عادت عمليات الهدم المثيرة للجدل إلى واجهة الأحداث مرة أخرى في القاهرة بعد أن أقدمت السلطات على إزالة مقبرة الشاعر والزعيم الوطني محمود سامي البارودي، الواقعة ضمن منطقة الإمام الشافعي التاريخية، رغم موجة الغضب الشعبي ومحاولات الأسرة الحثيثة لإنقاذها.
إرث عمره قرنين من الزمان.. يواجه الإزالة
تعد مقبرة البارودي واحدة من أقدم المقابر في القاهرة، حيث يعود عمرها إلى 200 عام، وكانت تضم رفاته ورفات عائلته، فضلاً عن نقوش رخامية مزخرفة مكتوبة بالذهب، تم استيرادها خصيصًا من إيطاليا.
وتعليقًا على هذا الحدث، قالت السيدة قمرية حسن مراد، حفيدة محمود سامي البارودي، إن جدها كان شخصية وطنية بارزة، حيث تولى رئاسة وزراء مصر وشارك في الثورة العرابية وناضل من أجل استقلال البلاد.
وأضافت: "هذه ليست مجرد مقبرة، بل جزء من تاريخ مصر، وتحمل قيمة ثقافية ومعمارية كبيرة".
محاولات متواصلة لإنقاذ المقبرة باءت بالفشل
على مدار عامين، خاضت أسرة البارودي معركة قانونية وإعلامية للحفاظ على المقبرة، حيث تواصلت مع منظمة اليونسكو وعدد من الجهات الرسمية المعنية بالتراث، إلا أن جميع المحاولات لم تسفر عن وقف القرار، وتابعت حفيدته: "طرقنا جميع الأبواب الممكنة، لكننا في النهاية فوجئنا بقرار الهدم يُنفذ أمام أعيننا".
وأوضحت أنها اضطرت إلى نقل رفات الموتى إلى مدفن جديد بمساحة لا تتجاوز 60 مترًا مربعًا، مقارنة بمساحة المقبرة الأصلية التي كانت تمتد على 900 متر مربع. كما قامت بنقل التركيبات الرخامية والنحاسية التي كانت تزين المقبرة، حرصًا على الحفاظ على ما يمكن إنقاذه من الإرث العائلي.
عودة عمليات الهدم رغم الوعود الحكومية
يأتي هذا التطور بعد أن كانت حكومة السيسي قد أعلنت في أكتوبر الماضي عن وقف عمليات الهدم التي شهدتها مقابر الإمام الشافعي، استجابةً للاحتجاجات الشعبية المتزايدة.
وأكد مصطفى مدبولي رئيس حكومة السيسي على أهمية الحفاظ على المباني ذات القيمة التاريخية والتراثية، مشددًا على إصدار تكليفات فورية بعدم المساس بأي معلم تاريخي في المنطقة.
إلا أن تنفيذ الإزالة لمقبرة البارودي أعاد التساؤلات حول جدية هذه الوعود، ومدى التزام الحكومة بالحفاظ على الهوية التاريخية للعاصمة، خاصة في ظل مشاريع البنية التحتية والتطوير العمراني التي تتوسع في مناطق القاهرة القديمة وطمسها.