تشهد المدارس المصرية في الآونة الأخيرة ارتفاعًا مقلقًا في معدلات العنف بين الطلاب، مما يدق ناقوس الخطر حول سلامة البيئة التعليمية وأثرها على مستقبل الأجيال القادمة.

في الأسابيع الثلاثة الأخيرة فقط، وقعت حوادث عنف خطيرة في مؤسسات تعليمية مختلفة، كان أبرزها مقتل طالب في المعهد التكنولوجي بالعاشر من رمضان إثر تعرضه لطعنة قاتلة من زميله داخل الحرم التعليمي، واعتداء طالبتين على زميلتهما في مدرسة دولية بمنطقة التجمع الخامس، ما أدى إلى إصابتها بكسور وكدمات خطيرة. ولم تتوقف الحوادث عند هذا الحد، إذ شهدت مدرسة إعدادية بحي الزيتون في القاهرة اعتداء آخر، أفضى إلى إصابة طالبة بجرح غائر في وجهها.
 

حوادث عنف خارج أسوار المدارس
   تجاوزت هذه الحوادث أسوار المدارس، حيث شهد محيط أحد المراكز التعليمية الخاصة في الإسكندرية مشاجرة عنيفة بين الطلاب باستخدام الأسلحة البيضاء، ما أسفر عن إصابة ثلاثة طلاب، أحدهم في حالة حرجة.
هذه الحوادث تؤكد أن القضية ليست فردية أو معزولة، بل تعكس أزمة تربوية وأخلاقية تحتاج إلى تحليل شامل واستراتيجية تدخل متكاملة.
 

أسباب متعددة وراء تفشي العنف المدرسي
   تُرجع المختصة في التربية والطفولة المبكرة، كاريمان العيسوي، تكرار هذه الحوادث إلى غياب احترام المعلم وعدم فاعلية القوانين الرادعة لسلوكيات العنف داخل المؤسسات التعليمية.
وتؤكد أن المعالجة السريعة والمباشرة لهذه الظاهرة أمر بالغ الأهمية.

من جانبها، تشير الأخصائية الاجتماعية نرمين حزين إلى أن ظاهرة العنف بين الطلاب تتطلب دراسة معمقة للأسباب الجذرية بدلًا من الاكتفاء بإلقاء اللوم على أطراف معينة.
وتشدد على ضرورة الجلوس مع الطلاب المتورطين في أعمال العنف للاستماع إليهم وتحليل دوافعهم النفسية والاجتماعية.

أما الأخصائية التربوية سمية شريف، فترى أن التعنيف الأسري أو التدليل المفرط يلعبان دورًا كبيرًا في تشكيل سلوك الطالب.
وتضيف أن الثقافة المجتمعية الخاطئة التي تمجد العنف كوسيلة لحل المشكلات، إلى جانب تأثير الأفلام والمسلسلات التي تحتفي بالبلطجة، كلها عوامل تسهم في انتشار الظاهرة.
وتشدد على أهمية تصحيح هذه المفاهيم عبر التعليم والتوعية في المدارس والمنازل.
 

العوامل النفسية وتأثيرها على سلوك الطلاب
   يربط استشاري الطب النفسي، الدكتور محمد الشامي، تفشي العنف بين الطلاب باضطرابات نفسية قد تكون ناتجة عن الإهمال الأسري أو تعاطي المخدرات.
ويؤكد أن بعض الأسر ترفض توفير العلاج النفسي لأبنائها لأسباب تتراوح بين الخوف من الوصمة الاجتماعية والاعتقاد بالخرافات كالسحر والحسد، إضافة إلى العوائق المالية.

ويطالب الشامي بضرورة توفير خدمات الصحة النفسية في المدارس والمراكز الطبية الحكومية بأسعار رمزية أو بالمجان، وتفعيل آليات العلاج النفسي عن بعد لتسهيل الوصول إلى الرعاية اللازمة.