قال تقرير إن هناك 50 ألف كيان غير مرخص يعمل في الخفاء بعيداً من الأطر القانونية والشرعية. وشدد التقرير أن القرارات الحكومية الرسمية تصب في صالح هؤلاء السماسرة وهو ما يعني أن أموال من لا يتثبت من الشركة التي حجزت له تكون ضاعت عليه الرحلة والأموال!
وأكد تقرير نشره موقع "اندبندنت -عربية" عن تلاعب شركات الحج والعمرة الوهمية بالمصريين أن القانون المصري يظل غير رادع للكيانات التي تعمل من دون ترخيص في الحج والعمرة، حيث يفاجأ مصريون بعد ذهابهم إلى المطار لتأدية العمرة بأن تذاكرهم ليست سليمة.
حالات مأساوية
وعن شاب ثلاثيني طلب المسؤول في إحدى الشركات بـ"الواسطى -بني سويف) مبلغاً يقارب 18 ألف جنيه (365.29 دولار) كلفة سفر الفرد الواحد، ليصل إجمال كلفة السفر له وزوجته إلى 36 ألف جنيه (730.59 دولار)، على أن يتم تسديد نسبة 50 % مقدماً والباقي عقب حجز تذاكر الطيران والتأشيرة.
وطلب منه إرسال المبلغ عبر تطبيق "انستاباى" على حساب يحمل هوية شخص آخر، واتفق على إرسال مبلغ 15 ألف جنيه (304.41 دولار) مقدماً إلى هذا الحساب، لحين الانتهاء من باقي إجراءات الحجز ومع مرور الوقت فوجئ الشاب الثلاثيني بتنصل المسؤول بالشركة من اتصالاته بعد تسلمه مبلغ التحويل المالي، ومماطلته في إتمام إجراءات الحجز بحجة أنه يعاني ظروفاً أسرية خاصة، ثم أغلق هاتفه وانقطع التواصل نهائياً وبعد محاولات عدة اضطر الشاب الثلاثيني إلى الذهاب بنفسه إلى مقر الشركة للتأكد من حقيقتها وهوية هذا المسؤول، إلا أنه فوجئ بأن غالب شركات السياحة العاملة في هذا المجال بمحيط منطقة أرض حوته شُمعت وأُغلقت، فحرر محضراً بحق الشخص المسؤول وتبين له أن تلك الشركة الوهمية تمارس عمليات النصب والاحتيال وجذب الراغبين في تأدية العمرة عبر منصات التواصل الاجتماعي.
حالة أخرى
ويتناول التقرير معاناة أخرى عاشها رجل خمسيني من منطقة حلوان، تواصل مع شركة برمسيس عن طريق الماسنجر وحول مبلغ 60 ألف جنيه (1.217 دولار) لمسؤول الشركة مقابل سفر ثلاثة أشخاص، تشمل الإقامة والتأشيرة وتذكرة الطيران، ذهاباً من القاهرة إلى جدة وعودة من الطائف إلى الكويت ثم إلى مطار القاهرة، ضمن فوج يضم 60 شخصاً من محافظات مختلفة".
وفوجئ بعد ذهابه إلى المطار مع بقية أفراد الفوج المسافر بأن التذاكر ليس سليمة وإجراءات العودة لم يتم تأكيدها، ما اضطره للتواصل مراراً وتكراراً مع المسؤول بالشركة الذي ماطل في حل الأزمة واستعادة الأموال، وانتهى لتحرير محضر ضد الشركة في شرطة السياحة وقسم شرطة الأزبكية.
وتبين للخمسيني أن الشركة تعمل بمسمى آخر بخلاف الاسم الذي تتواصل به على منصات التواصل الاجتماعي، علاوة على وجود عديد من شكاوى النصب والاحتيال ضدها، فقامت الجهات الأمنية بغلق الشركة وتشميعها، بحسب التقرير.
رأي متخصص
ونقل الموقع عن نائب رئيس غرفة شركات السياحة سابقاً باسل السيسي أن الكيانات التي تمارس نشاط الحج والعمرة من دون ترخيص، هم أفراد يعملون تحت مسمى "شركات" ويزعمون أن لديهم القدرة على إيجاد عروض مناسبة للسفر لأداء تلك المناسك مستغلين حاجة عديد من الراغبين في السفر لاستقطابهم والتلاعب بهم ومن ثم النصب عليهم، مشيراً إلى أن "قطاع السياحة يعاني انتشار تلك الكيانات الوهمية غير الشرعية".
