كشفت مصادر قيادية بحركة حماس عن نقاشات داخلية حساسة دارت بين صفوف كتائب القسام، الذراع العسكري للحركة، بشأن التعامل مع ملف الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في القطاع منذ عملية "طوفان الأقصى".
ورغم تصاعد الغضب بين عناصر المقاومة عقب استهداف مراكز الإيواء، وما خلفه ذلك من مآسٍ طالت عائلات المقاتلين أنفسهم، رفضت قيادة القسام مقترحًا داخليًا تقدم به عدد من المقاتلين بإعدام رهينة أو اثنين من الأسرى العسكريين، كـ"رد رمزي" على الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة.
"ردع معنوي" رفضته القسام
قال قيادي في حماس إن المقترح جاء في لحظة انفعال ميداني، بعد مجازر ارتكبها الجيش الإسرائيلي مؤخرًا بحق الأطفال والنساء داخل مراكز إيواء في رفح وخانيونس.
وأضاف: "مقاتلون فقدوا أسرهم في القصف كانوا يرون أن رسالة ردع معنوية عبر إعدام أحد الجنود الأسرى قد توقف آلة القتل أو تضع العالم أمام مسؤولياته، لكن قيادة القسام رفضت ذلك بشكل قاطع."
وأكد أن القرار بُني على "أسس أخلاقية وتنظيمية"، وتم تعميمه على جميع الوحدات المعنية بملف الأسرى، مشددًا على وجوب تأمينهم وحمايتهم قدر المستطاع، بغض النظر عن التطورات الميدانية.
بين الكلفة الأخلاقية... والرسائل السياسية
تقول المصادر إن رفض إعدام الأسرى لم يكن قرارًا تنظيميًا فقط، بل بمثابة رسالة متعددة الأبعاد:
- أولًا لحكومة الاحتلال التي تحاول الإيحاء بأن "حماس فقدت السيطرة على أسرى طوفان الأقصى".
- وثانيًا للمجتمع الدولي الذي يواصل تجاهل المجازر.
- وثالثًا للداخل الفلسطيني الذي يتعرض لحصار مزدوج: القصف من جهة، وانقطاع المساعدات من جهة أخرى.
وتابع المصدر: "نحن نعرف جيدًا أن العدو يضرب مواقع يُرجح وجود الأسرى فيها، هم يريدون التخلص من ورقة ضغط، لا استعادتها. المعركة الحقيقية الآن هي في الميدان المعنوي أكثر من الميدان العسكري".
نتنياهو ومحور "فيلادلفيا الثاني"
في السياق ذاته، يواصل جيش الاحتلال تنفيذ عمليات إخلاء واسعة جنوب القطاع، شملت كامل مدينة رفح وأحياء من خانيونس، تمهيدًا لما أعلنه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بـ"إنشاء محور موراج"، الذي سيفصل رفح عن خانيونس، في إعادة إحياء لمحور "فيلادلفيا" الشهير.
وقد أعلن الناطق العسكري باسم القسام، "أبو عبيدة"، أن نصف الأسرى الصهاينة الأحياء في غزة يتواجدون في المناطق التي أمر جيش الاحتلال بإخلائها.
"الوقت ينفد"... ورقة الأسرى تحت النار
حماس لا تزال تأسر 59 صهيونيا داخل القطاع، وفق التقديرات الإسرائيلية، التي تقول إن 35 منهم قُتلوا، بينما تعتقد الاستخبارات أن 22 فقط ما زالوا على قيد الحياة، بينهم خمسة أمريكيين.
وفي تسجيل مصوّر بثته كتائب القسام مؤخرًا تحت عنوان "الوقت ينفد"، ظهر أسيران إسرائيليان يتهمان حكومة نتنياهو بالكذب، ويطالبان بإخراجهما من تحت القصف.
الرسالة كانت موجهة للرأي العام الإسرائيلي قبل أي جهة أخرى: حياة الأسرى في خطر، ولكن ليس بسبب حماس.