تشهد الساحة النقابية والسياسية، حالة من الجدل والاعتراضات الواسعة على مشروع قانون العمل الجديد، الذي يناقشه مجلس النواب حاليًا، وسط انتقادات حادة من قِبل النقابات العمالية والحركات السياسية المختلفة.
وتركزت هذه الاعتراضات على عدة نقاط رئيسية، أبرزها مواد الإضراب، تخفيض الأجور، وآليات عمل وكالات التوظيف.
مناقشات برلمانية واعتراضات مجتمعية
في آخر جلسة عامة لمجلس النواب تمت الموافقة على 261 مادة من أصل 297 من مشروع قانون العمل الجديد الذي تقدمت به الحكومة، وهو القانون الذي من المتوقع أن يؤثر على ما يقرب من 30 مليون عامل في منشآت القطاع الخاص.
فيما سبق أن وافق المجلس في جلسته المنعقدة في 25 فبراير على 12 مادة تُعرف بـ "مواد الإصدار" بشكل نهائي، رغم تصاعد الأصوات المعارضة.
وفي هذا السياق، أعربت حركة الاشتراكيين الثوريين عن رفضها للقانون، معتبرةً أن مجلس النواب يتجاهل الاعتراضات المجتمعية الواسعة، واصفة البرلمان بـ"برلمان الحيتان"، في إشارة إلى تفضيله مصالح أصحاب الأعمال على حساب حقوق العمال.
كما انتقدت الحركة مقترح الحكومة بشأن العلاوة السنوية، والذي يقضي بعدم تطبيق زيادات سنوية للأجور في القطاع الخاص، بحجة أن الأجر التأميني يشهد زيادة دورية، وهو ما تراه الحركة التفافًا على حقوق العمال.
مخاوف النقابات وتحالفات العمال
بدوره، أبدى تحالف أمانات العمال والنقابات اعتراضه على التعديلات المقترحة، مشددًا على ضرورة ربط العلاوة السنوية بنسبة التضخم، نظرًا لتآكل قيمة الأجور الحقيقية مع مرور الوقت.
كما رفض التحالف الفقرة التي تمنح أصحاب الأعمال الحق في طلب تخفيض العلاوة أو الإعفاء منها، حال تعرض منشآتهم لأزمات اقتصادية، معتبرًا أن هذا البند يمنح أصحاب العمل سلطة واسعة للتحايل على حقوق العمال.
من جهتها، نددت دار الخدمات النقابية والعمالية بغياب جلسات استماع كافية مع ممثلي العمال وأصحاب الأعمال خلال مناقشات القانون، وأكدت أن مواد الإضراب الواردة في القانون الجديد "تعجيزية" وتكاد تجعل ممارسته أمرًا مستحيلاً.
ونوهت الدار بأن المادة (231) من مشروع القانون تمنح العمال الحق في الإضراب، ولكنها تربطه باستنفاد جميع وسائل التسوية الودية، مما يضع قيودًا صارمة قد تعطل هذا الحق.
كما أثارت المادة (232) جدلًا واسعًا، إذ تشترط إخطار صاحب العمل والجهات المختصة قبل 10 أيام من بدء الإضراب، وهو ما اعتبرته النقابات شرطًا يفرغ الإضراب من مضمونه.
بينما تواجه المادة (234) انتقادات واسعة، حيث تحظر الإضراب في المنشآت الحيوية دون تحديد واضح لماهية هذه المنشآت، مما قد يفتح الباب أمام تفسيرات فضفاضة تعرقل الحق في الإضراب.
إشكاليات وكالات التوظيف وتأثيرها على العمال
ومن بين البنود المثيرة للجدل أيضًا، الفقرة الثانية من المادة (43) التي تسمح لشركات التوظيف بتحصيل 1% من أجر العامل في السنة الأولى كمصاريف إدارية.
وقد تعرض هذا البند لانتقادات حادة، حيث اعتبره البعض تحميلًا غير مبرر للعمال بتكاليف ينبغي أن يتحملها أصحاب الأعمال، مشيرين إلى أن هذا النظام يخالف المعايير الدولية واتفاقيات منظمة العمل الدولية.
وردًا على هذه الانتقادات، أكدت الحكومة أنها لم توقّع على هذه الاتفاقيات، وأن هذه النسبة معمول بها في القانون الحالي.