تعتزم الهيئة القومية لسكك حديد مصر، التابعة لوزارة النقل، اقتراض 9 مليارات جنيه من بنوك محلية خلال العام المالي 2025-2026، لاستكمال وتنفيذ حزمة من المشروعات الجديدة، في خطوة تثير الجدل حول السياسة التمويلية المتبعة في قطاع النقل.

وتمثل القروض الجديدة استمرارية في نهج الاعتماد على التمويل البنكي المحلي لتنفيذ مشروعات السكة الحديد، وسط تساؤلات اقتصادية متزايدة حول قدرة الهيئة على تحمل أعباء الديون، وجدوى الأولويات الاستثمارية في ظل الأزمة المالية العامة، وتضخم فاتورة الديون على الخزانة العامة.

 

استكمال مشاريع قديمة وانطلاق أخرى جديدة

وقال المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، إن الهيئة ستوجّه جزءًا كبيرًا من هذا التمويل إلى استكمال مشروعات قائمة بدأ تنفيذها في العامين الماضيين، إلى جانب إطلاق أعمال جديدة تستهدف رفع معدلات الأمان وتوسيع الطاقة التشغيلية.

ومن أبرز هذه المشروعات:

الأعمال المدنية في خط "بلبيس – العاشر من رمضان – الروبيكي"، بطول 69 كيلومترًا، والذي يُعد جزءًا من ربط العاصمة الإدارية والمناطق الصناعية بمنظومة النقل السككي.

المرحلة الثانية من مشروع الممر اللوجيستي "طابا – العريش"، الذي يمتد بطول 125 كيلومترًا من بئر العبد حتى مدينة العريش، ضمن خطة أكبر لربط سيناء بالموانئ البحرية وشبكات النقل القارية.

وتهدف وزارة النقل، بحسب الخطة، إلى جعل خط العاشر من رمضان بمثابة محور رئيسي لنقل نحو مليون طن من البضائع سنويًا من وإلى الميناء الجاف بالعاشر من رمضان، وربطها لاحقًا بالقطار الكهربائي السريع عبر الطريق الدائري الإقليمي.

مشروع "طابا – العريش" ليس سوى واحد من سبعة ممرات لوجيستية كبرى تعمل وزارة النقل على تنفيذها بهدف ربط مناطق الإنتاج بالموانئ، وخاصة تلك الواقعة على البحرين الأحمر والمتوسط، وكذلك لخدمة التجمعات السكانية والعمرانية الجديدة.

وفي أكتوبر الماضي، أعلنت الوزارة تشغيل خط "الفردان – بئر العبد" بطول 100 كيلومتر تجريبيًا، بعد اكتمال البنية التحتية، في انتظار تزويده بأنظمة الإشارات والاتصالات، ما يشير إلى أن هناك فجوات في التمويل لا تزال قائمة.

 

تطوير خطوط قائمة... وأسوار لحماية القطارات

كما تشمل خطة الهيئة، وفق المصدر، استكمال ازدواج خط سكة حديد "بشتيل – الاتحاد" بطول 90 كيلومترًا ضمن مشروع تطوير لوجيستيات التجارة بين القاهرة والإسكندرية، بالإضافة إلى إنشاء أسوار خرسانية بطول 100 كيلومتر على جانبي خطوط السكك الحديدية لتقليل الحوادث، خاصة عند المزلقانات.

وتمضي الهيئة قدمًا كذلك في تجديد بعض القطاعات المتهالكة في خط الوجه القبلي، أحد أكثر الخطوط استخدامًا في نقل الركاب، رغم ضعف البنية التحتية وارتفاع معدلات الحوادث.

 

ديون تتضخم... ومشروعات بلا تفاصيل

تمتد شبكة السكك الحديدية حاليًا على طول 9570 كيلومترًا، تضم 705 محطات و1332 مزلقانًا، إلا أن هذا الامتداد لم يواكبه بالضرورة تحسن ملحوظ في جودة الخدمة أو في معدلات الأمان، ما يطرح تساؤلات حول فاعلية الاستثمارات الضخمة في القطاع.

وفي هذا السياق، قال وزير النقل كامل الوزير، في مداخلة تليفزيونية نهاية ديسمبر 2024، إن الوزارة تعمل على تنفيذ خطة شاملة لتطوير السكك الحديدية تشمل خطوط نقل البضائع وربط الموانئ البحرية والجافة، لكنه لم يفصح عن تفاصيل محددة للمشروعات أو مصادر تمويلها.

 

ديون تتزايد.. ومخاوف من الإفراط في الاقتراض

يرى خبراء اقتصاد أن التوسع في الاقتراض المحلي – سواء لتمويل مشروعات السكة الحديد أو غيرها – يهدد بزيادة الضغط على القطاع المصرفي المصري، الذي يوجّه جزءًا كبيرًا من سيولته لتمويل الحكومة والهيئات العامة.

كما يخشى مراقبون من أن التمويل المكثف لمشروعات غير مكتملة أو غير مدروسة الجدوى الاقتصادية، قد يؤدي إلى تراكم أصول غير منتجة، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من عجز كبير في الميزان التجاري وتضخم في خدمة الدين العام.