في قرار مفاجئ، أقدم رئيس الانقلابعبد الفتاح السيسي على إنهاء تكليف اللواء عباس كامل من رئاسة جهاز الاستخبارات العامة، وتعيينه في منصب شرفي كمبعوث شخصي للسيسى ومنسق بين الأجهزة الأمنية. يأتي هذا القرار بعد سنوات طويلة من التعاون الوثيق بين السيسي وكامل، حيث كان الأخير يُعتبر بمثابة "الظل" الذي يرافق السيسي في كل خطواته.

نهاية علاقة طويلة
تاريخ علاقة السيسي وعباس كامل يمتد منذ ما بعد انقلاب 2013، حيث كان كامل بمثابة الذراع اليمنى للسيسي في العديد من الملفات المهمة، سواء الداخلية أو الخارجية. وقد عُرف عنه أنه كان المرجع الأساسي في القرارات المصيرية، كما أظهر السيسي نفسه عندما صرح عقب مجزرة رابعة العدوية: "اسألوا عباس".

ومع ذلك، يثير القرار الجديد العديد من التساؤلات حول أسباب هذه الخطوة وتأثيراتها المحتملة على المشهد السياسي والأمني في مصر. كان اختيار حسن محمود رشاد، الذي جاء من هيئة الاستخبارات الفنية، ليكون رئيساً جديداً للجهاز، خياراً غير متوقع، حيث كان يُفترض أن يُعين النائب الأول لرئاسة الجهاز، وهو ما لم يحدث.

تحليل الوضع
تشير مصادر مطلعة إلى أن إنهاء تكليف عباس كامل قد يُحد من نفوذ جهاز الاستخبارات العامة، الذي شهد اتساعاً كبيراً خلال قيادته. ومن المتوقع أن تُعاد هيكلة بعض الملفات الحيوية، خاصة تلك المتعلقة بالأمن القومي والعلاقات الخارجية، حيث كانت الاستخبارات العامة قد تولت دوراً مهماً في التعامل مع القضايا الشائكة مثل مياه النيل والصراع مع إثيوبيا.

علاوة على ذلك، قد يُعزز هذا التغيير من قدرة وزارة الخارجية على استعادة بعض الأدوار التي فقدتها تحت سيطرة الاستخبارات العامة، مما قد يؤدي إلى إعادة توزيع الصلاحيات والملفات بين الأجهزة الحكومية.

مناقشات حول التدخلات العسكرية
تشير التوقعات إلى أن التغييرات في جهاز الاستخبارات العامة ستسهم في إعادة السيطرة العسكرية على ملفات الأمن القومي، خاصة في المناطق الحدودية مثل الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة. كانت الاستخبارات العامة قد تولت إدارة هذا الملف في السنوات الأخيرة، ولكن يبدو أن القرار الجديد قد يُعيد هذا الملف إلى "هيئة الاستخبارات الحربية"، التي أنشأها السيسي سابقاً.

تأثيرات مستقبلية
تعتبر هذه التطورات مؤشراً على تغييرات جذرية في الهيكل القيادي في مصر، حيث تهدف إلى تقليل نفوذ بعض الشخصيات المحورية التي عُرفت بقوتها. ويُعتقد أن محمود السيسي، نجل الرئيس، قد يلعب دوراً أكبر في إدارة جهاز الاستخبارات في الفترة المقبلة، خاصة بعد ترقيته الأخيرة إلى رتبة لواء.

التأثير على السياسة الخارجية
على الصعيد الخارجي، قد يُعكس هذا التغيير على الأدوار التي لعبها عباس كامل في العلاقات مع القوى الأجنبية. كان كامل قد تولى مسؤوليات دبلوماسية حيوية، منها الوساطة في النزاعات، ولذلك من المتوقع أن تُعاد صياغة تلك العلاقات تحت قيادة جديدة.

إن إنهاء تكليف عباس كامل يعتبر علامة على تحول جذري في الهيكل القيادي في مصر. بينما يبدو أن السيسي يسعى لتقليص نفوذ بعض الشخصيات القوية، يبقى التساؤل قائماً حول مدى تأثير هذه التغييرات على السياسة الداخلية والخارجية لمصر. كيف ستؤثر هذه التحولات على العلاقات مع المجتمع الدولي في ظل التحديات المستمرة التي تواجهها البلاد؟

هذا القرار قد يفتح الباب أمام إعادة تقييم العلاقات بين الأجهزة الأمنية والسياسية، مما سيؤثر على كيفية إدارة الأزمات والمواقف السياسية في المستقبل. في نهاية المطاف، تبقى الساحة المصرية تحت مراقبة دقيقة، حيث يمكن أن تؤدي هذه التغييرات إلى تغييرات عميقة في طريقة تفاعل النظام مع التحديات المعقدة التي تواجهه.