باتت عقوبة الإعدام في السعودية أداة أساسية ضمن ترسانة القمع السياسي والأمني التي توظفها السلطات السعودية لفرض سيطرتها في وقت يحتفل فيه العالم باليوم الدولي لمناهضة عقوبة الإعدام لعام 2024.

فيما تواصل السعودية استخدام هذه العقوبة بشكل موسع، متجاهلة الانتقادات الدولية التي تؤكد أن الإعدام لا يحقق الأمن بل يعزز القمع تحت ذريعة الأمن واستقرار المجتمع، تستخدم الرياض هذه العقوبة لتبرير قتل المعارضين السياسيين ومن يزعم أنهم إرهابيون، متجاهلة الدعوات العالمية لإيقاف هذه الانتهاكات.

كما تعد السعودية اليوم واحدة من أبرز الدول التي تستخدم عقوبة الإعدام كأداة لترسيخ سلطتها القمعية، ورغم أن العقوبة تفرض عادة تحت عنوان “تحقيق العدالة واستتباب الأمن”، فإن الوقائع تشير إلى أن معظم المحكوم عليهم بالإعدام هم من المعارضين السياسيين أو من المتهمين بتهم تتعلق بالإرهاب، تهم غالبًا ما تكون غامضة وفضفاضة. 

فوفقًا للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، فإن تزايد أعداد الإعدامات وتنوع التبريرات المرتبطة بها، يؤكد أن هذه العقوبة ليست سوى غطاءً للعقوبات السياسية.

سلاح القمع السياسي

تنفذ أحكام الإعدام في السعودية بناءً على قرارات المحكمة الجزائية المتخصصة، التي يُدمج فيها بين المعتقلين السياسيين ومن تزعم الحكومة أنهم إرهابيون. البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية عادة ما تحتوي على عبارات فضفاضة مثل “الحفاظ على أمن الوطن” أو “تحقيق العدل”، دون أن تكون هناك شفافية حقيقية حول معايير تطبيق العقوبة. في الواقع، تؤكد المنظمة أن معظم هذه الأحكام هي “تعزيرية” أي أنها تخضع لتقدير القاضي بناءً على تفسيرات متشددة للنصوص الدينية، في تجاهل واضح لمعايير العدالة المتعارف عليها دوليًا.

لطالما بررت السلطات السعودية تنفيذ أحكام الإعدام بعبارات فضفاضة تشير إلى حماية الأمن العام واستتباب الأمن، لكن المراقبون يرون أن هذه العبارات تُستخدم لتمويه الأهداف السياسية الحقيقية وراء عمليات الإعدام.

في 2016، أقدمت السعودية على إعدام 47 شخصًا بشكل جماعي، وادعت أن الهدف هو “المحافظة على الأمن والاستقرار”، غير أن تحليلًا دقيقًا للتهم يكشف عن تناقضات صارخة، حيث شملت تلك الإعدامات أشخاصًا متهمين بتهم سياسية بحتة مثل نمر النمر، الذي أعدم لدعمه الاحتجاجات السلمية.


التبرير الأمني 

لا تتوقف السعودية عند التبرير الأمني فقط، بل تستخدم أيضًا حججًا أخرى، مثل مكافحة الفتنة والإرهاب، لتغطي على عمليات الإعدام. في مارس 2022، أعلنت السلطات السعودية إعدام 81 شخصًا في عملية إعدام جماعي أخرى، زاعمة أن هؤلاء الأفراد يشكلون تهديدًا على الأمن. 

ومع ذلك، فإن دراسة التهم الموجهة إليهم توضح أنها تنطوي على مجموعة واسعة من الأنشطة التي لا يمكن تصنيفها جميعًا ضمن الجرائم الإرهابية أو العنيفة. على سبيل المثال، تم الحكم على بعضهم بتهمة إثارة الفتنة، وهي تهمة غامضة يمكن توجيهها لأي شخص يعبر عن رأي معارض.

ترفع السعودية شعارات حماية المجتمع من الجرائم الخطيرة، إلا أن الدراسات تظهر أن عقوبة الإعدام ليست أداة فعالة للردع. رغم تنفيذ 117 عملية إعدام بتهم القتل حتى أكتوبر 2024، لا يوجد دليل قاطع على أن هذه العقوبة تقلل من معدلات الجرائم العنيفة. على العكس، شهدت دول عديدة انخفاضًا ملحوظًا في معدل الجرائم بعد إلغاء عقوبة الإعدام، ما يضع السعودية في موضع التساؤل بشأن دوافعها الحقيقية لتطبيق هذه العقوبة.

بالإضافة إلى تهم القتل، ارتفعت إعدامات تهم المخدرات بنسبة 2850% خلال عام 2024، مقارنة بالعام السابق، بعد أن كانت السلطات السعودية قد أوقفت هذه العقوبة بشكل مؤقت. 

يعود السبب في هذا التغير إلى رغبة الرياض في تعزيز قبضتها الأمنية، خاصة ضد الفئات الضعيفة والمهمشة، مثل العمالة الأجنبية التي شكلت 78% من المحكوم عليهم بالإعدام في قضايا المخدرات، كثير من هؤلاء الأجانب تعرضوا لانتهاكات جسيمة، مثل التعذيب والحرمان من الدفاع القانوني، ما يجعل محاكماتهم بعيدة كل البعد عن العدالة.

الخلاصة أنه في ظل هذا النهج القمعي، تبرز العقوبة في السعودية كأداة سياسية لتثبيت النظام وترهيب المعارضة. استخدام تهم الإرهاب والقتل والمخدرات كمبرر للإعدام يعكس واقعًا قاتمًا في المملكة، حيث يتم استغلال العدالة الجنائية لأغراض سياسية وأمنية. بدلًا من أن تسهم في تعزيز الأمن، تكرس عقوبة الإعدام في السعودية الانتهاكات الحقوقية والقمع.