رضخت تايلاند للصين، بدلاً من إطلاق سراح مواطني الإيجور المسلمين والسماح لهم بالسفر إلى بلد ثالث آمن، حيث رفضت السلطات التايلاندية مرارًا السماح لـ"وكالة الأمم المتحدة للاجئين" بالتواصل معهم، ما حال دون الاعتراف بهم لاجئين وإعادة توطينهم، كما رحلتهم للصين منتهكة بهذا الترحيل المشين قوانينها والتزاماتها الدولية.

واعتبرت هيومن رايتس ووتش أن الأكثر خزيًا أن المسؤولين التايلانديين والصينيين يتعاونون الآن لإعادة كتابة التاريخ وتلميع الفظائع المرتكبة ضد الأويجور، مصورين الإعادة القسرية للرجال على أنها عمل سخي من "لمّ شمل" الرجال بأسرهم.

كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية أن تايلاند أعادت أشخاصًا أويجور قسرًا إلى الصين بعد احتجاز تعسفي لعقد.

وأشار التقرير إلى أنه في 27 فبراير الماضي، رحلت تايلاند على متن رحلة جوية ما لا يقل عن 40 رجلاً من الأويجور الذين فروا من الصين قبل أكثر من عقد.

وأضافت أنه كانوا من بين مئات الأويجور الذين حاولوا الفرار عبر طريق بري خطير عبر جنوب شرق آسيا عام 2014. وصل بعضهم إلى تركيا، حيث الأمان النسبي. احتجزت السلطات التايلاندية آخرين ووُضعوا في مراكز احتجاز المهاجرين.

وعن خلفية عمليات الترحيل لفتت المنظمة إلى أنه في يوليو 2015، أفرجت تايلاند عن حوالي 170 امرأة وطفلاً من الأويجور وأرسلتهم إلى تركيا. لكنها سلمت أيضًا أكثر من 109 رجال من الأويجور - نُقلوا جوًا وكانت رؤوسهم مغطاة وأيديهم مكبَّلة - إلى الصين.

وأشارت إلى أنه في 2015 تُرِك العشرات من الرجال المتبقين في مراكز احتجاز المهاجرين في تايلاند، حيث احتُجزوا تعسفيًا إلى أجل غير مسمى وبشكل غير قانوني.

وأضافت أن من هذه العشرات من رحّلتهم السلطات في صباح 27 فبراير، وبعد 10 سنوات مرعبة من الاحتجاز - لقي خلالها ثلاثة منهم على الأقل حتفهم في ظروف بائسة - أجبرت تايلاند المجموعة المتبقية في الصباح الباكر على ركوب طائرة متجهة إلى الصين.

وسبق الترحيل تحذير أطلقه المتجزون الإيجور في تايلاند برسالة علنية بتاريخ 10 يناير الماضي، كتبوا: "قد نُسجن، وقد نفقد حياتنا. نناشد بشكل عاجل جميع المنظمات الدولية والدول المعنية بحقوق الإنسان التدخل فورًا لإنقاذنا من هذا المصير المأساوي قبل فوات الأوان".

حاولتُ أنا وزملائي النشطاء تعزيز الدعوة إلى تحقيق مطالبات الرجال اليائسة. ناشدنا المسؤولين التايلانديين و"الأمم المتحدة" والحكومات المعنية. وأوضحت المنظمة أن "أصحاب السلطة خذلوهم."

في 2023، أدرجت الحكومة التايلاندية في قانونها المحلي المبدأ القانوني الدولي المتمثل في "عدم الإعادة القسرية" الذي يحظر على الدول إعادة أي شخص إلى مكان قد يواجه فيه خطرًا حقيقيًا بالاضطهاد. حتى لحظة الترحيل، حافظ المسؤولون التايلانديون، بمن فيهم رئيس الوزراء بايتونغتارن شيناواترا، على واجهة خادعة من احترام القانون الدولي، وقدموا تطمينات متكررة بأنهم لن يُرحّلوا الرجال.

الواقع الذي يواجهه هؤلاء الرجال الآن مختلف تمامًا. منذ أواخر 2016، تشن الحكومة الصينية عملية عقابية تسميها "الحملة الضاربة"في شينجيانغ، حيث تحتجز تعسفًا نحو مليون شخص من الأويجور وغيرهم من المسلمين التُرك في معسكرات التثقيف السياسي، وتُعرّضهم لانتهاكات تشمل العمل القسري وتفريق شمل العائلات. ويُقدَّر أن نصف مليون شخص مسجونون منذ فترات طويلة، لا لشيء سوى وجود تلاوة القرآن الكريم على هواتفهم على سبيل المثال. يعيش الأويجور الآن تحت رقابة وقمع بائسين لا يهدفان فقط إلى إخضاعهم، بل وإلى إجبارهم على التعبير عن امتنانهم لـ "الوطن الأم العظيم".

لم يعد أحد في شينجيانغ يجرؤ على التجمع أمام المحاكم. ولا أعرف حتى إن كانت ستُعقد جلسة استماع. أتساءل إن كان سينتهي المطاف بهؤلاء الرجال في نفس الزنزانة مع والدي، محمد يعقوب، الذي اختفى عام 2018، حيث يقضي الآن حكما بالسجن 16 عاما دون أن يرتكب أي جريمة.

وقال تقرير صدر الأحد عن المنظمة أنه في 27 فبراير، استيقظتُ من كابوس لآخر. انهالت الرسائل على هاتفي، إذ غادرت رحلة طيران غير مُجدولة تابعة لـ"شركة طيران جنوب الصين" بانكوك الساعة 4:48 صباحا وهبطت في كاشغر، مدينة تقع جنوب إقيم شينجيانغ الأويجوري ذاتي الحكم في الصين. هناك، ارتكبت الحكومة الصينية جرائم ضد الإنسانية بحق الأويجور على مدار العقد الماضي - وهناك نشأتُ.