تمثل العلاقات بين الإمارات وصربيا جزءاً من شبكة معقدة من التحالفات التي تبرز فيها إسرائيل كلاعب رئيسي حيث شهدت الفترة الأخيرة توقيع اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة بين الإمارات وصربيا، بعد زيارة الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان إلى بلغراد ولقائه بالرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش.

تعكس هذه الاتفاقية علاقات اقتصادية وسياسية واسعة تربط البلدين، ومن خلفهما تحالفات أوسع تضم إسرائيل، وذلك بعدما وقع البلدان، الإمارات وصربيا، اتفاقية للشراكة الاقتصادية الشاملة، وهي خطوة تهدف إلى تعزيز التجارة والاستثمار بينهما. الاتفاقية، التي جاءت بعد محادثات بين الرئيسين، تعزز التعاون الثنائي في القطاعات ذات النمو المرتفع، تشمل الاتفاقية مجالات متعددة وتساهم في تسريع الاستثمار وتعزيز تبادل المعرفة وخلق فرص جديدة للمشاريع المشتركة بين القطاع الخاص في كلا البلدين.

وتعد هذه الاتفاقية أول اتفاقية ضمن برنامج التجارة الحرة للإمارات مع دولة ليست عضواً في منظمة التجارة العالمية، وهو ما يعكس أهمية هذه العلاقة بالنسبة للطرفين. وكانت المفاوضات قد بدأت في سبتمبر 2023 بشأن هذه الشراكة الاقتصادية لتعزيز تدفقات التجارة والاستثمار الثنائية.

كما أن هذه الاتفاقية تمهد الطريق لإنشاء شبكة من الاتفاقيات التجارية التي تساعد على تسريع الاستثمار وزيادة التدفقات التجارية بين البلدين، في ظل التركيز على القطاعات ذات النمو المرتفع.

تحالف عسكري خفي عبر إسرائيل
وراء هذه الشراكات الاقتصادية تبرز علاقات أكثر تعقيداً، حيث تكشف تقارير دولية عن دور الإمارات في تعزيز التعاون العسكري بين إسرائيل وصربيا وهو ما تحدث عنه تحقيق استقصائي نشره موقع “ميدل إيست آي” البريطاني بالتعاون مع شبكة التحقيق الاستقصائية البلقانية وصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، أظهر تورط الإمارات في دعم إسرائيل عسكرياً عبر صربيا.

كما يشير التحقيق إلى أن صربيا قامت بتزويد إسرائيل بأسلحة بملايين الدولارات، بما في ذلك عبر الطائرات العسكرية والمدنية.. شركة الأسلحة الصربية “يوغوإمبورت- أس دي بي أر”، وهي من أكبر مصدري السلاح في صربيا، كانت المسؤولة عن تصدير أسلحة بقيمة 17.1 مليون دولار إلى إسرائيل خلال فترة الحرب على غزة. ويعد هذا التعاون العسكري دليلاً على تورط الإمارات في دعم إسرائيل، مما يعزز التكهنات حول وجود تنسيق سري بين البلدين في مجالات حساسة.

جدير بالذكر أنه رغم أن صربيا تمتلك علاقات تقليدية قوية مع روسيا، إلا أنها تمكنت من إقامة علاقات عسكرية وتجارية واسعة مع إسرائيل ودول الخليج. كما أن صربيا لديها تاريخ طويل في تصدير الأسلحة منذ الحرب الباردة عندما كانت جزءاً من يوغوسلافيا. في هذا السياق، عملت الإمارات على توظيف هذا التحالف لتعزيز علاقاتها مع إسرائيل، خاصة فيما يتعلق بالتعاون العسكري.

استثمارات اقتصادية وتحالفات استراتيجية
تعود العلاقات الإماراتية-الصربية إلى فترة ما بعد الأزمة الاقتصادية العالمية، حيث سعت صربيا المتعثرة اقتصادياً إلى جذب الاستثمارات الإماراتية. وفي عام 2013، أعلنت الإمارات عن صفقة سلاح مع صربيا، تضمنت تصدير عربات مصفحة وتطوير صواريخ أرض-أرض. وقدرت الصفقة حينها بحوالي 214 مليون دولار، مما يعكس قوة التحالف بين البلدين.

إلى جانب التعاون العسكري، نجحت الإمارات في تحقيق استثمارات مهمة في قطاع الطيران، حيث استحوذت على حصة كبيرة في الخطوط الجوية الصربية (إير صربيا). ورغم أن الدولة الصربية استحوذت مؤخراً على هذه الحصة الإماراتية، إلا أن العلاقات التجارية بين البلدين ظلت قوية. في عام 2022، وقعت صربيا اتفاقاً جديداً مع الإمارات لبيع “كمية مهمة من الذخيرة”، مما يعزز من أهمية هذه الشراكة العسكرية.

كما لم تقتصر العلاقات على التجارة والأسلحة فقط، بل شملت أيضاً قطاع السياحة عملت الإمارات على استثمارات جديدة في السياحة الصربية من خلال شركة مرتبطة بجاريد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وهذا يدل على أن الإمارات لا تكتفي بالتحالفات العسكرية فحسب، بل تسعى لتعزيز مصالحها الاقتصادية في دول أخرى من خلال شراكات متعددة القطاعات.

وكيل الاحتلال في المنطقة
رغم الانتقادات الواسعة التي واجهتها الإمارات بسبب تحالفها العلني مع إسرائيل، خاصة في ظل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إلا أن أبوظبي لم تظهر أي علامات على التراجع عن مسار التطبيع.

فمنذ توقيع اتفاقيات إبراهيم في عام 2020، أصبحت الإمارات حليفاً قوياً لإسرائيل في المنطقة وتبرز هذه التحالفات في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة، وهو ما تسبب في توجيه انتقادات دولية وإقليمية ضد الإمارات.
في تحليل نشرته مجموعة الأزمات الدولية، أُشير إلى أن الإمارات قد تتحول إلى “دولة منبوذة” بسبب تحالفها مع إسرائيل وتجاهلها للجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. ورغم ذلك، لا تظهر الإمارات أي نية في إعادة النظر في علاقتها مع تل أبيب، على الرغم من أن الحرب على غزة كشفت عن التكاليف السياسية لهذا التحالف.

في سياق آخر، كانت الإمارات تأمل في أن تساهم اتفاقيات إبراهيم في تعزيز نفوذها الإقليمي، خاصة في مواجهة دول مثل إيران وتركيا، غير أن التطورات الأخيرة تشير إلى أن هذه العلاقة قد تكون مكلفة على المستوى السياسي، في ظل تصاعد الانتقادات من الشعوب العربية والإسلامية.

الخلاصة أن الإمارات أصبحت مجرد جندي عند دولة الاحتلال خادم له ووكيل عنه في المنطقة العربية ومع الوقت يتم كشف خيانة نظام بن زايد الذي باع القضية الفلسطينية مقابل مصالح زائلة.