في خطوة غير متوقعة، أقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي 11 من كبار مستشاريه دفعة واحدة، في قرار صدر يوم 13 يوليو، ونفذ مطلع أغسطس، ليكشف عنه في 15 سبتمبر الجاري.

هذه الإقالات أثارت تساؤلات واسعة حول أسباب التخلص من هذا العدد الكبير من المستشارين، حيث يعكس القرار دلالات سياسية عميقة ضمن أروقة السلطة المصرية.

خلفية الإقالات

من بين الشخصيات التي شملها قرار الإقالة، تجد وزير الداخلية الأسبق أحمد جمال الدين، ووزير الداخلية الأسبق ومستشار الرئيس لشؤون مكافحة الإرهاب مجدي عبد الغفار، ورئيس هيئة قناة السويس السابق الفريق مهاب مميش، إلى جانب عدد من القيادات العسكرية والشرطية والمدنية البارزة. 

كان هؤلاء الأفراد جزءاً أساسياً من الدعم الذي حصل عليه السيسي خلال فترة الانقلاب العسكري الذي قاده في يوليو 2013 ضد الرئيس الراحل محمد مرسي.

أسباب الإقالات

التخلص من هذا العدد الكبير من المستشارين يثير تساؤلات حول أسباب هذه التحركات. بعض المراقبين يرون أن السيسي يتبع سياسة "الإقصاء الوقائي" ضد أي شخص قد يشكل تهديداً محتملاً لنظامه.

هذه السياسة تتضمن التخلص من الأفراد الذين قد يصبحون مصدر قلق سياسي أو أمني في المستقبل، وتفادي أي تحديات محتملة من داخل النظام نفسه.

في السياق نفسه، يعتبر بعض المحللين أن هذه الخطوة تعكس رغبة السيسي في تعزيز سلطته الفردية وتأكيد هيمنته على كافة جوانب السلطة.

إقالة عدد كبير من المستشارين قد تعني محاولة لتقليص عدد الأطراف التي يمكن أن تشارك في صناعة القرار، مما يعزز من سيطرة الرئيس على شؤون البلاد.

تحليل دلالات الإقالات

يرى السياسي المصري أحمد عبد العزيز أن الهدف من تعيين المسؤولين السابقين في منصب "مستشار الرئيس" بعد إقالتهم من مناصبهم الرسمية هو الاستفادة من المنح والهبات التي قد يقدمها الرئيس لهؤلاء الأفراد، مما يحافظ على وضعهم الأدبي والمعنوي إلى حد ما.

ومع ذلك، فإن الإقالة من منصب المستشار تعني عادةً فقدان الوضع الاجتماعي والهيبة التي يتمتع بها الفرد.

من ناحية أخرى، يعتبر السياسي والبرلماني المصري السابق ممدوح إسماعيل أن السيسي يتبع نهجاً نرجسياً استبدادياً، حيث يسعى للتخلص من كل من ساعده في الوصول إلى الحكم، بمجرد أن يشعر بعدم الحاجة إليهم.

هذه الاستراتيجية تشمل أيضاً التخلص من الشخصيات البارزة التي قد تعزز من موقفها وتبدأ في تشكيل تهديد محتمل للسيسي.

ردود الفعل والتداعيات

إقالة 11 من كبار مستشاري السيسي في وقت واحد تثير المخاوف من أن هذه الخطوة قد تساهم في تعزيز الاستبداد السياسي وزيادة حالة التوتر الداخلي في مصر.

المحللون يرون أن هذه القرارات قد تزيد من عدد الأعداء المحتملين داخل الدولة العميقة وبين قيادات الجيش والشرطة، مما قد يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار.

أيضاً، فإن الإقالات الكبيرة قد تعكس حالة من القلق والاضطراب داخل النظام، حيث يسعى السيسي لتأمين سلطته في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية المتزايدة. إن التوترات المستمرة والمخاوف من احتمالية حدوث انقلابات داخلية قد تكون وراء هذه القرارات المفاجئة.

ختاما ؛ قرار الرئيس السيسي بإقالة 11 من كبار مستشاريه يعكس تحولاً في الديناميات السياسية المصريةK ويشير إلى استمرار السعي لتعزيز السلطة الفردية.

كما يظهر أن السيسي يتبع سياسة "الإقصاء الوقائي" في مواجهة أي تهديدات محتملة من داخل النظام.

هذه الخطوة تبرز أهمية فهم الرموز السياسية في مصر، حيث تعكس الإقالات والتغيرات الكبيرة في المناصب العليا صراعات واهتزازات ضمن دوائر السلطة.