في تطور اقتصادي مثير للقلق، ارتفع معدل تضخم أسعار المستهلك السنوي في إسرائيل إلى 3.6% خلال أغسطس الماضي، صعوداً من 3.2% في يوليو، مسجلاً أعلى مستوياته منذ أكتوبر 2023. هذه الزيادة الكبيرة تثير القلق في وقت تعاني فيه السوق من نقص في سلع حيوية وأزمات في قطاعات مختلفة.

ارتفاع غير مسبوق في الأسعار
وفقاً للبيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الإسرائيلي، فقد شهد أغسطس ارتفاعاً ملحوظاً في مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 0.9% على أساس شهري، متجاوزاً توقعات المحللين التي كانت تشير إلى زيادة قدرها 0.5%.

الزيادة الملحوظة في الأسعار شملت الخضروات الطازجة، التي ارتفعت بنسبة 13.2%، نتيجة لاستمرار أزمة الملاحة في البحر الأحمر والتي أثرت على إمداداتها. كما سجلت أسعار النقل زيادة بنسبة 2.8%، في حين سجلت مجموعات أخرى زيادات متباينة.

أسعار المساكن أيضاً شهدت ارتفاعاً بنسبة 0.9% على أساس شهري، وهي الزيادة الثامنة على التوالي، بينما بلغت الزيادة السنوية 5.8%. هذا الارتفاع في أسعار المساكن يأتي في سياق عمليات النزوح من الشمال بسبب النزاع مع لبنان والنزوح المستمر منذ أكتوبر 2023 بسبب الحرب على قطاع غزة.

تداعيات الحرب في غزة وأزمة البحر الأحمر

تسهم الأزمة في البحر الأحمر في تفاقم مشاكل الإمدادات، مما يزيد من صعوبة تلبية الطلب على السلع الأساسية. علاوة على ذلك، تعرّضت السفن الإسرائيلية والمرتبطة بها لتهديدات من الحوثيين الذين هاجموا سفن الشحن في البحر الأحمر والعربي. الحوثيون أعلنوا أنهم سيواصلون توسيع ضرباتهم لتشمل السفن المرتبطة بإسرائيل المارة في المحيط الهندي عبر طريق رأس الرجاء الصالح، مما يضيف ضغوطاً إضافية على التجارة الدولية والإمدادات.

التحديات الاقتصادية والمصرفية

مع تسجيل نسب تضخم مرتفعة تتجاوز الهدف المحدد لبنك إسرائيل البالغ 3%، تواجه الحكومة والبنك المركزي أزمة في تحفيز الاقتصاد. من جهة، يسعى البنك المركزي للحفاظ على التضخم ضمن نطاق السيطرة، مما يتطلب رفع أسعار الفائدة. من جهة أخرى، يتطلب التحفيز الاقتصادي خفض أسعار الفائدة، مما يخلق توازناً صعباً بين الحفاظ على استقرار الأسعار وتحفيز النمو الاقتصادي.

الوضع الاقتصادي في غزة: أزمات متفاقمة

وفي الوقت نفسه، تستمر الأزمة الاقتصادية في قطاع غزة، حيث يعاني السكان من تضخم غير مسبوق جعل غزة واحدة من أغلى الأماكن في العالم من حيث تكلفة المواد الأساسية. وفقاً لمقال نشرته صحيفة "صندي تايمز" البريطانية، ارتفعت أسعار الحمير من 500 جنيه إسترليني إلى 3,000 جنيه إسترليني، وسعر الوقود وصل إلى 17 جنيها إسترلينيا للتر، بعد أن كان 28 جنيها إسترلينيا في ذروته. كما سجل سعر كيلو البطاطا 115 جنيها إسترلينيا، بينما أصبح سعر السيجارة الواحدة 12 جنيها إسترلينيا.

التقرير، الذي أعده الأطباء البريطانيون فيكتوريا روز وغرايم غروم، وصف الوضع الاقتصادي في غزة بأنه يعاني من "التضخم الخارج عن الخيال"، مما يعكس مدى الصعوبات الاقتصادية الكبيرة التي تواجهها المدينة تحت الحصار والحرب.

التأثيرات الإنسانية

التقرير يسلط الضوء على الوضع الإنساني المأساوي في غزة، حيث تعاني المنطقة من نقص حاد في الغذاء والماء والوقود، مما يؤدي إلى تفشي الأمراض وسوء التغذية. الأطباء الذين عملوا في مستشفى ناصر بغزة أشاروا إلى أن الوضع يتسم بالعدوانية والظروف غير الإنسانية، حيث يعيش الفلسطينيون في حالة من الخوف المستمر من الهجمات.

إضافة إلى ذلك، يعاني القطاع الصحي من ضغط هائل بسبب نقص الأدوية والإمدادات الطبية، مما يزيد من معاناة المرضى. الوضع في غزة يعكس حجم الأزمة الإنسانية التي تواجهها المنطقة، مع ارتفاع معدلات الإصابة والوفيات نتيجة للنزاع المستمر.

ختاما ؛ الأزمة الاقتصادية في إسرائيل، بما في ذلك ارتفاع معدلات التضخم، تعكس تحديات كبيرة تواجهها الحكومة في محاولة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي. في المقابل، الأوضاع في غزة تظهر أزمة إنسانية متفاقمة تتطلب استجابة عاجلة من المجتمع الدولي لمساعدة السكان المتضررين وتخفيف معاناتهم. في ظل هذه الظروف الصعبة، يتعين على كل من إسرائيل والمجتمع الدولي العمل على تقديم الدعم اللازم لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والإنساني في المنطقة.