_post
https://www.facebook.com/ayman.mhrws.746641/posts/10235012775432914?ref=embed_post
https://www.facebook.com/elshehab.ngo/posts/1127240379450408?ref=embed_post
https://www.facebook.com/ENHR2021/posts/755663170148078?ref=embed_post
https://www.facebook.com/WomenAntiCoup/posts/1054031273591229?ref=embed_post
https://www.facebook.com/mohammed.mostafa.mousa/posts/597428646741927?ref=embed_post