في خطوة تسلط الضوء على التباينات السياسية بين الدول في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان والمعارضة السياسية، رفضت ماليزيا طلباً مصرياً لإبرام اتفاقية تعاون أمني تسمح بتسليم المعارضين المصريين المقيمين على أراضيها.
يأتي هذا التطور وسط محاولات متزايدة من عبدالفتاح السيسي لتعزيز قبضته على المعارضة في الخارج.
خلفية الطلب المصري
جاء الطلب المصري خلال زيارة رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم إلى القاهرة في نوفمبر الماضي، بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وأعيد طرحه مجدداً في الاجتماعات التحضيرية لقمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي، التي انعقدت مؤخراً في القصر الرئاسي بالعاصمة الإدارية الجديدة.
الموقف الماليزي
وفقاً لتقرير، أبدت ماليزيا تحفظها الواضح على هذا المطلب المصري.
وأكدت مصادر دبلوماسية أن رفض ماليزيا ينبع من التزامها بقيم حقوق الإنسان، وخصوصاً فيما يتعلق بالقضايا ذات الطابع السياسي.
وأوضحت المصادر أن كوالالمبور تعتبر تسليم المطلوبين الأمنيين، وخاصة النشطاء السياسيين والمعارضين، تناقضاً مع التزاماتها الحقوقية.
وعلى الرغم من ذلك، أكدت ماليزيا أن تحفظها لا يعني رفض التعاون الأمني مع القاهرة بشكل عام، وأبدت استعدادها للتعاون في مجالات أخرى، مثل مكافحة الإرهاب، والتصدي للجرائم العابرة للحدود، والأمن السيبراني، والجرائم المرتبطة بالعملات المشفرة.
كما أبدت اهتمامها بتعزيز التعاون في مجالات الدفاع والصناعات الدفاعية.
السياق السياسي
تستضيف ماليزيا عدداً من الشخصيات المعارضة للسيسي، بما في ذلك أعضاء وقيادات من جماعة الإخوان المسلمين، الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية -ذات طابع سياسي- من محاكم مصرية عقب الانقلاب على الرئيس محمد مرسي في عام 2013، وباعتبار هؤلاء المعارضين ضحايا لمحاكمات ذات طابع سياسي، فهو يتعارض مع القيم الحقوقية التي تتبناها ماليزيا.
موقف الحكومة الماليزية
رئيس الوزراء الماليزي، أنور إبراهيم، الذي زار مصر مؤخراً، يُعرف بمواقفه الداعمة لحقوق الإنسان.
وفي زيارته الأخيرة، جدد التأكيد على أهمية احترام القيم الإنسانية في العلاقات الدولية، وعلى الرغم من العلاقات الدبلوماسية الجيدة بين البلدين.
يبدو أن الخلاف بشأن ملف تسليم المعارضين يعكس تباينات عميقة في الأولويات السياسية والقيم.
ردود الفعل المصرية
لم تصدر القاهرة حتى الآن أي تصريحات رسمية تعليقاً على الموقف الماليزي، لكن من الواضح أن هذا التطور يمثل ضربة لمساعي نظام السيسي العسكري في تشديد قبضته الأمنية خارج حدوده.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه مصر انتقادات دولية متزايدة بسبب أوضاع حقوق الإنسان والمحاكمات السياسية.