ويضيف، "القانون غير رادع نهائياً للكيانات التي تعمل من دون ترخيص ولا يحاسب على تلك الجرائم والأخطاء إلا بغرامات مالية زهيدة لا تمثل وسيلة ردع لمرتكبيها مما يجعلها عرضة للتكرار"، مردفاً "هؤلاء الأفراد يعملون أحياناً كوسطاء لشركات قائمة بالفعل لتسويقها للراغبين بالسفر على منصات التواصل الاجتماعي وأحياناً يسطون على أسماء شركات معتمدة ومرخصة بالفعل".
وألزمت المادة "13" من القانون رقم 72 لعام 2021 الخاص بإنشاء البوابة المصرية للعمرة وتنفيذ الشركات السياحية رحلات العمرة، أن "يعاقب بغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد على 3 ملايين جنيه كل من نفذ رحلات العمرة بالمخالفة لأحكام الفقرة الأولى من المـادة 5 من هذا القانون، والتي تنص على أنه لا يجوز تنفيذ رحلات العمرة إلا من خلال الشركات السياحية المرخص لها بمزاولة النشاط وفقاً لأحكام القانون رقم 37 لعام 1977، ومخالفة أحكام المـادة 7 من هذا القانون والتي تلزم شركات الطيران أو النقل البري أو البحري، بمطابقة البيانات الخاصة لكل معتمر مع البيانات المسجلة لدي البوابة قبل مغادرة المعتمر منافذ الجمهورية وفي حالة العود يضاعف الحدان الأدنى والأقصى للغرامة".
وأشار باسل السيسي إلى أنه "يجب أن تكون هناك منظومة متكاملة وتعاون بين وزارة السياحة وغرفة شركات السياحة والأجهزة التنفيذية من أجل مواجهة تلك الممارسات، منعاً لتكرار أزمة وفيات الحجاج المصريين التي حدثت خلال الآونة الماضية"، موضحاً أن "وزارة السياحة منوط بها مراقبة الشركات المرخصة أما الكيانات غير المرخصة والأفراد المحتالون فيخضعون لرقابة وزارة الداخلية".
50 ألف كيان وهمي
الرئيس السابق للجنة السياحة العربية بغرفة السياحة محمد ثروت قال: "هناك نحو 50 ألف شركة وهمية وكيان مواز غير مرخص يعمل في مجال السياحة. والقرارات الحكومية الرسمية تصب في صالح هؤلاء السماسرة".
أما عضو الجمعية العمومية لغرفة شركات السياحة مجدي صادق فألقى بالمسؤولية على وزارة السياحة في تفاقم أزمة تلك الكيانات، مرجعاً السبب في ذلك إلى "القيود والضوابط التي تضعها الوزارة على شركات السياحة المرخصة، فيما تمنح الحرية الكاملة للكيانات الوهمية التي تتهرب من سداد الضرائب والتأمينات وتعمل في إطار غير قانوني".
وكانت وزارة السياحة والآثار المصرية أقرت خلال سبتمبر الماضي القواعد والإجراءات الخاصة بالشركة السياحية المنفذة لرحلات العمرة لموسم 1446هـ، والتي تضمنت "سداد تأمين موقت بإجمالي مبلغ 5 ملايين جنيه على أن يتم حسابه واسترداده، ويُرد مبلغ التأمين بعد خصم ما تم رده للمعتمر من مبالغ نتيجة الإخلال ببرنامج رحلة العمرة في حساب الشركة، وذلك في نهاية موسم العمرة أو توقفه، شريطة عدم ورود شكوى ذات صلة بمبلغ برنامج العمرة إلى الوزارة خلال شهرين من تاريخ انتهاء أو توقف رحلات العمرة، وذلك لحين البت في الشكوى".
وأضاف "صادق"، عن محاولة مواجهة ألاعيب السماسرة والشركات غير المرخصة، أن "شركات السياحة الشرعية تعاني أشد المعاناة من السماسرة والوسطاء والكيانات غير الشرعية"، كاشفاً عن قيام أكثر من 500 شركة سياحة مرخصة بتقديم طلب لوزارة السياحة المصرية خلال شهري يوليو وأغسطس الماضيين، بأن يرتبط "باركود الزيارة" ببرنامج متكامل مدفوع الثمن في الفنادق وتذكرة ذهاب وعودة قبل منحهم التصريح بالسفر، لكن لم تستجب الوزارة لهذا الأمر.