صعّدت الصين من تحركاتها العسكرية حول تايوان، بإطلاق مناورات تحاكي فرض حصار بحري وجوي شامل على الجزيرة، وسط تحذيرات متصاعدة من واشنطن ومخاوف داخل تايبيه من مصير مشابه لأوكرانيا.
وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع توتر العلاقات الأميركية الصينية، وتبدل اللهجة السياسية في البيت الأبيض بعد عودة الرئيس دونالد ترامب إلى الحكم.
مناورات تتجاوز الرسائل الرمزية
أعلنت بكين الأربعاء الماضي، إطلاق تدريبات عسكرية واسعة في مضيق تايوان، شملت عمليات محاكاة للسيطرة على مناطق استراتيجية وشن ضربات دقيقة على أهداف حيوية داخل الجزيرة.
ووفق بيان المتحدث باسم القيادة الشرقية للجيش الصيني، فإن المناورات تهدف إلى اختبار القدرات العملياتية في "فرض الحصار والمراقبة والضربات المنسقة".
وتحمل هذه التدريبات، التي جرت في مناطق حساسة تمر بها خطوط شحن بحرية دولية، دلالات تتجاوز الاستعراض العسكري، وتشي باحتمال تبنّي الصين استراتيجية تطويق طويلة المدى لتايوان، بدلًا من شنّ غزو مباشر محفوف بالمخاطر.
رد تايواني وتعبئة دفاعية
في المقابل، لم تقف تايبيه مكتوفة الأيدي، بل فعّلت أنظمة الدفاع الجوي وحركت أسطولها الجوي والبحري، معلنة رصد 76 طائرة صينية و15 سفينة حربية خلال الساعات الـ24 الماضية
وأكد مسؤول أمني تايواني أن المناورات ما زالت مستمرة، معتبرًا أنها "أكبر تدريبات عسكرية تشهدها المنطقة منذ أشهر".
رئيس البلاد المنتخب ديمقراطيًا، لاي تشينغ تي، وصف الصين بأنها "قوة معادية"، واتهمها بتمويل حملات تجسس رقمية ضد المؤسسات التايوانية، مؤكدًا مضي بلاده في تعزيز استقلالها الأمني والتكنولوجي.
رسائل نارية من بكين.. الاستقلال يعني الحرب
واصلت بكين توجيه رسائلها النارية، إذ حذّر الجيش الصيني بأن "التحريض على استقلال تايوان يعني إشعال حرب"، معتبرًا أن محاولات الفصل عن "الوطن الأم" ستقود سكان الجزيرة إلى "نزاع مسلح خطير".
ويرى مراقبون أن الصين اختارت الحصار التدريجي كأداة ضغط، مستفيدة من غموض الموقف الأميركي في عهد ترامب.
التوتر الصيني-التايواني ليس وليد اللحظة، بل يعود جذوره إلى عام 1949، حين لجأ الحزب القومي الصيني إلى الجزيرة عقب هزيمته في الحرب الأهلية أمام الشيوعيين.
ومنذ ذلك الحين، تُدار تايوان بشكل مستقل، رغم أن بكين تعتبرها "جزءًا لا يتجزأ من الأراضي الصينية".
الولايات المتحدة.. دعم حذر وتغير في النبرة
من جهتها، عبّرت واشنطن عن قلقها من التصعيد العسكري، محذرة من أن هذه الخطوات "تعرّض الأمن الإقليمي وازدهار العالم للخطر"، بحسب بيان لوزارة الخارجية الأميركية.
لكن اللهجة الأميركية، لا سيما في عهد ترامب، بدت أكثر براغماتية، وسط حديث متزايد عن "الدفع مقابل الحماية" واحتمال مراجعة الالتزامات الدفاعية تجاه الحلفاء، بمن فيهم تايوان.
ووصل رئيس مجلس الأمن القومي التايواني، جوزيف وو، إلى واشنطن لإجراء محادثات مع إدارة ترامب، في أول تفعيل لقناة الاتصال الخاصة بين البلدين منذ عودة ترامب إلى الحكم.
ويُنظر إلى هذه الزيارة كاختبار جديد لجدّية الدعم الأميركي لتايوان، في وقت تتصاعد فيه التهديدات الصينية.
تايوان في مرمى الحسابات الدولية
تتخذ الأزمة أبعادًا أكثر تعقيدًا حين تُقرأ في سياق العلاقات الأميركية الصينية، المتوترة أصلًا بسبب قضايا متعددة منها: الحرب التجارية، ملف أشباه الموصلات، منشأ كوفيد-19، وحقوق الإنسان.
وازدادت الشكوك داخل تايوان بعد تقارب أميركي-روسي مفاجئ، ظهر في لقاء مسؤولين رفيعين من البلدين في الرياض، ما فُسّر على أنه تراجع ضمني في أولويات واشنطن تجاه الدفاع عن تايبيه.
وفي هذا السياق، لا يخفي بعض الساسة في الجزيرة قلقهم من أن تتحول تايوان إلى "أوكرانيا شرق آسيا"، إذا ما قررت الولايات المتحدة تقليص التزاماتها العسكرية هناك.
شاهد:
https://x.com/mog_china/status/1906989522547544396
https://x.com/mog_china/status/1906951703439565223