كشف مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب في تقريره السنوي، الصادر بالتزامن مع الذكرى الرابعة عشرة لثورة الخامس والعشرين من يناير، عن تصاعد خطير في الانتهاكات داخل السجون وأماكن الاحتجاز خلال عام 2024.

التقرير، الذي اعتمد على رصد وتوثيق دقيق لحالات القتل والإهمال الطبي والتعذيب والاختفاء القسري، أظهر أن الأجهزة الأمنية لا تزال تمارس انتهاكاتها بحق المواطنين بلا محاسبة، على الرغم من ادعاءات تبني سياسات إصلاحية جديدة.
 

قتل خارج إطار القانون وإهمال طبي قاتل
   بحسب التقرير، قُتل ثمانية مواطنين على أيدي رجال وزارة الداخلية خلال العام، بينهم خمسة لم يتم الإفصاح عن هوياتهم. وعلق المركز على هذه الحالات قائلاً: "بغض النظر عن المبررات التي تُقدم، يبقى القتل جريمة، والمسؤولية تقع على الفاعلين، فيما تظل الحقيقة غائبة في ظل غياب المساءلة".

إضافة إلى ذلك، رصد التقرير وفاة 57 محتجزاً بسبب الحرمان من الرعاية الصحية، وهو ما وصفه خبراء القانون بأنه "قتل بالامتناع"، بالإضافة إلى وفاة آخرين نتيجة لسوء أوضاع الاحتجاز والتعذيب، في ظل انتهاك صريح للدستور والقوانين.
 

150 محتجزاً يعانون من الإهمال الطبي
   لم يقتصر الأمر على الوفيات، بل رصد التقرير 150 حالة حرمان متعمد من الرعاية الطبية داخل السجون، حيث حُرم المرضى من العلاج والفحوصات الطبية اللازمة، رغم الحديث الرسمي عن تطوير منظومة السجون.

وأكد التقرير أن هذه الممارسات تتناقض مع تصريحات الدولة حول مراكز التأهيل الجديدة، حيث لم ينعكس أي تغيير في معاملة المحتجزين، سواء من قبل الأجهزة الأمنية أو إدارات السجون.
 

التعذيب يتصدر المشهد داخل السجون
   فيما يتعلق بالتعذيب، وثّق التقرير 55 حالة تعذيب فردي في أماكن الاحتجاز، سواء داخل السجون أو أقسام الشرطة، إضافة إلى 251 حالة تكدير فردي تمارسها إدارات السجون والنيابات والمحاكم. كما تم تسجيل 94 استغاثة بسبب التكدير الجماعي داخل السجون، حيث تتعرض عنابر كاملة لسوء المعاملة الجماعية.

ولفت التقرير إلى مفارقة خطيرة، حيث كان يُعتقد سابقاً أن أقسام الشرطة هي أكثر الأماكن التي تشهد التعذيب، لكن أرشيف 2024 كشف أن السجون أصبحت تحتل المرتبة الأولى من حيث ممارسة الانتهاكات بلا محاسبة أو رادع.
 

الاختفاء القسري.. جريمة مستمرة رغم الإنكار
   رصد مركز النديم 586 حالة اختفاء قسري خلال العام، مع استمرار إنكار الدولة لهذه الجريمة رغم الأدلة الواضحة.

وأشار التقرير إلى أن التعديلات القانونية التي تسمح لقوات الأمن بالاحتفاظ بالمقبوض عليهم لمدة 28 يوماً دون عرضهم على النيابة تعزز بيئة الترهيب والتعذيب وانتزاع الاعترافات القسرية.

وفي مؤشر خطير، وثّق التقرير ظهور 1997 مختفياً قسرياً أمام نيابة أمن الدولة بعد فترات متفاوتة من الاختفاء، جميعهم وُجّهت إليهم التهم نفسها، مما يعكس استمرار نهج "التدوير القضائي"، حيث يُعاد اتهام المعتقلين بقضايا جديدة لمنع الإفراج عنهم، حتى بعد انتهاء مدة حبسهم الاحتياطي أو بعد حصولهم على أحكام بالبراءة.
 

الحرمان.. عنوان الانتهاكات في 2024
   ختم التقرير بإطلاق عنوان "الحرمان" على جميع الانتهاكات التي يتعرض لها المحتجزون، سواء كان الحرمان من الحياة، الحرمان من الحرية، الحرمان من العلاج، الحرمان من الرعاية، الحرمان من الزيارة، الحرمان من رؤية الشمس، أو حتى الحرمان من العيش بكرامة بعد الإفراج عنهم.

وأشار التقرير إلى أن هذه الانتهاكات لم تتوقف عند حدود السجون، بل امتدت إلى المجتمع ككل، مما يعكس تدهوراً مستمراً في أوضاع حقوق الإنسان في مصر، وسط غياب أي آلية حقيقية للمساءلة أو الإنصاف.

https://www.facebook.com/elnadeem/posts/1052928730202436?ref=embed_post