في خضم التطورات الجيوسياسية العالمية ووسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، نقلت وكالة رويترز أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يسعى لتطبيع علني للعلاقات بين السعودية وإسرائيل، إلا أنه يفضل أن يتم ذلك بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة. 

هذه الخطوة تأتي رغم الأوضاع المشتعلة في قطاع غزة نتيجة الحرب الأخيرة وما خلّفته من أزمات إنسانية، فيما تشير التقارير إلى أن محمد بن سلمان ناقش هذا الأمر بشكل متكرر مع مسؤولين أمريكيين، بما في ذلك جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

على الرغم من الأوضاع المتأزمة في المنطقة، يبدو أن هذه المفاوضات لا تزال قائمة، وتكتسب أهمية استراتيجية لكل من إدارتي بايدن وترامب، طبقا لمصادر مطلعة على المناقشات، كان كوشنر، الذي تربطه علاقة وثيقة بالمملكة، قد التقى بولي العهد السعودي محمد بن سلمان عدة مرات منذ مغادرة ترامب للبيت الأبيض.

شركات إسرائيلية بأموال سعودية
كوشنر، الذي يشغل حالياً منصب مدير صندوق الأسهم الخاصة “Affinity Partners”، استطاع الحفاظ على علاقة قوية بالسعودية، حيث استثمرت المملكة ملياري دولار في صندوقه بعد رحيله عن البيت الأبيض. رغم الغموض حول توقيت المحادثات وما إذا كانت قد جرت قبل أو بعد الصراع في غزة، إلا أنها تناولت إمكانية تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل. 

هذه الخطوة تعد هدفاً استراتيجياً لكل من الإدارتين الأمريكية الحالية والسابقة، وقد تسهم في استقرار المنطقة إذا ما تم تنفيذها بطرق مدروسة، كوشنر يتمتع بنفوذ واسع داخل الأوساط السياسية السعودية، لكن علاقاته المالية بالسعودية أثارت العديد من التساؤلات والانتقادات. 

ففي رسالة موجهة إلى صندوق كوشنر بتاريخ 24 سبتمبر، أشار السيناتور الديمقراطي رون وايدن إلى وجود تضارب محتمل في المصالح بسبب استثمارات السعودية في هذا الصندوق، وهو ما أثار قلق عدد من الخبراء في الأخلاقيات والديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء. 

ومع ذلك، نفى كوشنر وجود أي تضارب في المصالح، مشيراً إلى أن نجاحه السابق في إدارة الأزمات الدبلوماسية هو ما يدفع العديد من الأطراف للتوجه إليه للحصول على مشورته.


الانتخابات الأمريكية
تتداخل مساعي التطبيع مع إسرائيل بشكل وثيق مع الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة. يتنافس الرئيس السابق ترامب، الذي حافظ على علاقة وثيقة مع السعودية خلال ولايته، مع نائبة الرئيس كامالا هاريس في سباق يُعد من الأكثر سخونة في التاريخ الأمريكي. من المرجح أن يؤدي فوز أي من المرشحين إلى تأثير كبير على مسار المفاوضات السعودية الإسرائيلية.

خلال فترة حكم ترامب، شهدت العلاقات الأمريكية السعودية قفزة كبيرة، وكان أولى زياراته الخارجية كرئيس إلى الرياض، على الرغم من الأزمات التي شهدتها المملكة خلال تلك الفترة، بما في ذلك مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، ظل ترامب يدافع عن ولي العهد السعودي، وهو ما عزز العلاقات بين البلدين.

فيما تشير مصادر مطلعة على الاستراتيجية السعودية إلى أن ولي العهد السعودي قد يكون أكثر استعداداً لإبرام اتفاق سلام مع إسرائيل إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض. في المقابل، إذا فازت هاريس، فمن المرجح أن تستمر المفاوضات ولكن بوتيرة أكثر حذراً.

العلاقات الشخصية تلعب دوراً مهماً في هذه المعادلة. إذا عاد ترامب إلى السلطة، فإن كوشنر من المتوقع أن يشارك في المحادثات، حتى وإن كان ذلك بشكل غير رسمي. إلا أن هذا الدور قد يثير قلقاً جديداً بشأن تضارب المصالح نظراً لأن السعودية هي أحد المستثمرين الرئيسيين في صندوق كوشنر، مما يجعل أي تدخل دبلوماسي من قبله محلاً للجدل.

التوقيت يلعب دوراً حاسماً في أي خطوة نحو تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل. ورغم استعداد بعض الأطراف للمضي قدماً في هذا المسار، فإن الحرب الإسرائيلية على غزة والتداعيات الإنسانية الناتجة عنها تعقد الوضع بشكل كبير. 

كما يواجه محمد بن سلمان تحديات كبيرة في تلبية تطلعات الفلسطينيين التي تزايدت في ظل التضامن العربي والإسلامي المتنامي مع القضية الفلسطينية. من الصعب على الرياض أن تتخذ خطوة تجاه الاعتراف بإسرائيل دون تلبية بعض المطالب الفلسطينية، وهو ما قد يؤجل أي اتفاق رسمي حتى تصبح الظروف أكثر ملاءمة.

من جهة أخرى، تشير التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن هناك تفاؤلاً بإمكانية إبرام اتفاق في المستقبل القريب. في 27 سبتمبر، تحدث نتنياهو بإيجابية عن احتمال التوصل إلى اتفاق مع السعودية خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث وصفه بأنه “نعمة” للسلام في المنطقة.

الخلاصة يبدو أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يبدو انه قد قام بتقديم غزة وأهلها والقضية الفلسطينية ككبش فداء لمصالحه ومنافعه في أبهى صور الخيانة للامة العربية.